لافروف يستبق الرد الأميركي بهجوم عنيف على الغرب

انطلاق تدريبات عسكرية واسعة لتعزيز «حماية روسيا من التهديدات»

بدا لافروف أمس أثناء إلقاء كلمة أمام مجلس الدوما حاداً في اختيار عباراته بطريقة لم تكن معهودة سابقاً بالنسبة إلى رأس الدبلوماسية الروسية (أ.ب)
بدا لافروف أمس أثناء إلقاء كلمة أمام مجلس الدوما حاداً في اختيار عباراته بطريقة لم تكن معهودة سابقاً بالنسبة إلى رأس الدبلوماسية الروسية (أ.ب)
TT

لافروف يستبق الرد الأميركي بهجوم عنيف على الغرب

بدا لافروف أمس أثناء إلقاء كلمة أمام مجلس الدوما حاداً في اختيار عباراته بطريقة لم تكن معهودة سابقاً بالنسبة إلى رأس الدبلوماسية الروسية (أ.ب)
بدا لافروف أمس أثناء إلقاء كلمة أمام مجلس الدوما حاداً في اختيار عباراته بطريقة لم تكن معهودة سابقاً بالنسبة إلى رأس الدبلوماسية الروسية (أ.ب)

أعلنت الخارجية الروسية، أمس، أن السفير الأميركي لدى موسكو جون ساليفان سلّم نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو ردّ بلاده على المقترحات الروسية السابقة حول الأمن في أوروبا. ولم تفصح الوزارة عن معطيات إضافية حول مضمون الرد الذي تم تقديمه خطياً.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صعّد لهجته أمس، في الهجوم على الغرب، وقال إن بلاده تواجه «نهجاً تخريبياً متعمداً». وكان الوزير يتحدث قبل الإعلان عن تسليم الردّ الأميركي، وحذّر من أن بلاده «لن تنتظر إلى الأبد»، متعهداً باتخاذ تدابير إذا واصل الغرب عرقلة المفاوضات، كما أشار إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين سوف يتلقى «توصيات محددة من الخارجية الروسية وجهات أخرى محددة» تتعلق بمضمون الرد الأميركي على رسالة.
وتزامن تصعيد اللهجة الدبلوماسية مع تنشيط التحركات العسكرية لروسيا في مناطق قريبة من الحدود مع أوكرانيا، إذ انطلقت أمس مناورات بحرية واسعة في البحر الأسود ينتظر أن تشكل حلقة أولى في سلسلة تدريبات تشمل مناطق أخرى، قالت موسكو إنها موجهة لتعزيز حمايتها من التهديدات الخارجية.
وبدا لافروف أمس، أثناء إلقاء كلمة أمام مجلس الدوما (النواب)، حاداً في اختيار عباراته بطريقة لم تكن معهودة سابقاً بالنسبة إلى رأس الدبلوماسية الروسية.
إذ وصف انتقادات الغرب لتحركات روسيا العسكرية قرب الحدود الأوكرانية بأنها «وقحة»، وهاجم بقوة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، ووصفه بأنه «فاقد الاتصال مع الواقع منذ زمن بعيد».
وجاءت عبارة لافروف تعليقاً على تصريحات الأمين العام للحلف بشأن تعزيز انتشار قوات الحلف في مناطق في أوروبا، وقال الوزير الروسي: «منذ وقت طويل لا أنظر إلى تصريحاته إطلاقاً، يبدو لي أنه فقد الاتصال بالواقع».
وحمّل لافروف دول الغرب المسؤولية عن «تأجيج الهستيريا حول خطط روسيا المزعومة لغزو أوكرانيا»، وقال: «نحن مستعدون لأي تطورات. لم نهاجم أحداً، وكنا دائماً من تعرض لهجمات، واجه مدبروها في كل مرة عقاباً مناسباً».
وذكر الوزير أن «الشركاء الغربيين وصلوا إلى طريق مسدود ولا يعلمون كيفية الخروج منه»، وقال إنه لا ينوي التنبؤ بتصرفاتهم المستقبلية.
واتهم الغرب بانتهاج سياسة «معايير مزدوجة»، قال إنها «تجاوزت كل الحدود».
وقال إن الولايات المتحدة وحلفاءها في الغرب «نسوا بشكل فاضح الثقافة الدبلوماسية»، و«كثفوا في الآونة الأخيرة جهودهم الرامية إلى ردع بلدنا، وبالإضافة إلى عقوبات أحادية الجانب غير قانونية، يقومون بتصعيد الضغط العسكري والسياسي على روسيا».
ولفت الوزير إلى زيادة النشاط العسكري الغربي على مقربة من حدود روسيا، وقال إن «الغرب يمارس سياسة استفزازية بدرجة متزايدة». محذراً من أن التطورات الجارية تهدف إلى تعزيز «جرّ النظام الأوكراني إلى مدار حلف الناتو» وإمداده بأسلحة فتاكة و«تحريضه على تدبير استفزازات مباشرة ضد روسيا».
ووصف الوزير الروسي المطالب الغربية لروسيا بوقف إجراء تدريبات عسكرية بأنها تبدو «وقحة تماماً»، مؤكداً أن إجراء هذه المناورات يمثل حقاً مشروعاً لموسكو. وزاد أن «ازدواجية معايير الغرب في هذه المسألة تجاوزت كل الحدود»، مشيراً إلى أن موسكو «للأسف اعتادت ذلك منذ وقت طويل». وفي مقابل الوضع الذي استعرضه لافروف، قال إن بلاده «بطبيعة الحال لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المشهد الذي يتناقض مع مبدأ الأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة المنصوص عليه في طيف واسع من الوثائق الدولية».
وأعلن لافروف أن وزارة الخارجية الروسية بالتعاون مع جهات مختصة أخرى سوف تعمل، بناء على مضمون الرد الغربي، على إعداد مقترحات للرئيس فلاديمير بوتين بخصوص الخطوات المستقبلية الممكن اتخاذها.
وحذّر من أنه «إذا لم يكن هناك ردّ بنّاء، وواصل الغرب نهجه التخريبي، فإن موسكو ستتخذ إجراءات الرد اللازمة، كما سبق أن أكد الرئيس مراراً».
مضيفاً أنه «على أي حال، يجب أن ينطلق الجميع من أن أمن روسيا ومواطنيها يمثل أولوية مطلقة وسيتم ضمانه بشكل وثيق مهما كانت الظروف».
وأعرب لافروف عن قناعته بعدم وجود بديل عن تطبيق اتفاقات مينسك لتسوية النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا، محذراً من أن روسيا ستستمر في التصدي بشدة لمحاولات إلقاء اللوم عليها في عدم إحراز أي تقدم في تسوية النزاع في منطقة دونباس أو تقديمها على أنها طرف في هذا الصراع.
إلى ذلك، كشف لافروف عن زيارة منتظرة لنظيرته البريطانية إليزابيث تراس إلى موسكو. وقال إنه يتم بحث ترتيبات الزيارة التي يمكن أن تنظم في غضون أسبوعين.
في غضون ذلك، أعلن مقر أسطول البحر الأسود الروسي، أمس، انطلاق تدريبات بحرية واسعة بمشاركة أكثر من 20 سفينة حربية. وقال المكتب الإعلامي للأسطول إن أكثر من 20 قطعة بحرية، بينها فرقاطات وسفن خفر وزوارق وسفن حاملة للصواريخ وأخرى مضادة للغواصات ومخصصة لإنزال القوات ومكافحة الألغام، انطلقت من قواعدها في مدينتي سيفاستوبول ونوفوروسيسك للمشاركة في التدريبات.
وذكر الأسطول أن طواقم السفن سوف تتدرب خلال سيرها إلى المناطق المحددة للمناورات في مياه البحر الأسود على إقامة الاتصال فيما بينها وعلى القيام بمناورات آمنة في مناطق ذات ملاحة مكثفة، فضلاً عن تنظيم الدفاع الجوي في البحر. وتعدّ هذه الانطلاقة مقدمة لنشاط تدريبي واسع تقوم به الأساطيل الروسية خلال الشهرين المقبلين. إذ تنفذ روسيا سلسلة من المناورات البحرية تجري تحت إشراف القائد العام للقوات البحرية الروسية الأدميرال نيقولاي يفمينوف.
وقالت قيادة القوات إن الهدف الرئيسي من المناورات «تدريب الأساطيل على أداء مهام تتعلق بالدفاع عن مصالح روسيا في المحيطات، وحماية البلاد من أي تهديدات عسكرية خارجية تأتي من طريق البحار».
ومن المخطط أن تشمل المناورات مياه البحار التي تطل عليها روسيا وبعض المناطق المهمة في المحيطات العالمية، مع إجراء تدريبات منفصلة في البحر الأبيض المتوسط وبحر الشمال وبحر أوخوتسك، وكذلك في الجزء الشمالي من المحيط الأطلسي وفي المحيط الهادي.
وأفاد بيان أصدره المكتب الإعلامي للأسطول أن المناورات ستجري بمشاركة أكثر من 140 سفينة قتالية وسفن إمداد، وما يفوق 60 طائرة و1000 قطعة من المعدات العسكرية ونحو 10 آلاف عسكري.
ويأتي التطور بعد مرور يوم واحد على إطلاق تدريبات روسية بيلاروسية مشتركة، رأى فيها محللون تحدياً للإدارة الأميركية التي حذرت أول من أمس مينسك من تقديم تسهيلات لموسكو في أي عمل عسكري ضد أوكرانيا.
وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية عن وصول قوات الإنزال الجوي الروسية إلى البلاد للمشاركة في التدريبات المشتركة.
تزامن ذلك مع الإعلان عن نشر مقاتلات روسية متعددة المهام داخل أراضي بيلاروسيا. وسوف تشارك هذه المقاتلات مع قوات المظليين التي تم إرسالها في مناورات واسعة تهدف إلى فحص «الجاهزية القتالية للقوات الروسية والبيلاروسية» وتحمل المناورات عنوان «حزم الاتحاد 2022» وهي تجري على أراضي بيلاروسيا خلال الفترة من 10 إلى 20 فبراير (شباط) المقبل.
ووفقاً للبيانات العسكرية للطرفين، سيتدرب العسكريون في البلدين على التعامل المشترك، في إطار «التصدي لعدوان خارجي افتراضي ومحاربة الإرهاب وحماية مصالح الدولة الاتحادية لروسيا وبيلاروسيا»



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».