«تحرير الشام»: إخلاء البيوت في إدلب ليس حملة على «المهاجرين»

مقاتلون من «كتائب المقاومة الشعبية» خلال استعراض يوم الخميس في إدلبعقب دورة تدريبية بحضور رئيس «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (د.ب.أ)
مقاتلون من «كتائب المقاومة الشعبية» خلال استعراض يوم الخميس في إدلبعقب دورة تدريبية بحضور رئيس «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (د.ب.أ)
TT

«تحرير الشام»: إخلاء البيوت في إدلب ليس حملة على «المهاجرين»

مقاتلون من «كتائب المقاومة الشعبية» خلال استعراض يوم الخميس في إدلبعقب دورة تدريبية بحضور رئيس «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (د.ب.أ)
مقاتلون من «كتائب المقاومة الشعبية» خلال استعراض يوم الخميس في إدلبعقب دورة تدريبية بحضور رئيس «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (د.ب.أ)

أصدرت «هيئة تحرير الشام»، صاحبة النفوذ العسكري الأكبر في شمال غربي سوريا، بياناً أمس (السبت)، شرحت فيه سبب مطالبتها بإخلاء بعض المنازل والبيوت في مدينة إدلب، وإخراج المقاتلين الأجانب منها، مشيرة إلى أنها لا تستهدف «المهاجرين» الذين التحقوا بالثورة السورية؛ لكنها تحدثت في الوقت ذاته عن «استغلال بعض هذه البيوت من قبل فئة ارتكبت مخالفات جنائية أو جرائم أمنية». وجاء التوضيح عقب تداول أنباء عن إبلاغ «الهيئة» عدداً من «المهاجرين» الذين يسكنون في إدلب وفي بعض المدن الكبيرة في ريفها، بضرورة إخلاء مقرات إقامتهم خلال فترة محددة، والتضييق عليهم.
وقالت «الهيئة» في البيان الذي نشرته مؤسسة «أمجاد» الإعلامية، التابعة لـ«هيئة تحرير الشام»، إن «قرار إخلاء البيوت والمنازل في مدينة إدلب (يشمل) جميع عناصر الفصائل، ولا يخص فئة معينة أو جنسية محددة، ويشمل كل من يقطن في هذه البيوت؛ سواء كان منتسباً لفصيل من الفصائل أو لا، بما فيها عناصر (هيئة تحرير الشام)، ولا يستثنى منه أحد».
وأوضحت أن «قرارات الإخلاء صادرة من الجهات المختصة في محافظة إدلب منذ عدة أشهر؛ حيث تم تبليغ جميع القاطنين في البيوت، ولكن بعضهم لم يستجب لقرار الإخلاء، والكثير من البيوت التي شملها القرار (ملك عام)، ومنها ما هو (ملك خاص) يطالب مالكوها بها، وثمة دعاوى بذلك ينظر فيها القضاء بالمحاكم المختصة».
ولفت البيان إلى أن «الجانب الأهم في ذلك هو استغلال بعض هذه البيوت من قبل فئة ارتكبت مخالفات جنائية أو جرائم أمنية، وعليها شكاوى سابقة وحالية، وربما لا يكون البعض ضالعاً بأي جرم أو مخالفة؛ لكن شمله قرار الإخلاء، وستسعى الجهات المعنية لإيجاد بدائل لبعض هذه الشرائح، وخصوصاً المحتاجين منهم، وفق الإمكانات المتاحة، وإن الجميع يعيش في المناطق المحررة تحت قيادة تحفظ كرامتهم وتصون أعراضهم، باختلاف انتماءاتهم وأعراقهم»، حسب قولها.
وكانت مواقع عدة وصفحات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، تداولت مؤخراً أنباء عن إبلاغ «هيئة تحرير الشام» عدداً كبيراً من عناصر الفصائل والمهاجرين الذين يسكنون في مدينة إدلب وريفها وبعض المدن الكبيرة، بضرورة إخلاء المنازل التي يقيمون فيها خلال فترة محددة. وشمل التبليغ أيضاً عائلات بعض من العناصر من المهاجرين المعتقلين لديها، في ظل تداول اتهامات بأن «هيئة تحرير الشام»، الواسعة النفوذ في محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية، تتبع سياسة ممنهجة للتخلص من المهاجرين الأجانب؛ لكن الهيئة نفت ذلك، حسب مصادر مقربة منها ومنصاتها الإعلامية.
وأطلقت «تحرير الشام» في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حملة عسكرية وأمنية واسعة ضد عناصر مطلوبين للقضاء، ضمن فصيلي: «جنود الشام» بقيادة مسلم الشيشاني، و«جند الله» بقيادة «أبو فاطمة» (تركي الجنسية) في مناطق غرب إدلب (جسر الشغور ومحيطها)، وأعقبها حينها اشتباكات عنيفة بين الطرفين، انتهت بسيطرة «تحرير الشام» على مناطق جسر الشغور ومحيطها، وقرى زيتونة واليمضية وجبل التركمان شرق اللاذقية. وسقط في تلك المواجهات مع فصيلَي «جنود الشام» و«جند الله» أكثر من 24 عنصراً من الطرفين بين قتيل وجريح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.