شهد سجن الثانوية الصناعية في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، الذي يضم نحو خمسة آلاف متهم بالانتماء لـ«داعش» ليل الخميس - الجمعة، «أعنف تمرد منسق» أسفر عن مقتل 12 عنصراً في التنظيم واثنين من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وعضو بقوى الأمن.
وبدأ الهجوم بتفجير سيارة مفخخة قرب مؤسسة «سادكوب» للمحروقات القريبة من السجن، ما أدى إلى اندلاع حريق كبير جراء احتراق خزانات الوقود والمحروقات راح ضحيته رجل إطفاء مدني، وتدخلت قوات التحالف الدولي وجنود من الجيش الأميركي بغطاء الطيران الحربي للسيطرة على السجن وإنهاء حالة التمرد والاستعصاء، وقصفت مواقع ونقاطاً سيطرت عليها خلايا موالية للتنظيم داخل السجن وفي حي حوش البعر المجاور بمحطيه.
واستمرت الاشتباكات أمس، داخل السجن، وكان بالإمكان مشاهدة ألسنة النيران وسحب الدخان فوق سماء المنطقة وسماع أصوات الرصاص والقذائف، بين قوى الأمن الداخلي وقوات مكافحة الإرهاب وحراس السجن من جهة، وعناصر التنظيم داخل السجن وفي محيطه من منازل بحي حوش البعر من جهة أخرى.
ووصلت تعزيزات عسكرية لقوات «قسد» لتكثيف وجودها العسكري في محيط السجن ونشرت فرقاً للمهام الخاصة والتدخل السريع وفرضت طوقاً أمنياً محكماً حول المنطقة وأغلقت جميع الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى السجن. كما فرضت حظراً شاملاً على مدينة الحسكة ومنعت دخول وخروج الأهالي والمدنيين حتى إشعار آخر، وشاركت طائرات التحالف بقيادة واشنطن في عمليات التمشيط وألقت قنابل ضوئية لمساندة حراسة السجن فيما قصفت بالرشاشات مواقع متفرقة في محيطه.
وشهد حيا الغويران والزهور قرب السجن، حركة نزوح كبيرة للأهالي قصدوا الأحياء المجاورة ومركز المدينة. وقالت «قسد» في بيان نُشر على موقعها الرسمي أمس، إن قوات تابعة للتحالف الدولي «قامت باستهداف مجموعات من خلايا تنظيم (داعش) في محيط سجن الصناعة موقعةً جميع أفراد الخلية بين قتيل وجريح»، وأكدت إلقاء القبض على نحو 110 من عناصر التنظيم حاولوا الهروب وهم «الذين تمكنوا من الفرار من سجن الصناعة وإعادتهم إلى أحد سجونها الأخرى».
ونقل فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي للقوات، أن السجناء بدأوا تمردهم ليل الخميس - الجمعة الفائتة داخل المهاجع وقاموا بحرق الأغطية والعلب البلاستيكية في محاولة لإحداث الفوضى. وزاد: «الاشتباكات استمرت داخل السجن وفي محيطه تتركز بشكل أساسي في حي حوش البعر المحاذي لحي غويران. وأحبطنا محاولتين للفرار الجماعي قام بهما عناصر (داعش) وتمكنّا من السيطرة على الوضع»، مشيراً إلى أن الاشتباكات العنيفة التي يشهدها السجن تأتي من الجهة الغربية والشمالية، «عناصر التنظيم يستخدمون منازل الأهالي واتخذوا من المدنيين دروعاً بشرية ومنعوا أكثر من 250 عائلة من مغادرة حي حوش البعر».
وكان انفجار «سادكوب» ساعة الصفر لعناصر التنظيم المحتجزين في السجن لتنفيذ الاستعصاء والهجوم على قوى الحراسة والأمن، حيث أظهرت كاميرات المراقبة من برج الحراسة داخل السجن كيف نجح العشرات من المحتجزين في الخروج من داخل المهاجع، وأضرموا النيران بالقرب من البوابة الرئيسية وهاجموا عناصر الحراسة، لتقوم قوى «الأسايش» والقوات الخاصة برد الهجوم وتبادلوا الاشتباكات وقتل 12 عنصراً بينهم مسلح صيني الجنسية، وانتقلت الاشتباكات إلى المناطق المجاورة في حي الغويران وحي حوش البعر بعد وصول موالين للتنظيم وقوات مؤازرة وفتحت النيران على قوى الأمن والحراسة من الجهة الخلفية، وسقط 5 مدنيين ضحايا الهجوم بينهم شخص قُطع رأسه بأداة حادة.
وذكر شامي أنه بعد اندلاع الاشتباكات وقعت سلسلة عمليات تصفية انتقامية بين صفوف عناصر التنظيم، إذ «قامت مجموعة من (داعش) بقتل أكثر من 7 آخرين حاولوا تسليم أنفسهم للقوات، لنشر الخوف والذعر في صفوف المهاجمين». وأكدت مصادر متقاطعة فرار 8 من سجناء التنظيم. ونوّه شامي إلى أنهم ألقوا القبض على 2 منهم، وسيطرتهم على أجزاء من السجن. وزاد: «هي عملية عصيان وتمرد لكن تمت السيطرة على محاولتين منذ أول من أمس. قواتنا تتحرك بكل حذر ودقة وتأخذ سلامة المدنيين بالدرجة الأولى في أي خطة عسكرية لمهاجمة السجن والسيطرة عليه».
ويعد هذا الاستعصاء الأول والأعنف من نوعه خلال العام الحالي بينما شهد السجن أعمالاً مشابهة عدة مرات العام الماضي كان آخرها في 27 من الشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وقد شهد آنذاك أعمال فوضى وشغب في سجن الصناعة. ويقبع في هذه المنشأة أكثر من 5 آلاف شخص قاتلوا إلى جانب تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي تم القضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية شرقي نهر الفرات في شهر مارس (آذار) 2019، ومضى على احتجازهم قرابة ثلاثة أعوام، وترفض معظم الدول والحكومات الغربية والعربية استعادة مواطنيها لدواعٍ سياسية وأمنية.
ومنشأة الثانوية الصناعية بالحسكة من بين 7 سجون منتشرة في شمال شرقي سوريا يُحتجز فيها عناصر كانوا ينتمون إلى التنظيم، تخضع لحراسة وإدارة قوات «قسد»، ومراقبة ودعم مالي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتشير إحصاءات إدارة السجون إلى وجود نحو 12 ألف شخص كانوا ينتمون إلى صفوف التنظيم المتشدد، بينهم 800 مسلح يتحدرون من 54 جنسية غربية، وألف مقاتل أجنبي من بلدان الشرق الأوسط، على رأسها تركيا وروسيا وشمال أفريقيا ودول آسيوية، بالإضافة إلى 1200 مسلح يتحدرون من دول عربية، غالبيتهم قدموا من تونس والمغرب، كما يبلغ عدد المتحدرين من الجنسية العراقية نحو 4 آلاف، والعدد نفسه يتحدر من الجنسية السورية.
والدولة الوحيدة التي استعادت سجناء التنظيم هي العراق وتسلمت نهاية العام الماضي 100 محتجز من سجون «قسد» و50 سجيناً بداية العام.
قتلى باشتباكات في سجن يضم متهمين بالانتماء لـ«داعش» شرق سوريا
التحالف الدولي بقيادة أميركا دعم «قسد» لإنهاء «التمرد المنسق»
قتلى باشتباكات في سجن يضم متهمين بالانتماء لـ«داعش» شرق سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة