استكشاف بريق «المصاغ الشعبي» المصري في كتاب جديد

يرصد الأبعاد الاجتماعية لهذه الصناعة التراثية

أشكال متنوعة من المصاغ الشعبي المصري (منتدى المشغولات الشعبية)  -  غلاف الكتاب
أشكال متنوعة من المصاغ الشعبي المصري (منتدى المشغولات الشعبية) - غلاف الكتاب
TT

استكشاف بريق «المصاغ الشعبي» المصري في كتاب جديد

أشكال متنوعة من المصاغ الشعبي المصري (منتدى المشغولات الشعبية)  -  غلاف الكتاب
أشكال متنوعة من المصاغ الشعبي المصري (منتدى المشغولات الشعبية) - غلاف الكتاب

يقول المصريون في المثل الشعبي «لابسة الشِفْتِشي والمِفْتِشي»، عند إشارتهم إلى السيدة المترفة، ذات الزينة «المبهرجة»، وهو وصف للمرأة التي ترتدي أنواعاً معينة من الحُلي ذات القيمة العالية، والذي تعود جذوره إلى عصور وحضارات إنسانية قديمة، حتى توارثه الفنانون المصريون وحافظوا عليه حتى الآن.
ولاستكشاف بريق «المصاغ الشعبي المصري»، قامت الدكتورة ابتهال العسلي، برحلة بحث ميدانية بأزقة وشوارع القاهرة، دامت نحو 7 سنوات، قبل أن تطرح كتابها «المصاغ الشعبي المصري» الصادر حديثاً عن هيئة قصور الثقافة المصرية.
والمصاغ الشعبي أو «الشفتشي» عبارة عن أسلاك رفيعة من الذهب أو الفضة أو النحاس، تُستَخدم لتكوين أشكال مُحددة من الزخارف وتصاميم كردانات، أو أقراط أو أساور، وغيرها من أشغال الحُلي، التي تأخذ صورة الأحجبة والأهلّة والنجوم والمربعات والمثلثات. ويوجد قطع أثرية منها معروضة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة؛ مصنوعة بأسلوب «الشفتشي» ويرجع تاريخها للقرن السادس الهجري ويُنسب بعضها إلى شجرة الدر، زوجة السلطان الصالح نجم الدين أيوب.
ويوثّق الكتاب لأنواع «المصاغ الشفتشي» معتمداً على البحث الميداني في منطقة الحسين، والغورية، وربع فريد، وخان الخليلي، وتضم الكثيرين من الفنانين الذين يعملون في صناعته، وتعتمد العسلي في دراستها أبعاداً عدة، الأول تاريخي، والثاني اجتماعي، والثالث ثقافي تراثي.
وتعود صناعة المصاغ الشفتشي، حسب العسلي، إلى المصريين القدماء، حيث أخذ طابعاً دينياً، في عصور عدة، فقد استخدمه الفنانون في تشكيلة موتيفات، مثل نجمة داود، والصليب، والنجمة الإسلامية، والتي تطورت عمليات الاستفادة منها وصارت تظهر بأشكال جديدة في المصاغ الحديث، وهذا يعني، من وجهة نظرها، أن موتيفات الشفتشي كانت تأخذ مع انتقالها من زمن لآخر سمات العصر الذي يتم إبداعها فيه، سواء كان أقراطاً أو أساور أو قلائد، وقد كان وزن المصاغ وثقله يدل على حجم الانتعاش والرخاء، الذي يتسم به العصر الذي تعود إليه.
وتضيف العسلي لـ«الشرق الأوسط» قائلة «اهتممت بتتبع طبقة الحرفيين الذين يعملون في صناعة المصاغ الشفتشي، من قمة هرمها، والتي تبدأ بالمعلم ثم الأسطى والصنايعي، وحتى القاعدة التي تتشكل من الصبية»، وقامت العسلي بوصف طبيعة الورش التي يعملون بها، والأدوات المستخدمة في الصناعة، واللغة المتداولة فيما بينهم، وهي ذات طبيعة وشفرات خاصة لا يفهمها سواهم.
مشيرة إلى أن الصناع كانوا يطلقون أسماء زوجاتهم وبناتهم على المصاغ الذي يبتكرونه، فتنتشر في الأسواق كأنها علامة تجارية مسجلة.
وعن أصل تسمية «المصاغ الشفتشي»، بهذا الاسم، تقول العسلي، إنه «يعود إلى الأداة التي يستخدمها الحرفيون في صناعته، وتسمى (شفت)، وتعتمد على الأسلاك بشكل أساسي وتظهر قطعة الحلي مفرغة دائماً، وتأخذ شكل الدوائر أو المثلثات أو المربعات أو النجوم أو الأهلة، وجميعها تعتمد في صناعتها على العمل اليدوي، ويبرز فيها روح الفنان وشخصيته ومهارته وقدرته على تقديم قطعة تفيض بسمات عصره».
ويعبر المصاغ الشفتشي في جزء منه عن المعتقدات الشعبية، وكان فنانوه يستلهمون نظرة الناس للحياة وقناعاتهم خلال تصنيعه؛ وهو ما يظهر مثلاً في شكل الكردان الذي كان دائماً ما يعتمد في تصميمه على المظهر الفردي، سواء كان فرعاً واحداً أو ثلاثة أفرع أو خمسة، ويعتمد في تشكيله على وحدات تشبه العين التي كانوا يعتقدون أنها تبطل الحسد، وتخطف نظرة الحسود، وقد ظهرت أشكال من الكردان مثل «عش العروس»، ويتكون من وحدات تشبه جدران المنازل، يوضع داخلها موتيف يأخذ شكل أبو الهول، وهناك «قرط المخرطة» و«السيف»، وقد كان بعض الصناع يشكّلون المصاغ على صورة إحدى أدوات الحرب وعتادها، وهي أنواع من التعاويذ كان المحاربون يرتدونها حتى تمنحهم الشجاعة، والقدرة على اقتحام المعارك.
وتؤكد العسلي، أن «المدهش في مصاغ الشفتشي أنه يتم في إطار فريق يتخصص كل فرد فيه في مرحلة واحدة، ما يشير إلى أن القطعة كانت تأخذ شكلها النهائي من خلال دولاب عمل جماعي، تتوزع خطواته بين عدد من الصنَّاع، فبالنسبة للكردان مثلاً كان هناك من يقوم بعمل الإطار الخارجي، وآخر يقدم البناء الداخلي له، وثالث يقوم بتصنيع الحشوات الصغيرة والموتيفات التي يتم وضعها وتثبيتها في داخل إطار الكردان، ثم يأتي الدور على اللحّام، ثم من يقوم بالتنعيم، والصنفرة، وهذه طريقة قديمة ابتكرها اليهود حتى لا يتقن حرفي واحد الصناعة وينفصل ويقوم بإنشاء ورشة بمفرده ينافس بها صاحب العمل في الأسواق»، بحسب العسلي.
أما فنانو الشفتشي المعاصرون، فقد اعتمدوا في تطوير المصاغ الشفتشي على موتيفات جديدة كالأحجبة والتمائم، والخرز الملون، والذي يعتقد أبناء المناطق الشعبية أنها تقي من الأمراض، أو تجلب التفاؤل والحظ، أو تمنع الحسد.
وأشارت العسلي إلى أن «الكثيرين ممن كانوا يشاركون في حفلات الزار كانوا يرتدون حُلي الشفتشي أثناء الرقص؛ اعتقاداً منهم أنها تخفف التوتر والأمراض النفسية والصداع وغيرها من الأمراض الطارئة».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».