«11:11»... سرد جريء لحكايات تقليدية مصرية

TT

«11:11»... سرد جريء لحكايات تقليدية مصرية

«تتغير حياتنا في لحظة، بين السعادة والحزن، وحين ندرك أن كل اختيار له ثمن، وقتها فقط سوف نتأكد أنه لا شيء يحدث بالصدفة»، هكذا يأتي صوت الراوي في نهاية فيلم «11:11» ليؤكد ما يرمي إليه العمل، كما جاء في العبارة التي دونها تحت عنوانه «لا شيء يحدث بالصدفة».
هذا الفيلم الذي انطلق عرضه قبل أيام بدور السينما بالقاهرة، ضمن موسم إجازة نصف العام الدراسي، الذي يشهد عودة التنوع للسينما المصرية، عبر أفلام اجتماعية وكوميدية، ويجسد أدوار البطولة في الفيلم غادة عادل، وإياد نصار، ومحمد الشرنوبي، بجانب عمر الشناوي، معتز هشام، نور إيهاب، وضيفة الشرف إنجي المقدم، ومن إخراج كريم أبو زيد في أولى تجاربه الروائية الطويلة، ومأخوذ عن رواية لياسر عبد الباسط الذي كتب له السيناريو والحوار أيضاً.
تدور أحداثه في إطار من الغموض والإثارة، من خلال 4 قصص مختلفة تتقاطع في مكان وزمن واحدين وموقف مثير يقع في توقيت محدد، تلعب الساعة دوراً في مشاهد الفيلم الذي يطرح سؤالاً مهماً: هل ما يحدث في حياتنا صدفة أم قدر؟
يبدأ الفيلم بمشهد لـ«غالية الميرغني» التي تجسدها غادة عادل، التي ترقد بالمستشفى بعد فشل محاولة جديدة للإنجاب عبر التلقيح الصناعي، لكنها تقرر خوض التجربة مجدداً، يحذرها الطبيب من أن نسبة نجاح العملية لا تتجاوز 10 في المائة، لكنها لا تتراجع في ظل رغبات زوجها (عمر الشناوي) في أن يكون لديه طفل، وفي ظل إلحاح والدته التي حذرته من الزواج بمن تكبره سناً.
مشوار تقطعه «غالية» للذهاب بمفردها إلى الطبيب لإقناعه بتكرار التجربة، وخلال وقت الانتظار بالعيادة، تتجه إلى «كافيه» لتتقاطع قصتها مع ثلاث حكايات أخرى.
لا يعتمد الفيلم السرد المعتاد، لكنه يقدم موضوعه في قالب مختلف وجديد، ويجسد إياد نصار شخصية «المحامي سعيد» الذي يواجه أزمة تعصف بحياته حين تكتشف زوجته (إنجي المقدم) خيانته لها مع زميلته بالمكتب الذي تمتلكه الزوجة، تواجهه بذلك وتطلب الطلاق، تدفعه أزماته معها ومع طفلهما إلى محاولته الانتحار بإطلاق الرصاص على نفسه في السيارة، يقع هذا الحدث الساعة 11 و11 دقيقة، في هذا التوقيت يوجد ثلاثة من أبطال العمل، ليطرح لنا الفيلم على طريقة «ماذا لو»، فماذا يمكن أن يحدث لو أن أحدهم تأخر دقيقة عن ذلك التوقيت الذي أطلق فيه الرصاص، أو قام آخر بتغيير مكانه، وكيف كان للرصاصة أن تصيب شخصاً آخر، لذلك تكررت المشاهد نفسها بالحوار نفسه، من زوايا مختلفة للحدث.
إلى ذلك، تستحوذ قصة «زين» التي يقدمها الفنان الشاب محمد الشرنوبي على أحداث الفيلم بشكل كبير، حيث تعيش والدته المريضة بألزهايمر معه، وتقوم زوجته (هند عبد الحليم) برعايتها، لكنها تضيق بهذا الدور بعد أن تعرض طفلها للخطر، وتطالب الزوج بوضع أمه في إحدى دور الرعاية، يرفض زين بشكل مطلق التخلي عن أمه، ويرفض المفاضلة بين حياته مع زوجته من جهة ووالدته المريضة من جهة أخرى، فيما تبدو حكاية معتز هشام ونور إيهاب غير مكتملة، حيث تجمعهما قصة حب في الجامعة، رغم الفوارق الطبقية، فهو ينتمي لعائلة فقيرة ويساعد والده في الكشك الذي يعمل فيه لإعالة أطفاله. ويرى الناقد الفني المصري، أندرو محسن، أن فكرة الفيلم من الممكن أن يتقبلها الجمهور الذي قد يقبل أساليب مختلفة في السرد، مثلما حدث في فيلم «ألف مبروك» لأحمد حلمي، مضيفاً في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أنه «قد يصيب المشاهد في البداية حالة من عدم الفهم ثم تتضح الفكرة تدريجياً، لكن الملاحظة الكبيرة هنا أن طريقة السرد رغم اختلافها جاءت في سياق حكايات معتادة لا تحمل جديداً، مثل الرجل الذي يخون زوجته، والمرأة التي لا تنجب، ومن يعاني مع والدته المريضة بألزهايمر، فطوال الفيلم نلاحظ سرداً مختلفاً في حواديت مستهلكة».
أداء أبطال الفيلم تفاوت في المستوى، وشهدت انفعالات إياد نصار في مواجهة زوجته بعض المبالغات، بينما أدت الممثلة زينب يوسف شخصية مريضة ألزهايمر بشكل مقنع للغاية، حسب محسن الذي يرى أن إنجي المقدم قدمت دورها بشكل جيد، لكن إياد نصار لم يقدم جديداً، ومحمد الشرنوبي أخذ مساحة أكبر من بطلي الفيلم من دون مبرر، فقد طرح السيناريو أزمته أكثر من مرة، ولم يكن الشرنوبي في أفضل حالاته كممثل، لكن من الناحية التقنية جاء تصوير الفيلم بشكل جيد، وهو أمر يحسب للمخرج ومدير التصوير، حيث أجادا اختيار أماكن التصوير، لكن الجرأة في السرد كان يجب أن يتم توظيفها بشكل أفضل.
يسعى المخرج في عمله الأول غالباً لاستعراض قدراته وإثبات موهبته، إلا أن المخرج كريم أبو زيد، حسب الناقد أندرو محسن، الذي يضيف: «المخرج كان يرغب في خوض مغامرة مختلفة، فهو لم يلجأ إلى الاستسهال وتقديم فيلم أكشن أو كوميدي وهي الأكثر جذباً للجمهور، بل أراد خوض تجربة مختلفة، هذا الاختيار من الممكن أن يتأكد بشكل أكبر مع أعمال أخرى تتوافر لها رؤية جديدة»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

يوميات الشرق تتيح العروض للزوار مشاهدة الأفلام تحت السماء المفتوحة (الشرق الأوسط)

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

أطلقت «سينما 70» عروضها السينمائية المفتوحة في الهواء الطلق ضمن فعاليات «مهرجان التلال العجيبة» في مدينة الجبيل الصناعية (شرق السعودية).

«الشرق الأوسط» (الجبيل الصناعية)
يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.