رنين مطر... السلّم درجة درجة

تطل في «عروس بيروت» بعد «عنبر 6» و«شهر 10»

الممثلة اللبنانية رنين مطر
الممثلة اللبنانية رنين مطر
TT

رنين مطر... السلّم درجة درجة

الممثلة اللبنانية رنين مطر
الممثلة اللبنانية رنين مطر

لم يكتمل حضور رنين مطر بشخصية «صافي» في الجزء الأول من مسلسل «عنبر 6»، فتأجّل إلى الجزء الثاني لندرك لِمَ حملتها الأقدار إلى الزنزانة وقيّدتها بين قضبانها؟ تتحدث عن إحساسها بدفء العائلة خلال التصوير، وهي تقيّم تجربتها غير المكتملة بعد بالنسبة إلى المُشاهد. يعنيها حضورها بين أسماء عربية كبيرة، فيُشعرونها بأنها في بيتها. تذكر البدايات في لقائها مع «الشرق الأوسط»، حين تغيّبت ممثلة فحلّت مكانها؛ ويوم كان المخرج اللبناني من أصول إيرانية أسد فولادكار أستاذها في الجامعة، وسئُل عن صبية موهوبة لتمثيل دور، فرشّحها. كثّفت ورش العمل وتدرّبت، والآن تقول: «أنا ممثلة، أصعد السلّم درجة درجة».
الصبية اللبنانية نجمة في أول الطريق، لكنه طريق واعد. يمكن التوقف عند إطلالاتها، منذ دور «ليزا» بمسلسل «الحب الحقيقي»، في اعتبارها إطلالات من أثر. قد لا تتحلّى بمساحة عريضة في الدور، وتعلم تماماً أنّ إثبات النفس أفضل من الوصول دفعة واحدة، فذلك قد يعقبه سقوط وقد يهدّده غرور. تخبرنا: «في كل دور أبحث عن إضافة لأراكم الإضافات. البعض يهتم لعدد المَشاهد في المسلسل، هادفاً بذلك الترسّخ في أذهان الناس. بعضٌ آخر يهتم لنوعية المَشاهد، فمشهد واحد قد يعلّم بما يفوق أثره الدور كاملاً. الأفضل لو جُمعت المسألتان».
تدغدغ وجدانها عبارة «دور العمر» وتتمناه حلماً قريباً. نسألها عنه، فتردّ بأنها لم تبلغه بعد، وهي في الانتظار. صوّرت «عنبر 6» بعد دور توعوي مؤثر في مسلسل «شهر 10» من بطولة كاريس بشار. تعني لها شخصية «الدكتور هيلدا»، بصراعاتها النفسية المختبئة وماضيها الأليم. وتعد بحضور سيترك أثراً في الجزء الثاني من «عنبر 6» حين تُعرف حكايتها. وماذا عن شخصية «فيفي» في «للموت»؟ تجيب بأنها انتهت في الحلقة 23 من الجزء الأول، ولم تتح المبررات الدرامية لعودتها ضمن الجزء الثاني المرتقب في رمضان المقبل. «كانت شخصية قوية، انتفضت على الظلم واختارت قرارها وحريتها»، تذكرها بوفاء.
تقرأ النص بأكمله ثم تركز على شخصيتها وتبدأ بتصوّرها. تضع لها خطوطها العريضة، نبرتها، مشيتها، سلوكها، وماضيها. «كلنا نحمل ماضياً»، تقول، «وجزء من حاضرنا مرتبط بما في ذاكرتنا. لفهم الشخصية وتجسيدها، ينبغي البحث عن ماضيها».
لا تترقب بالضرورة شخصيات تكون نسخة عنها، وإن تقاطعت معها بمواقف أو عبارات. في «عنبر 6» مثلاً، تردد «صافي» عبارة «يا حب» في حديثها مع السجينات زميلاتها. «فجأة وجدتُ أنّ هذه العبارة دخلت في قاموسي اليومي. رحتُ أستعملها من دون قصد»، تقول مع ضحكة. في رأيها، الشخصيات هي الحياة، بشكل أو بآخر، فتتابع: «لستُ كـ(الدكتور هيلدا) تخفي العذاب والغضب، فيما وجهها مبتسم للمرضى. ولستُ كـ(فيفي) تتحمّل ولا تجد أحداً تبوح له. ولا كـ(صافي) تهزأ بالدنيا ومَن فيها. أداوي آلامي الداخلية بالفضفضة. مع ذلك، كما تغضب الشخصيات، أغضب في الحياة. هذه طبيعة البشر».
تطل حالياً في «عروس بيروت» بدور يراوح بين الخيال والأوهام. هي مشاركتها الأولى في المسلسل بموسمه الثالث؛ وعلى سبيل المزاح، تخبرنا أنها مع بداية التصوير شعرت بأنها «دخيلة على الأسرة». تبني لنفسها قصوراً في رمل باسم حب لا وجود له، تعيشه بصمت تجاه «فارس» (ظافر العابدين)، إلى أن تقع في مشكلة. «الباقي شاهدوه».
نحو أربع سنوات على خطواتها المتصاعدة إلى الضوء. نعود بالذاكرة عشر سنوات إلى الوراء حين شاركت رنين مطر في مسابقة ملكة جمال لبنان واحتلت مركزاً متقدماً. نسألها عن الجمال، أهو باب يفتح أبواباً، وأي مكانة له في حياتها؟ تردّ بأنه ليس كل شيء، خصوصاً في مهنة التمثيل. فثمة أدوار تتطلّب امرأة أقل جمالاً، وأخرى تشترط على الممثل زيادة وزنه أو إنقاصه. تتابع: «في التمثيل، الموهبة مطلوبة والجمال ليس الأساس. ثم يأتي صقلها وتطويرها والتعلم من الهفوات. أمارس النقد الذاتي المتعلق بأدائي قبل الالتفات إلى الشكل. الناس يفضلون الممثلة العفوية على الجميلة المصطنعة، الخالية من لمعان الموهبة».
مائة حلقة من مسلسل «الحب الحقيقي»، وهي تعيش قصة حب مع جان دكاش، الذي عادت واجتمعت به في «شهر 10» بقصة حب صادقة. التقيا أيضاً في مسلسل «أم بديلة» الذي عرضته «إم بي سي العراق» العام الفائت. يريحها الوقوف إلى جانبه في الأدوار، فمن الإشارة يفهم أحدهما الآخر.
وحين نسألها عن اهتمامها بقضايا معيّنة في الدراما، كالعنف الأسري مثلاً، لنشرها صورة قديمة لها وهي بدور معنّفة، تجيب: «كل القضايا مهمة، فتطرحها المسلسلات وتمهّد لحلّها. في أدواري، أختار الانتصار للمرأة وأرفض تنازلها عن حقوقها. وراء كل قضية رسالة، وهذا دور الفن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».