باحثة فرنسية تعيد تقديم المرأة السعودية للعالم بـ{نساء ملهمات»

كاربنتييه لـ «الشرق الأوسط» : بعد كتابي عن نساء المملكة سأنتج فيلماً وثائقياً

الباحثة الفرنسية كارولين كاربنتييه
الباحثة الفرنسية كارولين كاربنتييه
TT

باحثة فرنسية تعيد تقديم المرأة السعودية للعالم بـ{نساء ملهمات»

الباحثة الفرنسية كارولين كاربنتييه
الباحثة الفرنسية كارولين كاربنتييه

تغير الزمن، وبدأت النساء في السعودية يساهمن بشكل كبير جداً في المجتمع. ولا بد من الإشارة إلى أنه حتى قبل 20 عاماً، كانت هناك نساء قويات ونماذج يحتذى بهن إذ ألهمن الأجيال الجديدة. هكذا تقول الباحثة الفرنسية كارولين كاربنتييه، عن المرأة السعودية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط».
ومن الرياض، جالت كاربنتييه مع الجهات المختصة في المملكة ومع نساء سعوديات كثيرات، لتقديمهن مرة أخرى للعالم الذي لم يكتشفهن بشكل صحيح بعد.
رصدت كاربنتييه ما اكتشفته عن المرأة السعودية، في كتاب وصفته بأنه إعادة تعريف بها، استجابة لجمهور دولي غير مطلع على حضورها القوي في التاريخ والجغرافيا والمجتمع والعلوم والحضارة والثقافة وفي عوالم الإنسانية. ولكاربنتييه تاريخ طويل مع المملكة، فقد زارتها لأول مرة في عام 2001.
قالت كاربنتييه: «على مر السنين، شاهدت مساهمة المرأة السعودية ودورها المتنامي في مختلف قطاعات الأنشطة. وبصفتي باحثة ورائدة أعمال وامرأة، لدي دائماً اهتمام بتمكين المرأة. ولعدة سنوات كنت أفكر في تخصيص كتاب للمرأة السعودية تحديداً، وكيف أنها جزء من تطور المملكة... لماذا؟ لأنه في فرنسا والعالم الغربي بشكل عام، لا يوجد وعي على الإطلاق بدور المرأة السعودية». وأضافت، «عندما يكتشفون أنني عشت في السعودية، يستمر الناس في طرح أسئلة مثل: «لا بد أن الأمر صعب على المرأة هناك»، «أمور كثيرة لا تستطيع المرأة أن تقوم بها»، وغيرها من الأسئلة. وهذا الكتاب عن المرأة السعودية هو للإجابة على جمهور دولي غير مطلع على وضع المرأة في المملكة. فكتابي (نساء ملهمات - المملكة العربية السعودية)، سيكون عبارة عن تجميع لحوالي 50 إلى 80 ملفا شخصيا كونت من المقابلات، لتسليط الضوء على أنشطة المرأة المختارة ودورها وتطلعاتها وتوقعاتها وإسهاماتها».
وزادت الباحثة الفرنسية، «إنه أكثر من مجرد كتاب، فهو يتضمن صوراً لقطع فنية لفنانات سعوديات. ونخطط لإنشاء موقع إلكتروني مخصص، لإنتاج مقاطع فيديو مصغرة، وأيضاً لإنتاج فيلم وثائقي والاستمرار في توليد المعلومات عن أنشطة المرأة. كما نخطط لإطلاق الكتاب في أماكن مختلفة في المملكة وخارجها، لنشر الوعي في كيفية تأثر المرأة في المملكة بشكل إيجابي بالتغييرات وبرؤية 2030».
وتعتقد كاربنتييه بأهمية تعزيز تطور المملكة من خلال زاوية عيون النساء السعوديات، ومنحهن منبراً لشرح خلفيتهن وكيف يتناسبن مع هذه التغييرات الهائلة.
وتتابع كاربنتييه قائلة «مكثت هنا لبضعة أيام لتقديم مشروع كتابي ومشاهدة ردود الفعل. بصفتي مواطنة فرنسية، اتصلت بالسفير الفرنسي م. لودوفيك بوي والقسم الثقافي في السفارة الذين يدعمونني كثيراً. كما قدمت مبادرتي إلى العديد من الأصدقاء والمسؤولين السعوديين للحصول على ملاحظاتهم واقتراحاتهم. يجب أن أقول إنني سعيدة جداً بالدعم والحماس اللذين يخلقهما هذا المشروع». وزادت، «سأعود إلى فرنسا الآن وسأبدأ في إجراء مقابلات مع النساء - إرسال أسئلة أو مقابلات Visio - للعثور على نغمة الكتاب وتحرير العديد من الملفات الشخصية لإظهار كيف سيبدو. كانت أهدافي دائماً هي إظهار المملكة التي أعرفها، ومشاركة تجربتي وإبراز جوانبها الإيجابية. وتعزيز دور المرأة هو مهمة لإبلاغ الجمهور الدولي عن جانب من جوانب المملكة لا يعرف عنها إلا القليل جداً».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».