دمشق تشيّع بسام الملا مخرج باب حارتها وأيامها الخوالي

المخرج السوري بسام الملا
المخرج السوري بسام الملا
TT

دمشق تشيّع بسام الملا مخرج باب حارتها وأيامها الخوالي

المخرج السوري بسام الملا
المخرج السوري بسام الملا

تودع دمشق، اليوم الاثنين، المخرج بسام الملا، الملقب بأستاذ البيئة الشامية، لبصمته الدمشقية المميزة في أعماله التي نالت إقبالاً عربياً واسعاً، أبرزها مسلسل «باب الحارة» الذي نال على جزئه الأول جائزة أحسن إخراج في مهرجان التلفزيون العربي في تونس، عام 2007، لتضاف إلى جوائز أخرى نالها الملا خلال مسيرته الفنية منها: «الجائزة الذهبية» في مهرجان القاهرة عن مسلسلي «أيام شامية»، ويعد وثيقة للتراث الدمشقي اللامادي، ومسلسل «العبابيد» التاريخي.
ونعت نقابة الفنانين السورية فرع دمشق لنقابة الفنانين «الفنان القدير بسام الملا»، الذي توفي في مدينة زحلة بمنطقة البقاع شرق لبنان صباح يوم السبت، عن عمر 66 عاماً، ونُقل جثمانه إلى مشفى الأسد الجامعي في دمشق مساء أمس الأحد، ليوارى الثرى في مقبرة ركن الدين اليوم الاثنين، وسينطلق موكب التشييع من جامع الأكرم في حي المزة. وحسب مصادر عائلية، توفي الملا بسبب مضاعفات مرض السكري الذي يعاني منه منذ فترة طويلة.ويتحدر الملا من حي الأكراد في ركن الدين الدمشقي وهو ابن عائلة فنية، والده الفنان الراحل أدهم الملا، وشقيقاه المخرجان مؤمن وبشار.
تعلم المخرج الراحل الإخراج في معهد الفنون، وبدأ عمله في ثمانينات القرن الماضي مساعد مخرج في العديد من الأعمال مع مخرجين معروفين. ومخرج برامج فنية نالت شهرة في سوريا، منها: «القنال 7» عام 1984، وبرنامج «الليل والنجوم» عام 1986، و«بساط الريح» في دبي عام 1993، وبرنامج «داود في هوليود» في الكويت، عام 1998. كما أخرج عدداً من البرامج الثقافية التراثية، منها: «بوابة الريح، ديوان العرب»، ليكون أول أعماله الدرامية مسلسل «كان ياما كان» في جزئه الأول، وهو عمل درامي مخصص للأطفال، لعبت دور البطولة فيها الفنانة سامية الجزائري، ليحقق الملا أولى خطواته نحو الأعمال الجماهيرية في مسلسل «الخشخاش»، وتناول قضية تعاطي المخدرات والتقاليد البالية واضطهاد المرأة في المجتمع السوري. في عام 1992 أطلق مسلسل «أيام شامية» بمشاركة نخبة من النجوم السوريين المخضرمين، منهم رفيق سبيعي، وعدنان بركات، وعباس النوري، وبسام كوسا، وهالة شوكت، وآخرون. تابع الملا عمله في خط البيئة الشامية ولمع فيه بمسلسلي «الخوالي» عام 2000، ومسلسل «ليالي الصالحية»، عام 2004، اللذين مهدا لإنتاج «باب الحارة» 2005. وقد أخرج الأجزاء الخمسة الأولى منه ليصبح مشرفاً على الأجزاء اللاحقة، إلى أن غادر العمل تماماً عام 2020 بموجب حكم قضائي. خلال ما يقارب العقد ونصف العقد، أسهم الملا في تحول أعمال البيئة الشامية إلى ظاهرة في الإنتاج الدرامي السوري لما لاقته هذه الأعمال من إقبال عربي، كانت خلالها انتقادات السوريين، لا سيما الدمشقيين، تزداد حدة حيال هذا النوع الدرامي الذي لم ينجُ من فخ المبالغات، وبعضها وصل حد الإسفاف وتقديم صورة مسيئة عن المجتمع الشامي والمرأة الشامية فيها الكثير من الجهل والخنوع.
حاول الملا عام 2020 إعادة الاعتبار لأعمال البيئة الشامية؛ الألق الأول في مسلسل «سوق الحرير»، إلا أنه رغم تميزه وتجاوزه الكثير من هنات دراما البيئة الشامية، لم يحقق العمل الحضور الذي سبق وحققته أعمال الملا الأولى.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».