«الثقافة» السعودية تطلق مبادرتين نوعيتين لدعم المحتوى الرقمي

«التنمية الثقافي» يعلن عن «برنامج تمويل قطاع الأفلام» بـ234 مليون دولار

جاءت المبادرات ضمن «برنامج المحتوى الرقمي» الذي أُعلن عنه في مؤتمر «LEAP» التقني بالرياض
جاءت المبادرات ضمن «برنامج المحتوى الرقمي» الذي أُعلن عنه في مؤتمر «LEAP» التقني بالرياض
TT

«الثقافة» السعودية تطلق مبادرتين نوعيتين لدعم المحتوى الرقمي

جاءت المبادرات ضمن «برنامج المحتوى الرقمي» الذي أُعلن عنه في مؤتمر «LEAP» التقني بالرياض
جاءت المبادرات ضمن «برنامج المحتوى الرقمي» الذي أُعلن عنه في مؤتمر «LEAP» التقني بالرياض

أطلقت وزارة الثقافة السعودية، اليوم (الأربعاء)، مبادرتين نوعيتين داعمتين لأهداف مجلس المحتوى الرقمي، وذلك على هامش مؤتمر «LEAP» التقني الدولي في الرياض، وتتمثلان في منصة ممارسي الثقافة والمحتوى الرقمي، ومبادرة فرص الابتعاث في مجالات المحتوى الرقمي.
وتسعى الوزارة من خلال المبادرتين إلى تحقيق الأهداف الوطنية التي أنشئ لأجلها المجلس، وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وغير الربحي لدعم المحتوى الرقمي في السعودية عبر مشاريع ومبادرات استراتيجية.
وتقدم الوزارة من خلال منصة «ممارسي الثقافة والمحتوى الرقمي» شبكة تواصل اجتماعي تضم جميع الممارسين في المجالات ذات الصلة من مختلف القطاعات، وتتيح مميزات متعددة؛ من بينها إمكانية إنشاء الملفات الشخصية، وبناء شبكات العلاقات، ومشاركة المحتوى، وإحداث حراك في سوق العمل الثقافي. وتستهدف المنصة شريحة الممارسين الثقافيين ومن لديهم محتوى رقمي.
وستُمكن المنصة الموهوبين والممارسين الثقافيين وأصحاب المحتوى الرقمي من عرض محتواهم، وإيصال مواهبهم لأصحاب الاهتمام من نفس المجال، وربطهم بالفرص الوظيفية المناسبة لهم. وواءمت وزارة الثقافة بين المنصة وبرنامج جودة الحياة، أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030»، وهيئة الحكومة الرقمية، ووحدة التحول الرقمي.
وتهدف الوزارة من مبادرة «فرص الابتعاث في مجالات المحتوى الرقمي» لتوفير خيارات نوعية لابتعاث المواطنين السعوديين المؤهلين من ذوي الامتياز الأكاديمي والشغف بالإعلام الرقمي، للحصول على درجات البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه في المجال بالجامعات والكليات المدرجة والمعتمدة من وزارة التعليم، وذلك إسهاماً منها في تمكين المؤهلين في تخصصاته، وتأهيلهم وفق أفضل المناهج العلمية عالمياً، ما سينعكس على البيئة الرقمية في السعودية.
من جانب آخر، أعلن صندوق التنمية الثقافي عن «برنامج تمويل قطاع الأفلام» الذي يهدف إلى دعم المحتوى المرئي المحلي والتطوير الشامل للقطاع في السعودية، بمخصصات تقدر بـ879 مليون ريال (234 مليوناً و400 ألف دولار)، مشيراً إلى أنه سيفتح باب التقديم لطلب التمويل لاحقاً خلال هذا العام.
ويسعى صندوق التنمية الثقافي من خلال البرنامج للإسهام في دعم صناعة قطاع أفلام نشط ومستدام، من خلال باقات تمويلية لتطوير وإنتاج وتوزيع الأفلام والمسلسلات، إضافة إلى تمكين البنية التحتية والرواد من القطاع الخاص.
وستستهدف الباقات التمويلية الشركات المنتجة والموزعة، وجميع منشآت القطاع الخاص التي تعمل في مجال صناعة الأفلام لتعزيز تنافسية القطاع، حيث سيتم تخصيص 70 في المائة من الميزانية لتطوير وإنتاج وتوزيع المحتوى، و30 في المائة لتطوير البنية التحتية للقطاع.
يُذكر أن الصندوق يهدف إلى الإسهام في دعم وتحفيز القطاع الثقافي النامي، والمشاركة في تمكين الاستراتيجية الثقافية الوطنية ضمن «رؤية 2030»، من خلال تطوير قنوات تمويل مناسبة بالتعاون مع الجهات المالية المختلفة، ورفع جودة وسهولة الأعمال فيه، تعزيزاً لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، والعمل على رفع نسبة المحتوى المحلي في المنظومة.



من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.