اختبار جديد للحل الدبلوماسي بين بلينكن ولافروف الخميس

واشنطن تحذّر رعاياها من الأماكن المكتظة في روسيا وتتوقع استهداف مدن أوكرانيا

TT

اختبار جديد للحل الدبلوماسي بين بلينكن ولافروف الخميس

راقب المسؤولون الأميركيون بقلق خلال الساعات القليلة الماضية استمرار الحشود العسكرية الروسية وغيرها من الإجراءات التي تتخذها موسكو، وسط مساعٍ دبلوماسية استثنائية للحيلولة دون غزو روسيا لأوكرانيا قبل الاجتماع المرتقب لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بعد غد الخميس في جنيف، بينما حضت الولايات المتحدة رعاياها على تجنب الأماكن المكتظة في روسيا، التي «تستعد» لمهاجمة المدن الرئيسية في أوكرانيا.
ويأمل المسؤولون الأميركيون في توصل كبيري الدبلوماسيتين الأميركية والروسية إلى صيغة متوافق عليها «دبلوماسياً» حول الأمن الأوروبي يمكن أن تعرض على الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين خلال القمة التي اتفق «مبدئياً» على عقدها إذا لم تنفذ روسيا عملية عسكرية ضد أوكرانيا.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «بلومبرغ» عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة أبلغت الحلفاء أن مدناً تشمل العاصمة كييف ومدن خاركيف شمالاً ولاوديسا وخيرسون جنوباً «يمكن استهدافها في غزو محتمل، موضحين أن وجهة نظر الولايات المتحدة يحددها نوع القوات الروسية المحتشدة حالياً قرب أوكرانيا وما هي قدراتها. ورغم أن المصادر لم تستطع تحديد ما يمكن أن تتضمنه الهجمات المحتملة، فإن أحدها أكد أن الاستخبارات الأميركية تعتقد أن غزواً واسع النطاق سيشمل الدعم الجوي والاضطرابات السيبرانية.
وقللت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا شأن تقرير «بلومبرغ»، مشيرة إلى أن الشبكة «نشرت بالفعل العديد من المقالات حول الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا أو عدم غزو أوكرانيا». وقالت: «هذه المعلومات لم تثبت دقتها أبداً. نفاها الجانب الروسي ودحضها بشكل مباشر من خلال الأحداث اللاحقة»، مضيفة أن «بلومبرغ تستخدم» من الاستخبارات الأميركية و«تنشر معلومات مضللة عن عمد».
ودعت السفارة الأميركية لدى روسيا الأميركيين إلى تجنب الأماكن المزدحمة والاطلاع على محيطهم والبقاء متيقظين في المناطق السياحية الشعبية و«وضع خطط إخلاء لا تعتمد على مساعدة الحكومة الأميركية». وأوضح التحذير أنه «كانت هناك تهديدات من هجمات ضد مراكز التسوق ومحطات السكك الحديدية ومترو الأنفاق وأماكن التجمعات العامة الأخرى في المناطق الحضرية الرئيسية، بما في ذلك موسكو وبطرسبرج وكذلك في مناطق التوتر المتصاعد على طول الحدود الروسية مع أوكرانيا».
وجاء الإنذار بعد يومين من إعلام الرئيس جو بايدن أنه «مقتنع» بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «اتخذ القرار» بغزو أوكرانيا.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت سابقاً إخلاء السفارة الأميركية في كييف وسط تقارير في شأن غزو روسي، ثم أعلنت إغلاقها ونقل العمليات إلى مدينة لفيف القريبة من الحدود مع بولونيا.
وكذلك حذرت السفيرة الأميركية لدى أوكرانيا كريستينا كفين من أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون «كارثياً»، معبرة عن خشيتها من سقوط عدد كبير من الضحايا من كلا الجانبين. وقالت إن الغزو سيكون «كارثياً بالنسبة لأوكرانيا بالطبع، مع احتمال وقوع آلاف الضحايا، ولكنه أيضاً كارثي بالنسبة لروسيا، ليس فقط لأن أوكرانيا ستقاتل وستواجه روسيا خسائر أيضاً، ولكن لأن روسيا ستواجه عقوبات مدمرة من الولايات المتحدة وشركاء آخرين وحلفاء إذا سلكوا هذا الطريق».
في غضون ذلك، أبلغت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة في جنيف بثشبا كروكر مجلس حقوق الإنسان أن لدى واشنطن معلومات حول إعداد روسيا لقائمة بالأوكرانيين «الذين سيتم قتلهم أو إرسالهم إلى معسكرات بعد الاحتلال العسكري».
ووفقاً للرسالة التي قدمتها الدبلوماسية الأميركية وكشفت مضمونها صحيفة «الواشنطن بوست» فإن المعلومات الاستخبارية الأميركية تشير إلى أن روسيا ستتسبب بـ«معاناة إنسانية واسعة النطاق» في حال غزت أوكرانيا. وكتبت كروكر: «أود أن ألفت انتباهكم إلى المعلومات المزعجة التي حصلت عليها الولايات المتحدة أخيراً والتي تشير إلى أنه يجري التخطيط لانتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان في أعقاب غزو آخر»، مضيفة أن هذه الأعمال تتضمن «عمليات قتل مستهدفة، وخطف وإخفاء قسري، واعتقالات جائرة، واستخدام التعذيب». ورجحت أن «تستهدف أولئك الذين يعارضون الإجراءات الروسية»، موضحة أن «لدينا معلومات موثوقة تشير إلى أن القوات الروسية تعمل على إعداد قوائم بأسماء الأوكرانيين الذين تم تحديدهم لقتلهم أو إرسالهم إلى المعسكرات في أعقاب الاحتلال العسكري»، فضلاً عن «معلومات موثوقة تفيد بأن القوات الروسية ستستخدم على الأرجح إجراءات مميتة لتفريق الاحتجاجات السلمية أو مواجهة التدريبات السلمية للمقاومة المتصورة من السكان المدنيين».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».