أزمة أوكرانيا تعقّد مشكلة الطاقة في ألمانيا

صورة عامة بوسط المدينة في جارمش بارتنكيرشن بالمانيا (إ.ب.أ)
صورة عامة بوسط المدينة في جارمش بارتنكيرشن بالمانيا (إ.ب.أ)
TT
20

أزمة أوكرانيا تعقّد مشكلة الطاقة في ألمانيا

صورة عامة بوسط المدينة في جارمش بارتنكيرشن بالمانيا (إ.ب.أ)
صورة عامة بوسط المدينة في جارمش بارتنكيرشن بالمانيا (إ.ب.أ)

كشف ارتفاع مستوى التوتر مع موسكو حيال أوكرانيا مشكلة مدى اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي، ما يزيد من حدة النقاش المحموم أساساً في البلاد بشأن ارتفاع أسعار الطاقة.
وفي وقت تسعى ألمانيا لتحقيق هدفها في الانتقال إلى مصادر للطاقة النظيفة خلال العقد المقبل، اعتمدت أكبر قوة اقتصادية في أوروبا على الغاز لسد الفجوة مؤقتاً فيما تعزز قدراتها في مجال طاقة الرياح والشمس لاستبدال محطات الطاقة النووية والفحم.
و55 في المائة من واردات الغاز الألمانية مصدرها روسيا، مقارنة بـ40 في المائة عام 2012، وسيكون هذا المصدر مهدداً في حال غزت موسكو أوكرانيا.
وبينما يشكل الغاز 26.7 في المائة من إجمالي الطاقة المستهلكة في ألمانيا ويسهم في تدفئة منزل من كل اثنين، أقرت حكومة المستشار أولاف شولتس بأن أي عقوبات تفرض على روسيا، ستمثل ضربة أيضاً للاقتصاد الألماني.
ويتجسد التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وألمانيا في خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل، الذي يصل بين البلدين عبر بحر البلطيق، ويفترض أن يضاعف إمدادات الغاز الطبيعي الزهيدة من روسيا إلى ألمانيا.
وفي تحذير أشادت به واشنطن معتبرة إياه «قوياً جداً جداً»، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن خط الأنابيب سيكون جزءاً من حزمة عقوبات إذا تحركت روسيا ضد أوكرانيا.
وكانت حكومة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل ترى في خط الأنابيب البالغة كلفته 10 مليارات يورو (12 مليار دولار) والذي يعتبره حلفاء ألمانيا الغربيون وأوكرانيا مشكلة، خياراً مهماً لمنع حدوث أي فجوة لدى انتقال ألمانيا إلى الطاقة المتجددة.
لكن معارضيه حذروا مراراً من أنه لن يؤدي إلا إلى ازدياد اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية، فيما وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي بأنه «سلاح جيوسياسي خطير في أيدي الكرملين».
مع ذلك، لن يكون من السهل وقف اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية.
وحذر رئيس نقابة التعدين والكيمياء IG BCE الألمانية مايكل فاسيلياديس من أنه «إذا تخلينا عن الغاز الروسي ونورد ستريم 2، لن نغرق في الظلام فوراً، لكن الأمر سيكون مكلفاً، وسيطرح أسئلة لا إجابات عنها بشأن إمدادات الغاز في المستقبل، وسنواجه مشكلة».
وفيما تخوض ألمانيا سباقاً مع الزمن، تطلق الحكومة برنامجاً ضخماً لبناء توربينات هوائية تغطي 2 في المائة من أراضي البلاد، ويتطلب وضع ألواح للطاقة الشمسية على الأسطح.
وذكر وزير الاقتصاد روبرت هابيك في وقت سابق هذا الشهر أن «التخلي عن إحراق الوقود الأحفوري على مراحل سيعزز أوروبا جيوسياسياً ويحمي المناخ».
ويُنتظر أن يُستكمل التخلي عن الطاقة النووية بحلول نهاية العام والتوقف عن استخدام طاقة الفحم بحلول عام 2030، وفي هذا الوقت، سيتعين على ألمانيا التعويض عبر زيادة إمكاناتها في مجال الغاز بنسبة الثلث على مدى السنوات الثماني المقبلة، وفق معهد «فراونهوفر» للاقتصاد.
ويزداد استهلاك ألمانيا للغاز بالفعل، ففي عام 2021، استخدمت 1.003 مليار كيلوواط ساعة، في زيادة نسبتها 3.9 في المائة على العام السابق.
وتتطلع الحكومة إلى تنويع وارداتها لخفض اعتمادها على روسيا في المستقبل القريب.
وقال مصدر في وزارة الاقتصاد إن أحد «البدائل» سيتمثل باستهلاك كامل طاقة محطات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية.
ولكن من شأن حل كهذا يقوم على الاستيراد من الولايات المتحدة أو أستراليا أو قطر، أن يكون مكلفاً، بحسب المصدر.
وقد يؤدي ارتفاع الأسعار إلى ازدياد التضخم الذي بلغ مستويات قياسية في ألمانيا ومنطقة اليورو في الأشهر الأخيرة.
ولعل ما يجعل الأمور أكثر صعوبة، هو انخفاض مخزون الغاز الألماني بشكل استثنائي، إذ يبلغ حالياً أقل من 42 في المائة في حده الأقصى.
وتسعى الحكومة لمواجهة المسألة بشجاعة.
وبينما قللت من خطر حدوث نقص حاد، أكدت بيربوك أن الإمدادات الكافية «مضمونة».


مقالات ذات صلة

الكرملين: الرئيس الصربي سيحضر عرض يوم النصر في موسكو

أوروبا طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز) play-circle

الكرملين: الرئيس الصربي سيحضر عرض يوم النصر في موسكو

أعلنت روسيا، اليوم الجمعة، أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش قبل دعوة لحضور الاحتفالات في موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري صورة مركبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)

تحليل إخباري نظام ترمب العالمي الجديد... الأقوياء يضعون القواعد

يتعرَّض النظام الدولي الذي تَشكَّل بعد الحرب العالمية الثانية لضغط شديد من جميع الجهات، بسبب عودة الزعماء الأقوياء والقومية ودوائر النفوذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما حفلاً موسيقياً في مايو الماضي بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (أ.ب) play-circle

الرئيس الصيني يقبل دعوة لحضور احتفالات روسيا بيوم النصر

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، الاثنين، أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قبل دعوة من روسيا لحضور الاحتفالات بذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي السابق على ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري شريحة معالج مركزي من أشباه الموصلات بين علمَي الصين والولايات المتحدة (رويترز)

تحليل إخباري «الداتا»... الصراع الجيوسياسي العالمي الجديد

ما يبشّر به خطاب ترمب أن الصراع الجيوسياسي الجديد سيدور حالياً وحتى إشعار آخر، على الشريحة، وفي الوقت نفسه تشريح الجغرافيا لتغيير الحدود.

المحلل العسكري
آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الحكومة الكويتية تحدد سقف الاقتراض بـ97 مليار دولار خلال 50 سنة

أكدت وزيرة المالية الكويتية أن قانون التمويل يساهم في تعزيز الاستقرار المالي ودعم عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد (كونا)
أكدت وزيرة المالية الكويتية أن قانون التمويل يساهم في تعزيز الاستقرار المالي ودعم عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد (كونا)
TT
20

الحكومة الكويتية تحدد سقف الاقتراض بـ97 مليار دولار خلال 50 سنة

أكدت وزيرة المالية الكويتية أن قانون التمويل يساهم في تعزيز الاستقرار المالي ودعم عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد (كونا)
أكدت وزيرة المالية الكويتية أن قانون التمويل يساهم في تعزيز الاستقرار المالي ودعم عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد (كونا)

حدّدت الحكومة الكويتية في مرسوم، أصدرته اليوم (الأربعاء)، سقف الدين العام بمبلغ 30 مليار دينار كويتي (97 مليار دولار تقريباً) كحدّ اقصى، أو ما يعادله من العملات الأجنبية الرئيسية القابلة للتحويل.

وأصدرت الحكومة مرسوم قانون بشأن التمويل والسيولة، يتيح إصدار أدوات مالية بآجال استحقاق تصل إلى 50 سنة، وتمتد فترة سريانه 50 سنة اعتباراً من تاريخ العمل به، ما يضع إطاراً قانونياً طويل الأجل لتنظيم الاقتراض العام.

وقالت وزيرة المالية ووزيرة دولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار الكويتية، المهندسة نورة الفصام، إن «هذا القانون يمنح دولة الكويت مرونة مالية أكبر من خلال إتاحة خيار التوجه إلى أسواق المال المحلية والعالمية لتعزيز إدارة السيولة، ما يعكس نهجاً استراتيجياً لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية، وضمان استدامة المالية العامة للدولة».

وأضافت: «يأتي هذا القانون ضمن الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز الاستقرار المالي، ودعم عجلة التنمية الاقتصادية، بما يواكب رؤية دولة الكويت 2035».

من جهته، أوضح مدير إدارة الدين العام في وزارة المالية، فيصل المزيني، أن هذا المرسوم «يهدف لإتاحة مختلف أنواع الأدوات المالية للدولة من خلال الأسواق المالية، سواء المحلية أو العالمية، بما يسمح بالحصول على تمويل بالدينار الكويتي أو العملات الأجنبية الرئيسية القابلة للتحويل، وهو ما يوفر خيارات متعددة لعملية إدارة الدين العام والسيولة».

وأضاف المزيني أن المرسوم يهدف كذلك إلى «تطوير أسواق المال المحلية، عبر خلق منحنى عائد سيادي مرجعي، ما يساهم في تعزيز جاذبية الأسواق المالية الكويتية، ويوفر معياراً مهماً لإصدارات القطاع المصرفي والشركات المحلية، ما يساعد على تحسين هيكل التمويل وتقليل تكلفة الاقتراض».

وكذلك «المساهمة في تمويل المشاريع التنموية الكبرى، سواء في مجال البنية التحتية أو المشاريع الاستراتيجية الأخرى، ما يدفع بعجلة التنمية، وتحفيز الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز ثقة المستثمرين وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها دعم النمو الاقتصادي».

كما لاحظ المزيني أن المرسوم يساهم في «تعزيز التصنيف الائتماني السيادي للبلاد، ما ينعكس إيجابياً على قدرة الدولة على الاقتراض بشروط تنافسية، والحفاظ على سيولة الاحتياطيات السيادية، ما يضمن الاستقرار المالي للدولة ويعزز من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية في مختلف الظروف الاقتصادية».

وأضاف المزيني أن هذا المرسوم بقانون يأتي في وقت تشهد فيه الأسواق المالية العالمية تغيرات متسارعة، حيث أصبحت القدرة على الوصول إلى التمويل بمرونة أحد العوامل الأساسية، لضمان استقرار الاقتصاد، كما أن تطوير أسواق الدين المحلية يعزز من تنافسية الكويت كمركز مالي إقليمي.

وبيّن أن المرسوم بقانون يمنح الحكومة أدوات مالية جديدة للإدارة المالية العامة بكفاءة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعكس حرص الدولة على اتباع نهج مالي مستدام يوازن بين الحاجة إلى تمويل المشاريع التنموية، وضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية في عملية إدارة الدين العام والسيولة.