تفاؤل حذر بعد سنتين من إعلان «كورونا» حالة طوارئ صحية

مخاوف من ظهور متحورات جديدة... ودعوات لتوسيع التلقيح والمراقبة

متسوقون يلتزمون بالكمامات في أحد شوارع كولونيا الألمانية في 12 ديسمبر الماضي (رويترز)
متسوقون يلتزمون بالكمامات في أحد شوارع كولونيا الألمانية في 12 ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

تفاؤل حذر بعد سنتين من إعلان «كورونا» حالة طوارئ صحية

متسوقون يلتزمون بالكمامات في أحد شوارع كولونيا الألمانية في 12 ديسمبر الماضي (رويترز)
متسوقون يلتزمون بالكمامات في أحد شوارع كولونيا الألمانية في 12 ديسمبر الماضي (رويترز)

مضى أكثر من عامين على إعلان منظمة الصحة العالمية جائحة «كوفيد - 19» حالة طوارئ صحية تسببت حتى الآن فيما يزيد على 360 مليون إصابة وأكثر من 5.6 مليون ضحية، فيما تستمرّ أعداد الإصابات الجديدة في تحطيم أرقام قياسية كل يوم بسبب من السرعة غير المسبوقة لسريان متحور «أوميكرون»، وذلك رغم تجاوز عدد الذين تلقّوا اللقاحات في العالم عتبة الأربعة مليارات شخص.
في غضون ذلك، تجهد الدول يائسة لبلوغ النهاية الموعودة لهذه الجائحة، وتتساءل أين ومتى يبدأ العد العكسي نحوها؟ وهل ثمّة نهاية فعلاً لهذا الوباء الذي ما زال يحمل كثيراً من المفاجآت ويطرح كثيراً من الأسئلة التي لم يجد العلم بعد إجابات قاطعة بشأنها.
وفيما تنشط الأوساط العلمية لفكّ ألغاز هذه الجائحة التي أسدلت ستاراً كثيفاً من الغموض حول مستقبل التعامل مع الفيروسات وما ينتظر أن ينشأ عنها من أمراض، استمزجت «الشرق الأوسط» عدداً من الخبراء الدوليين في منظمة الصحة وبعض الجامعات الأوروبية حول القرائن المثبتة والشكوك التي تحيط بهذا الوباء. وإذ يتوقع بعضهم أشهراً من الهدوء بعد نهاية الموجة الراهنة الناجمة عن المتحور الجديد، ينبّه آخرون من أن خطر ظهور طفرات جديدة والتفاوت الجغرافي في الحصول على اللقاحات وعدم توفّر كميات كافية من الادوية العلاجية ضد المرض، تشكّل عقبات لا يستهان بها على طريق الوصول إلى هذه النهاية التي يجمع الخبراء على أنها ليست في الانتقال إلى مرحلة توطّن الفيروس الذي ما زال يُجهل الكثير عنه.
ويحذّر الخبراء من الإفراط في استخدام تعبير «تزكيم» الوباء لما يوحي به من استخفاف في التعامل مع المرض كما لو أنه زكام عادي، وينبهون من خطورة هذا التصرف خصوصاً في المرحلة الراهنة. لكن في المقابل، يلاحظ أن بعض البلدان الأوروبية بدأت مؤخراً بوضع برامج تجريبية لمراقبة تطور «كوفيد - 19» على غرار ما تفعل عادة لمراقبة فيروس الإنفلونزا الموسمية، كما أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قال منذ أيام: «نحن مقبلون على مرحلة تعايش مع كوفيد، وعلينا أن نتعلّم كيف ندير هذه المرحلة بمنظومات مستديمة ومتكاملة لمكافحة الأمراض التنفسية الحادة».
ولا يحدد أي من الخبراء تاريخاً للانتقال إلى هذه المرحلة، لكنهم يجمعون على أنها لا يمكن أن تبدأ قبل نهاية الموجة الراهنة، واستكمال ثلاثة شروط أساسية هي: إقامة نظام مراقبة فاعل للوباء وللجينات الوراثية، وتعزيز المنظومات الصحية لتمكينها من معالجة المصابين بـ«كوفيد - 19» من غير أن يؤثر ذلك على الخدمات الصحية الأخرى، وتوفير الاستثمارات الكافية للبحوث الفيروسية. لكن مع ذلك، ليس من الواضح بعد إذا كان «كوفيد - 19» سيواصل مسراه العشوائي بموجات جامحة من فترة إلى أخرى مع ظهور طفرات جديدة، أم أنه سينحو إلى الظهور الموسمي على غرار الفيروسات التنفسية الأخرى.
مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة في أوروبا هانز كلوغيه يعتقد أن الظهور الموسمي لكورونا ليس في الأفق القريب، لكنه يوضح أن الظروف المناخية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال فصل الشتاء تساعد في سريان الفيروس، لأنها تدفع بالناس إلى البقاء فترات أطول في منازلهم وعدم فتح النوافذ لتهويتها.
التوزيع الجغرافي للقاحات والأدوية العلاجية هو أيضاً من العوامل الأساسية التي تؤثر في مسار الجائحة على الصعيد العالمي، وإذا تراجع معدّل السريان في منطقة معيّنة بفضل ارتفاع نسبة التغطية اللقاحية، فإن تدنّي هذه التغطية في مناطق أخرى سيسهم في ظهور طفرات جديدة، سرعان ما تنتشر إلى البلدان الأخرى كما حصل مع «أوميكرون». يضاف إلى ذلك أن استئصال الفيروس يكاد يكون مستحيلاً بسبب وجود خزّانات حيوانية له، إلى جانب الخزّانات البشرية يواصل النمو والتكاثر فيها.
ويذكّر الخبراء بأن المناعة الطبيعية أو التي تتولد من اللقاح، تختلف باختلاف البلدان من حيث المواصفات الفيزيولوجية لسكانها وظروفها المناخية ومعدلات التغطية اللقاحية فيها. ويعتقد بعض الخبراء أن التحورات الكثيرة التي يحملها «أوميكرون» حصلت لدى أشخاص يعانون من وهن أو خلل في جهاز المناعة الطبيعية، وفي بلدان ما زالت التغطية اللقاحية فيها متدنية.
إلى جانب ذلك، يتوقف خبراء عند البلدان التي اعتمدت استراتيجية «تصفير كوفيد» مثل الصين، ويتساءلون ما الذي سيحصل بعد منع الفيروس من السريان حسب المسرى الطبيعي. ويقول أحد الخبراء إن هذا الخيار قد يشكّل، في الأمد المتوسط، تهديداً لهذه البلدان لأنه سيحول دون بلوغها مرحلة توطّن الفيروس بسبب من تدني مستوى المناعة الطبيعية، ويوصي بأن تقتصر هذه الاستراتيجية على كسب الوقت إلى أن تبلغ التغطية اللقاحية مستويات كافية.
لكن الخطر الأكبر، بإجماع الخبراء الذين استطلعتهم «الشرق الأوسط»، يبقى ظهور متحورات جديدة قادرة على التهرّب من الحماية المناعية الطبيعية أو اللقاحية، خصوصاً إذا كانت هذه المتحورات سريعة السريان مثل «أوميكرون»، لأنها تشكل أرضاً خصبة لظهور مزيد منها. لذلك، ينبّه الخبراء إلى خطورة التوقعات التي تقول إن «أوميكرون» هو خاتمة المتحورات، ويتوقعون ظهور مزيد من الطفرات الفيروسية في المستقبل. ويقول كلوغيه إن المتحورات الجديدة ستكون حتماً أسرع سرياناً من الموجودة لكي تتمكن من تجاوزها، ومن الأرجح أن تكون أيضاً قادرة على التهرّب من الحماية المناعية، أي أن اللقاحات ستكون أقل فاعلية، لكن من المستحيل تقدير مستوى خطورتها.
في جملة القول، يمتنع جميع الخبراء عن تحديد تاريخ أو فترة معيّنة لنهاية الجائحة، رغم أنهم يتوقعون مرحلة من الهدوء قد تمتد من بداية الربيع إلى نهاية الصيف المقبل، لكنهم ينبهون إلى مخاطر الحديث عن توطّن الفيروس والاستعداد للتعامل معه قريباً على هذا الأساس. ويقول العالم الفيروسي آريس كاتزوراكيس، من جامعة «أكسفورد» في مقالة تنشرها مجلة «Nature» في عددها الأخير: «أشعر بإحباط عميق عندما يستحضر السياسيون عبارة (متوطن) كذريعة لعدم القيام بواجباتهم»، ويذكّر بأن «كوفيد ما زال يحمل في جعبته كثيراً من المفاجآت».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.