ارتفاع حاد في عدد المصابين بـ«الوسواس القهري» بسبب «كورونا»

بعض الأشخاص أفرطوا في غسل وتعقيم أيديهم منذ تفشي الوباء (أ.ف.ب)
بعض الأشخاص أفرطوا في غسل وتعقيم أيديهم منذ تفشي الوباء (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حاد في عدد المصابين بـ«الوسواس القهري» بسبب «كورونا»

بعض الأشخاص أفرطوا في غسل وتعقيم أيديهم منذ تفشي الوباء (أ.ف.ب)
بعض الأشخاص أفرطوا في غسل وتعقيم أيديهم منذ تفشي الوباء (أ.ف.ب)

تسبب وباء «كورونا» في ارتفاع حاد في عدد الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري حول العالم، حيث أصبحت أعراض هذا الاضطراب أكثر حدة منذ تفشي الفيروس، وفقاً لما أكدته عدد من الدراسات في مختلف الدول.
وبحسب مجلة «التايم» الأميركية، فإن الوسواس القهري ينتج بشكل أساسي عن النشاط المفرط في اللوزة، وهي جزء صغير في قاعدة الدماغ يرتبط بمشاعر الخوف والخطر والاستجابة إلى المشكلات.
ويمكن أن يظهر الاضطراب في شكل ردود أفعال مبالغ فيها تجاه مشكلة ما بسبب الخوف الشديد منها.
وفي حالة وباء «كورونا»، فقد أدى هذا الاضطراب بالكثير من الأشخاص إلى عدم مغادرة المنزل على الإطلاق، والإفراط في تنظيفه وتعقيمه، والمبالغة في شراء كميات كبيرة من سلع بعينها (مثلما حدث مع أوراق المرحاض عند بدء تفشي الوباء).
ويقول أندرو جوزيك، عالم النفس الإكلينيكي في كلية بايلور للطب بالولايات المتحدة: «لقد ازدادت حالات الإصابة باضطراب الوسواس القهري التي زارت عيادتي النفسية بشكل ملحوظ خلال الوباء. واللافت في الأمر أن الكثير من هذه الحالات لم تكن تعاني من هذا الاضطراب إطلاقاً قبل الفيروس، أي أن الحالة نشأت بشكل تام بسبب القلق الناتج عن «كورونا».
وأضاف: «أما أولئك الذين كانوا مصابين بالاضطراب بالفعل قبل الوباء، فقد أظهرت تقييماتهم النفسية ازدياد حدة الحالة بشكل ملحوظ مؤخراً».

وأشار جوزيك إلى أنه أجرى تحليلاً مع عدد من زملائه من الأطباء النفسيين، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في مجلة «Current Psychology Reports، ووجد أن 32 في المائة من المصابين بالوسواس القهري عانوا من تفاقم الأعراض أثناء الوباء.
وبالإضافة لتحليل جوزيك، كشفت مجموعة من الدراسات التي أجريت منذ ظهور «كورونا» عن تسبب الفيروس في زيادة عدد المصابين بالوسواس القهري.
فقد توصلت دراسة نشرت في سبتمبر (أيلول) 2020 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة، وشملت أكثر من 6 آلاف شخص مصاب بالوسواس القهري، إلى أن 60 في المائة من المشاركين أبلغوا عن تفاقم أعراض الوسواس القهري التي كانوا يعانون منها بالفعل أو ظهور أعراض جديدة للاضطراب منذ الأيام الأولى للوباء في أواخر عام 2019 وحتى نهاية مارس (آذار) 2020.
ووجد دراسة أخرى أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 وقامت بتحليل 21 بحثاً سابقاً في هذا الخصوص، أن ما يصل إلى 65 في المائة من المشاركين في هذه الأبحاث أبلغوا عن تفاقم اضطراب الوسواس القهري لديهم أثناء الوباء.
وركزت دراسة أخرى نُشرت في مجلة BMC Psychiatry في أكتوبر الماضي، على الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و21 عاماً، ووجدت أن ما يقرب من 45 في المائة عانوا من تفاقم أعراض الوسواس القهري بشكل عام خلال العام الوبائي الأول.
ويقول مايكل ويتون، الأستاذ المساعد في علم النفس في كلية بارنارد بنيويورك، والمؤلف الرئيسي لدراسة أجريت في يونيو (حزيران) 2021. وأظهرت أن 72 في المائة من المصابين بالوسواس القهري يعانون من أعراض أسوأ منذ بداية الوباء: «بعض المشاركين في الدراسة أبلغوا عن قيامهم بغسل أيديهم عدة مرات لمدة 20 دقيقة كاملة في كل مرة. هذا النوع من المبالغة في رد الفعل هو ما نخشى كأطباء من انتشاره بشكل كبير».

ويشير العلماء إلى ضرورة تركيز الحكومات بشكل أكبر على التصدي للمشكلات النفسية الناتجة عن وباء «كورونا»، وخاصة اضطراب الوسواس القهري، لافتين إلى أنه، في نهاية المطاف، سينتهي الوباء، ولكن بالنسبة للعديد من المصابين بالوسواس القهري، قد يستمر القلق معهم مدى الحياة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.