«السعودي للتصميم»... كفاح 15 سنة يعيد الاعتبار للفنون «المُهمشة»

نورة بوظو لـ «الشرق الأوسط» : مستقبلاً سنكون منصة لإطلاق المصممين للعالمية

«فقاعة الهواء» عمل يُعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ويُبهر زوار المهرجان
«فقاعة الهواء» عمل يُعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ويُبهر زوار المهرجان
TT

«السعودي للتصميم»... كفاح 15 سنة يعيد الاعتبار للفنون «المُهمشة»

«فقاعة الهواء» عمل يُعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ويُبهر زوار المهرجان
«فقاعة الهواء» عمل يُعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ويُبهر زوار المهرجان

لا صوت يعلو بين المصممين السعوديين فوق صوت «المهرجان السعودي للتصميم»، الذي يقام حالياً في حي جاكس بالدرعية؛ إلا أن قصة هذا المهرجان تحكي كفاحاً امتد لسنوات لإعادة الاعتبار لمجالات التصميم والفنون المُهمشة. عام 2007، أطلقت شقيقتان سعوديتان مجلة (الواحة) المعنية بالمبدعين المحليين ونشر أعمالهم لتصل إلى العالمية، بعد أن لمستا تعطش المبدعين لعرض أعمالهم في منصات فعلية، ما دفعهما لاحقاً لبدء معارض الفن والتصميم، وتأسيس الأسبوع السعودي للتصميم.
واليوم، بعد مرور 15 عاماً على هذه المحاولات الكثيفة، يأتي المهرجان الأول من نوعه في الشرق الأوسط، الذي تقدمه هيئة فنون العمارة والتصميم. وتوضح نورة بوظو، الشريك المؤسس للمهرجان السعودي للتصميم، دافع ذلك بالقول: «وجدنا أن هناك مجالات من التصميم كانت مُهمشة ولا تحصل على الدعم المستحق».
وتشير بوظو، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه في عام 2014 كان هدفها هي وشقيقتها بسمة بوظو، من تأسيس الأسبوع السعودي للتصميم، هو دعم المصممين الذين يعملون في جميع مجالات التصميم (بما فيها من المجالات المهمشة: التصميم الصناعي، وغيرها)، لتكبر الفكرة اليوم وتتمثل في هذا المهرجان.
إلا أنه مع كثرة الأحداث المعنية بالتصميم والحراك الإبداعي، يأتي السؤال (ما الجديد والمميز هنا؟)، تجيب بوظو: «ما يميزنا هو دعمنا لمجالات عدة من التصميم، من التصميمات التفاعلية إلى التصميم الصناعي، والمعمار، وتصميم المفروشات، وتصميم المجوهرات، والتصميم الجرافيكي وغيره». وتردف أن «دور المهرجان السعودي للتصميم هو إظهار أهمية التصميم في جميع جوانب حياتنا اليومية».
ويجمع المهرجان 120 مصمماً مشاركاً، حسب بوظو، متوقعة أن يصل عدد الزوار خلال مدة المهرجان البالغة 20 يوماً حدود 60 ألف زائر، وهو ما تعتبره انعكاساً لانتعاش الحراك الإبداعي. ويبدو لافتاً استقطاب المهرجان لمصممين عرب وعالميين، وهنا تقول: «نرى أن استقطاب المصممين العالميين أمر مهم لأنه من الضرورة أن نتعلم من بعضنا ومن الممارسات المختلفة للتصميم وربما يحصل تعاون بين المصممين المحليين والعالميين».
وعن التصاميم الإبداعية التي أدهشت الزوار، تشير بوظو إلى وجود العديد منها، مثل: (فقاعة الهواء) التي تعرض لأول مرة في الشرق الأوسط، من ستوديو «إيكولوجيك»، وهي تركيب فني يجسد أول ملعب للتكنولوجيا الحيوية في العالم، حيث يجري دمج الطحالب الدقيقة التي تعمل على تنقية الهواء، لخلق بيئة نقية للعب الأطفال. ويدمج الملعب تقنية الصور الاصطناعية Photo.Synthetica لتجسيد التكامل المتقدم لعملية التمثيل الضوئي في البيئات المشيدة.
وهناك أيضاً، معرض «المستقبل في التصميم»، الذي يتيح للمبدعين استعراض التصاميم المفاهيمية، ومشاريع ومبادرات متنوعة في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي. وينطوي المعرض على قسم خاص تنظمه شركة «الدباغ آركيتكتس» عبر مديرتها سمية الدباغ التي اختارت سبعة مشاريع، قائمة وغير قائمة، تجسد جوهر الهوية والاستدامة والاتصال بالبيئة.
وترى بوظو أن مستقبل التصميم بعيون مشرقة، متوقعة نمو القطاع، وزيادة عدد المصممين والمبدعين، مضيفة: «نسعى لأن نكون منصة لإطلاق المصممين المحليين إلى العالمية، واستخدام التقنيات الحديثة في التصميم المحلي، مع زيادة عدد الوظائف في قطاع التصميم». وتؤكد أن رؤية المهرجان هي دعم المصممين، وتثقيف الجمهور بجميع مجالات التصميم، ودعم بيئة إبداعية مميزة، مضيفة: «هذا العام شهد تدشين المهرجان السعودي للتصميم بدعم ورؤية مشتركة مع هيئة فنون العمارة والتصميم في وزارة الثقافة، وأصبح الآن الأسبوع السعودي للتصميم جزءاً من المهرجان الذي يدوم مدة 20 يوماً ويجمع سلسلة من الفعاليات الهادفة والقيمة المثيرة لاهتمام محبي التصميم وهواته والمختصين والعاملين في هذا المجال».
وبوظو الحاصلة على جوائز عدة، لديها خلفية في الفن الإسلامي والتاريخ مع تركيز خاص على تايبوغرافي في المنطقة، وخلال 12 عاماً من عملها مديرة إبداعية، عملت نورة على تنمية جهات اتصال واتصالات مختلفة في كل من الفن وعالم التصميم، وعملت على الحملات والأنشطة مع هارفي نيكلز، وبيبسيكو مرسيدس بنز، وفان كليف أند آربلز، وغوغل، وسنوهيتا، وزها حديد للهندسة المعمارية وأكثر.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».