انتقادات سياسية لـ«حزب الله» بعد تحليق مسيّراته فوق إسرائيل

جنبلاط يسخر ونائب في «القوات اللبنانية» يعدها «مسيّرة من إيران»

جندي إسرائيلي خلال قيامه بدورية على الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي خلال قيامه بدورية على الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

انتقادات سياسية لـ«حزب الله» بعد تحليق مسيّراته فوق إسرائيل

جندي إسرائيلي خلال قيامه بدورية على الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي خلال قيامه بدورية على الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)

سخر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، من الطائرات المسيّرة التي أعلن «حزب الله» عن إنتاجها، وسط انتقادات متواصلة للحزب؛ أبرزها من حزب «القوات اللبنانية» الذي قال نائب عنه إن أمين عام الحزب حسن نصرالله، مثل الطائرات بدون طيار، «مسيرة من إيران».
وأعلن «حزب الله»، أول من أمس، عن إرسال طائرة مسيّرة حلقت فوق شمال إسرائيل لمدة أربعين دقيقة، وقطعت مسافة 70 كيلومتراً، وعادت إلى لبنان وسط استنفار إسرائيلي، رد عليه سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ غارات صوتية فوق بيروت أرعبت السكان. وجاء الإعلان عن تحليق الطائرة غداة إعلان إسرائيل عن إسقاط مسيرة أخرى يوم الخميس، وبعد يومين على إعلان «حزب الله» عن إنتاجه لتلك المسيّرات في لبنان.
وقال جنبلاط في تغريدة على حسابه في «تويتر»، ساخراً من فشل قطاع الكهرباء في لبنان وإنتاج «حزب الله» للمسيّرات، «خطة النهوض مع صندوق النقد الدولي تتوضح، وقد أوصى كبار المستشارين من الفريق اللبناني بتبني الليرة واستثمارها في شركات وطنية مثل كهرباء لبنان المثل الأعلى للنجاح». وأضاف: «أقترح توظيف أموال المودعين في قطاع الطائرات المسيّرة المصنوعة محلياً أو الصواريخ أو المتفجرات ففيها مردود أفضل».
وتعرض «حزب الله» لانتقاد خصومه السياسيين في لبنان، جراء إطلاق المسيّرات، والإعلان عن إنتاجها. وقال الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، «تحت عنوان (صنع ‏في لبنان)، وفي ظل تعثر صناعة الأمل ولقمة العيش والطاقة الأصلية والبديلة، ‏تزدهر في الوطن المأزوم صناعة المسيّرات والصواريخ الدقيقة والكبتاغون ‏والنفايات الأزلية والضرائب وطباعة الليرة الممنوعة عن الناس والضرائب ‏وقوانين المسخ الانتخابية… وكل ما يسرع الارتطام بقعر ما بعد القعر». ‏
وأضاف: «مع هذا وفي ظل التخبط ما بين السياسة والقضاء والملاحقات الملتبسة ‏والترسيم تحت الماء، تبرز في اليوم السابع نقطة ضوء تذكيرية تجسدت في ‏الملاحقات القضائية التي أطلقها وزير الداخلية بحق الناشطين البحرينيين الممانعين ‏لتحييد لبنان بدعم فريق داخلي يتوسل زجه في آتون صراعات المحاور تحت ‏عنوان الحريات». ‏وانسحب الانتقاد على حزب «القوات اللبنانية»، حيث نشر عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عماد واكيم، عبر حسابه في «تويتر»، صورة لأمين عام «حزب الله» كُتب عليها: «كما الطائرات كذلك نصرالله… مسيّر من إيران»، وعلق بالقول: «قصتنا في لبنان مع الطائرات المسيّرة»، في إشارة إلى أن قرار نصرالله بتطيير المسيّرات باتجاه إسرائيل هو قرار إيراني.
ووصف زميله في الكتلة النائب وهبي قاطيشا، مسيرات «حزب الله» بأنها «ألعاب بالمعنى الاستراتيجي»، ورأى أن «موازنة الردع مع إسرائيل بواسطة مسيرات (حزب الله) أكذوبة لا يقبضها إلا البسطاء». وأضاف: «كفوا عن تضليل السذج».
من جانبه، رأى العميد المتقاعد من الجيش اللبناني جورج نادر، المرشح للانتخابات على قوائم المعارضة، أن «الدولة سقطت وهناك حالة انحلال ولا مبالاة». وسأل أمين عام «حزب الله»: «ما هو موقفكم من ترسيم الحدود ومن الصفقة على حساب لبنان ومن يحمي لبنان واللبنانيين من الجوع والعوز؟» ورأى، في حديث إذاعي، أن الحزب «يشد عصب جمهوره في عملية إرسال المسيّرات إلى إسرائيل».
في المقابل، دافع الحزب عن إرسال المسيّرات، وقال النائب عنه علي فياض، إن «تراكم القوة» لدى الحزب و«تثبيته لمعادلات الردع وتطوير هذه المعادلات بحيث باتت تغطي البر والبحر والجو، هي الحقيقة التي ستفرض على الإسرائيلي التراجع، وبالتالي إعادة سيادة لبنان على ثرواته في البحر، وهي التي ستفرض عليه لحظة الاندحار عما تبقى من أرض لبنانية محتلة». وقال إن «المسألة مسألة وقت، وهي نتاج موازين القوى بيننا وبين العدو الإسرائيلي، وهي موازين قوى آخذة يوماً بعد يوم في الميل لصالح المقاومة، لأن العدو عاجز عن التكيف مع قواعدها ومنطقها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».