قوى لبنانية تتهم عون بمحاولة تأجيل الانتخابات

بسبب دعوته المتأخرة إلى اعتماد مراكز الاقتراع المحلية

الرئيس ميشال عون مترئساً جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الثلاثاء (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مترئساً جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الثلاثاء (دالاتي ونهرا)
TT

قوى لبنانية تتهم عون بمحاولة تأجيل الانتخابات

الرئيس ميشال عون مترئساً جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الثلاثاء (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مترئساً جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الثلاثاء (دالاتي ونهرا)

استغرب كثير من القوى السياسية اللبنانية التوقيت المتأخر لدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاعتماد «الميغاسنتر» أي مراكز اقتراع كبيرة تمكن الناخبين من الاقتراع في أماكن سكنهم، قبل 3 أشهر فقط على موعد الانتخابات.
ففيما هناك شبه إجماع على أن الطرح إصلاحي ومن الواجب السير به، اعتبر أخصام عون أن دعوته جاءت متأخرة وقد يكون هدفها السعي لتأجيل الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل.
واعتبر عون خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت الثلاثاء الماضي أنه «لا بد من اعتماد (الميغاسنتر) لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي من دون أن يضطروا إلى الانتقال إلى بلداتهم وقراهم البعيدة عملياً عن أماكن إقامتهم، خصوصاً في هذه الظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد».
ومن المرتقب أن يُعد وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي دراسة حول إمكانية اعتماد هذه المراكز، بعد طلب رئيس الحكومة منه ذلك. وكان مولوي قال الشهر الماضي إن «موضوع الميغاسنتر مستحيل حاليا، فهو بحاجة إلى قوانين وإلى تطبيق وإلى شبكة اتصال خاصة وشركات وبطاقات ممغنطة، وهو ما كان يجب أن يحصل فور انتهاء الانتخابات السابقة في العام 2018».
ويشدد عضو تكتل «لبنان القوي» المؤيد لرئيس الجمهورية النائب آلان عون على أن «مطلبنا لاعتماد الميغاسنتر قديم ودائم وهو حتماً لا يؤثر على موعد الانتخابات. فإما لدى وزارة الداخلية القدرة لتنظيمها أو لا دون أن يكون موعد الانتخابات خاضعاً للتعديل أو المساومة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا شك لم يعد من وقت لاعتماد ميغاسنتر مع تصويت إلكتروني لأنه لا قدرة على تجهيز مراكز الاقتراع بشبكة مترابطة مناطقياً ومركزياً، أو اعتماد وسيلة البطاقة الممغنطة فقد فات الأوان لكل تلك التقنيات. ولكن ما نطرحه هو اعتماد ميغاسنتر مع تسجيل مسبق على غرار ما يحصل مع المغتربين، فيتم اعتماد مراكز اقتراع ضخمة في بيروت وسواحل أقضية جبل لبنان بما أن محافظتي بيروت وجبل لبنان هما الأكثر كثافة سكانياً، وقد لا تتعدى هذه المراكز الـ 10 أو الـ 12 مركزاً مثلاً». ويضيف «على أن يُفتح الباب خلال فترة زمنية لا تتعدى أسبوعين للناخب في أن يختار مكان التصويت، ومن يختار من الناخبين التصويت في الميغاسنتر القريب من مكان سكنه، يشطب من القوائم الانتخابية في بلدته تماماً كما يحصل مع المغتربين»، مؤكدا أن «هذه العملية لا تسيء إلى الانتخابات بل بالعكس فهي ستعزز مشاركة الناخبين، خاصة في ظل تكلفة نقل عالية قد تحول دون ذهابهم إلى قراهم للتصويت».
ولفت أمس تساؤل أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن عن خلفية إعادة طرح الميغاسنتر من جديد، «خصوصاً بعدما أقفلت الأبواب والنوافذ بوجه تمرير اقتراح قانون لإسقاط حق المغتربين بالتصويت، وبعدما اتخذ القرار لتوفير اعتمادات الانتخابات»، مضيفا «يكفي مناورات وبدع. بدأت لحظة الحقيقة تقترب فاستعدوا لها بدل الهلع ومحاولات الهروب إلى الأمام».
وبقدر ما يؤكد الخبير الدستوري، عضو ائتلاف «شمالنا» المعارض ربيع الشاعر على أهمية «الميغاسنتر» كإجراء إصلاحي، يبدو متوجسا من طرحه متأخرا. ويشير الشاعر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا الإجراء من شأنه أن يحل المشكلة التي تواجه الناخبين الذين يعيشون بعيدا عن أماكن قيدهم والذين يضطرون للانتقال إليها من أماكن سكنهم للانتخاب، خاصة اليوم بعدما باتت التكلفة مرتفعة مع ارتفاع سعر البنزين وهو ما يدفع حتى المحازبين الطلب من أحزابهم تغطية هذه التكلفة» شارحا أنه «يخفف أيضا من الضغوط المعنوية التي تمارسها الأحزاب التقليدية على الناخبين ما يؤدي لإحجام الكثير منهم عن التصويت، ومعظمهم من معارضي هذه الأحزاب». ويضيف «هذا الطرح مهم جدا لكن ما هو غير بريء توقيته قبل 3 أشهر فقط من موعد الانتخابات. صحيح أنه غير مرتبط كما يشيعون بالبطاقة الممغنطة لكن هناك خشية من تعريض العملية الانتخابية للخطر، باعتبار أن الميغاسنتر تستلزم تعديل قانون الانتخاب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.