وزير الصحة اللبناني: قطاع الرعاية الصحية في البلاد على شفا الانهيار

وزير الصحة اللبناني فراس أبيض (رويترز)
وزير الصحة اللبناني فراس أبيض (رويترز)
TT

وزير الصحة اللبناني: قطاع الرعاية الصحية في البلاد على شفا الانهيار

وزير الصحة اللبناني فراس أبيض (رويترز)
وزير الصحة اللبناني فراس أبيض (رويترز)

يتداعى نظام الرعاية الصحية اللبناني وسط أزمة اقتصادية طاحنة أدت لنزوح جماعي لآلاف الأطباء والممرضين، وإجبار مستشفيات خاصة على إغلاق بعض أقسامها، بما شكل مزيداً من الضغوط على القطاع الصحي الحكومي الذي يتعرض بالفعل لما يفوق طاقته.
وقال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض لوكالة «رويترز» للأنباء هذا الأسبوع: «إذا هذه الأزمة استمرت وطولت من غير إيجاد حلول، طبعاً نحن سنقترب أكثر لما ذكرته من ناحية إنه يصير فيه انهيارات كبيرة».
ويهوي الاقتصاد اللبناني في سقوط حر منذ عام 2019، وفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 في المائة من قيمتها، مما دفع بأغلب السكان إلى الفقر، ودفع المهنيين وذوي الخبرة في القطاع الصحي وغيره من القطاعات للسفر إلى الخارج للعمل.
ويقول جوزيف الحلو مدير العناية الطبية في وزارة الصحة إن المستشفيات الخاصة في البلاد، التي اعتبرت في وقت من الأوقات مركزاً إقليمياً للعلاج الطبي، كانت تشكل 80 في المائة من المؤسسات الطبية والخدمات الصحية قبل الأزمة، لكن الآن لم يعد لدى الكثير من الناس القدرة المالية للجوء إليها وأصبحوا يتجهون لمستشفيات الدولة.
وأشار الحلو إلى أن الوزارة كانت تغطي فواتير الرعاية الطبية لنحو 50 في المائة من السكان قبل الأزمة. أما الآن فنحو 70 في المائة من المواطنين يطلبون المساعدة بما فرض ضغوطاً إضافية على ميزانية الوزارة الآخذة أصلاً في التقلّص. وأضاف أن ديوناً ضخمة تتراكم في المستشفيات.
وأوضح الحلو أن ميزانية الوزارة بالدولار كانت توازي 300 مليون دولار قبل الأزمة، لكنها تعادل الآن 20 مليون دولار بعد انهيار العملة.
سارع محمد قاسم (37 عاماً) إلى نقل زوجته الحبلى في شهرها الخامس في طفلهم الخامس لمستشفى رفيق الحريري في بيروت وهو مستشفى عام، بعد أن تعرضت لنزف غير معروف السبب. لكنه قال إن المستشفى رفض قبول دخولها حتى وصل قريب له لدفع مبلغ مقدماً.
وقال من أمام المستشفى هذا الأسبوع: «يعني إذا أنا ما معي مصاري، شو بعمل؟ هيدا السؤال. بتموت مرتي يعني؟». ويضطر المرضى وذووهم في العادة للدفع مقدماً، حتى لو كانت وزارة الصحة تغطي تكاليف علاجهم. واضطرت فيفيان محمد للاعتماد على التبرعات الخيرية لسداد مبلغ مقابل إجراء جراحة لزوجها.
ويقول الحلو إن نحو 40 في المائة من العاملين في القطاع الصحي، أي نحو 2000 ممرض وممرضة و1000 طبيب، غادروا بالفعل لبنان خلال الأزمة وتوجه أغلبهم لأوروبا ودول عربية في الخليج. وتابع قائلاً إن كثيرين منهم من أصحاب التخصصات، مما أجبر بعض المستشفيات الخاصة على إغلاق بعض الأقسام، مثل أقسام الأورام أو القلب أو العظام أو الأطفال، لأنها لا تجد أطباء لتشغيلها. وقال وزير الصحة إن البلاد بحاجة إلى التوصل لاتفاق مع «صندوق النقد الدولي» وتنفيذ إصلاحات لتتمكن من الحصول على دعم من الجهات المانحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».