«الجريمة»... «ثيمة» تقليدية أنقذها تألق الممثلين

أحداث الفيلم المصري تدور في السبعينات بمدينة ساحلية معزولة

الفنان ماجد الكدواني جسد دور ضابط مباحث
الفنان ماجد الكدواني جسد دور ضابط مباحث
TT

«الجريمة»... «ثيمة» تقليدية أنقذها تألق الممثلين

الفنان ماجد الكدواني جسد دور ضابط مباحث
الفنان ماجد الكدواني جسد دور ضابط مباحث

لم يكن غريباً أن يحتل فيلم «الجريمة» منذ الأيام الأولى لعرضه صدارة الإيرادات في شباك تذاكر دور العرض المصرية، متفوقاً من الناحية التجارية على الأفلام المنافسة الأخرى بالموسم السينمائي الشتوي. فالعمل توافرت له العديد من عوامل الجذب الجماهيري، من بينها اسم المخرج المصري المخضرم، شريف عرفة، ونجومية الفنان أحمد عز، فضلاً عن وجود فريق من الممثلين الذين باتوا بمثابة «علامة جودة» بالآونة الأخيرة بالسينما، على غرار ماجد الكدواني، ومنة شلبي، وسيد رجب، ناهيك عن قصة العمل نفسها، التي تنتمي إلى سينما التشويق والإثارة النفسية.
اتسم الفيلم بالتميز على مستوى زمان ومكان الأحداث، التي تدور في سبعينيات القرن الماضي بمدينة «القصير» على ساحل البحر الأحمر، (جنوب شرقي القاهرة) وهي مدينة كانت معزولة للغاية في تلك الفترة، لتناسب أجواء هذا الشريط السينمائي.
وتبدأ الأحداث برجل ممدد على الفراش بأحد المستشفيات هو «عادل النضراوي»، يختلط في ذهنه الواقع بالكوابيس، وتهاجمه هلوسات بصرية وسمعية حادة، يبدو الرجل مطارداً من جانب ماضيه، الذي يبدأ في استعراضه على طريقة «الفلاش باك»، أو الارتداد للخلف، نتعرف على طفولة قاسية لتلك الشخصية تعرض خلالها لحادث أثر عليه وأصابه بعقدة نفسية حادة.
ويلتقي «عادل» بفتاة متحررة، جميلة، وجريئة (تجسد شخصيتها منة شلبي) فيقع في غرامها، لكنها توقظ عقدته القديمة، وتؤججها بقوة، على هذه الخلفية، تقع جريمة قتل مروعة يتولى التحقيق فيها ضابط يحمل مواصفات خاصة جسد شخصيته بشكل مميز «ماجد الكدواني» فهو يملك حساً ساخراً، وتعليقات ضاحكة، تخفف قليلاً من التوتر الدرامي، كما يملك أيضاً حساً إنسانياً، وخبرة مهنية كضابط مباحث مخضرم يسعى لحل لغز تلك الجريمة.
تأتي واقعة القتل إذن كحدث مركزي يفجر الدراما، ليغوص السيناريو عميقاً في نفوس الشخصيات الأبرز في القصة، نتعرف تدريجياً على المناطق المظلمة بداخلهم، والأسرار المخبأة في معطف الماضي لدى كل منهم، فتتوالى المفاجآت.
واستغل شريف عرفة حقبة السبعينيات ليبرز أدواته كمخرج مخضرم في تلك النوعية من الأفلام، لا سيما نمط الملابس آنذاك والطرز المختلفة من السيارات المكشوفة كما استطاع خلق نوع من التوازن بين مشاهد الحركة والمطاردات، والاشتباكات، والتفجيرات، وبين الإثارة النفسية الهادئة التي تحفر بعمق عن عقد الطفولة، ليظل الهدف الأساسي، هو خلق حالة من التشويق لدى المتفرج طوال مدة العرض.
لكن الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، يعيب على صناع الفيلم لجؤهم إلى «ثيمة تقليدية»، ليس فقط على مستوى الهيكل العام للعمل، بل أيضاً على مستوى التفاصيل التي جاءت مشابهة للعديد من التجارب السابقة في السينما المصرية والعالمية على مدار نصف قرن.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «صناع العمل افترضوا أن أحداً لم يسمع من قبل عن نظريات (سيجموند فرويد)، التي تربط بين عقد الطفولة، وسلوكيات الشخص عندما يكبر، ويواجه المجتمع، وافترضوا كذلك أن الجمهور لا يعرف ثيمة (الجريمة والعقاب) التي تكررت في أفلام كثيرة، نقلاً عن رواية الأديب الروسي تيودور ديستوفسكي، حيث يتخذ البطل بنفسه قرار القتل بحجة تخليص العالم من الأشرار».
وبحسب عبد الرحمن فإن صناع «الجريمة»: «افترضوا أيضاً أن المشاهدين لم يتابعوا أفلاماً معاصرة شهدت خطوطاً درامية تكاد تكون متطابقة لما شاهدناه في هذا الفيلم، أبرزها تخطيط أحمد عز نفسه لقتل زوجته، بسبب الخيانة في فيلم (الحفلة)، كما سبق ذلك التركيز على عقدة الابن بسبب خيانة الأم لأبيه، التي انطلق منها فيلم (عفواً أيها القانون)».
ورغم كل النقاط السلبية التي ساقها عبد الرحمن تجاه الفيلم، فإنه يرى أن اختيار صناعه موقع تصوير جديد على المشاهد المصري، من إيجابيات الفيلم، بالإضافة إلى مستوى الملابس والإكسسوار والديكور والإضاءة والمونتاج، التي أجاد فيها الجميع، ومشيراً إلى أن الأهم من ذلك هو أن «كل الممثلين تقريباً قدموا أنماطاً جديدة... أحمد عز، مجتهد ومتطور كالعادة، وماجد الكدواني ضابط مباحث من طراز مختلف، كما يحسب لمنة شلبي تجسيدها شخصية مختلفة وغير نمطية».
ويشار إلى أن المخرج شريف عرفة، قد شارك في موسم الصيف الماضي بفيلم «الإنس والنمس»، وهو من تأليفه أيضاً، وبطولة محمد هنيدي، ومنة شلبي، وعمرو عبد الجليل.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.