انطلاق محاكمة «طبيب التعذيب» غداً في فرانكفورت

تلقي نظرة تفصيلية على وظيفة المستشفيات العسكرية في سوريا

أنور رسلان (يمين) في محكمة كوبلنز التي حكمت عليه بالسجن المؤبد لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها بدمشق (رويترز)
أنور رسلان (يمين) في محكمة كوبلنز التي حكمت عليه بالسجن المؤبد لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها بدمشق (رويترز)
TT
20

انطلاق محاكمة «طبيب التعذيب» غداً في فرانكفورت

أنور رسلان (يمين) في محكمة كوبلنز التي حكمت عليه بالسجن المؤبد لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها بدمشق (رويترز)
أنور رسلان (يمين) في محكمة كوبلنز التي حكمت عليه بالسجن المؤبد لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها بدمشق (رويترز)

لم يمضِ أسبوع على طي محكمة ألمانية في مدينة كوبلنز غربي البلاد، محاكمة أول مسؤول سوري رفيع بتهم جرائم ضد الإنسانية، حتى بدأت الاستعدادات في محكمة أخرى بمدينة فرانكفورت التي تبعد قرابة الساعة ونصف الساعة عن كوبلنز، لمحاكمة متهم ثانٍ بارتكاب جرائم حرب بعد الثورة السورية.
وتبدأ يوم غد، محاكمة الطبيب السوري علاء موسى، البالغ من العمر 36 عاماً، والمتهم بتعذيب وقتل سجناء في سوريا بين عامي 2011 و2012. ويواجه الطبيب السوري تهماً بقتل سجين، وتعذيب 18 شخصاً آخرين، بحسب المدعي العام، في محاكمة حددت أول 14 جلسة منها. وسيشهد في القضية 9 شهود ممن تعرضوا للتعذيب على أيدي الطبيب الذي كان يعمل في مستشفيات عسكرية في حمص ودمشق.
وتحرك الادعاء العام الألماني في العام الماضي، وطلب إصدار مذكرة توقيف بحق موسى، بعد أن حصل على أدلة جمعها «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية»، تثبت تعرض سجناء للتعذيب على يد موسى. ويجمع «المركز السوري» الذي يرأسه المحامي والناشط السوري أنور البني، أدلة ضد مجرمين سوريين منذ سنوات، وساعد كذلك في بناء الملف الذي أدى إلى إدانة الضابط السوري أنور رسلان، والحكم عليه بالسجن المؤبد يوم الخميس الماضي.
وأصدر «المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية»، بياناً رحب فيه بالاستعداد لانطلاق محاكمة موسى، وأكد على «استمرار مسيرة ملاحقة المجرمين ضد الإنسانية ومجرمي الحرب في سوريا، في محاكم ألمانيا والدول الأوروبية». وأشار إلى أن موسى كان يلقَّب بـ«طبيب التعذيب» من قبل بعض الضحايا. وروى عن أحد الشهود قوله إنه شاهد موسى يأمر بإخراج معتقل من الزنزانة إلى الممر وإلقائه أرضاً، ثم داس على جراحه المتقيحة بحذائه المتسخ، وقال له: «هذه هي الطريقة التي تعالج بها مثل هذه الجروح».
وأكمل البيان الرواية، نقلاً عن أحد الشهود، قائلاً إن موسى «صب بعد ذلك المطهر على الساعد المتقيح وأشعل فيه النار، ثم قام بركل الضحية متهماً إياه بأنه أعظم خائن في البلاد، وبقي يركله حتى فقد الوعي».
وأشار بيان المركز إلى ملاحظة من مكتب المدعي العام، تقول بأن «الأطباء في عيادة عسكرية أخرى، كانوا دائماً يحملون طلقات البوتاسيون المميتة معهم لإبادة منتقدي النظام».
وصل موسى إلى ألمانيا عام 2015؛ حيث تعلم اللغة الألمانية، وعدَّل شهادته ليبدأ العمل بعد ذلك في مستشفيات ألمانية في ولاية هسن وعاصمتها فرانكفورت. وعند اعتقاله في 19 يونيو (حزيران) من عام 2020، كان ما زال يعمل في أحد مستشفيات المدينة، وأودع منذ ذلك الحين السجن الاحتياطي، في انتظار بدء محاكمته.
وتمكن المدعي العام من جمع شهود إضافيين خلال فترة اعتقال موسى، ليصل عدد الشهود الذين ستستمع إليهم المحكمة إلى 9. وقد تعتمد المحكمة كذلك على «صور قيصر» لإثبات التعذيب الممنهج الذي تشهده السجون السورية. واعتمد الادعاء في محكمة كوبلنز على هذه الصور في محاكمة الضابط رسلان، لترسم صورة عن التعذيب الممنهج الذي كان يحصل داخل السجون السورية بحق المعارضين. وقبلت المحكمة بالصور، وقالت بأن خبيراً ألمانياً أكد صحتها، وأنها تثبت فعلاً التعذيب الذي كان يتعرض له السجناء. ورغم أن عدد الشهود في محاكمة الطبيب موسى، أقل من الذين شهدوا في قضية رسلان التي شارف عدد الشهود فيها على الخمسين، فإن التهم الموجهة إليه، لو ثبتت، ستُلحق به حكماً بالسجن مدى الحياة.
وأشار المركز الذي يرأسه المحامي أنور البني، إلى أن موسى تواصل مع السفارة السورية في برلين، لمحاولة الحصول على مساعدة في محاكمته وتزويده بوثائق تثبت براءته، كما ناقش مع موظف في السفارة مساعدته للخروج من ألمانيا.
ومن التهم الموجهة إلى الطبيب علاء، تعذيب 9 سجناء، على الأقل، بضربهم وركلهم على رؤوسهم وأجسادهم، وإحراق أعضائهم التناسلية عبر سكب مواد حارقة عليها ثم إشعالها. كذلك، يوجه الادعاء تهمة قتل أحد السجناء الذي كان مصاباً بداء الصرع، عبر منع الدواء عنه وضربه ضرباً مبرحاً، في البداية بأنبوب بلاستيكي، ثم إعطائه حبة دواء تسببت في وفاته.
ويُتهم موسى كذلك بقتل سجين آخر عبر حقنه بمادة غير معروفة، عقاباً له لدفاعه عن نفسه أمام الضرب إلى كان يتعرض له. كما يُتهم موسى بالدوس على جرح ينزف لأحد السجناء قبل أن يصب عليه مادة تعقيم تحوي كحولاً، ويشعل النار فيه، ما تسبب في حرقه بدرجات مختلفة. ونفذ موسى هذه الجرائم في مستشفى حمص العسكري، ومستشفى المزة العسكري، في دمشق.
ويعتبر الناشطون السوريون المحاكمات الحاصلة في ألمانيا لمجرمين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في سوريا، باب أمل بأن تحقيق العدالة ممكن حتى من دون وجود دعم سياسي دولي لمحاكمات دولية. ووصفت منظمة العفو الدولية، المحاكمة القادمة في فرانكفورت، بأنها «خطوة مهمة نحو التعامل مع الجرائم الجماعية في سوريا، وتحقيق العدالة للشعب السوري». وجاء في بيان للمنظمة، إن «المحاكمة تلقي نظرة تفصيلية لأول مرة، على وظيفة المستشفيات العسكرية في جهاز النظام السوري، وترسل بوجه عام إشارة واضحة ضد الإفلات من العقاب في سوريا، وتوضح أنه يمكن إخضاع؛ ليس فقط جنود وموظفي الاستخبارات؛ بل أي شخص، للمساءلة، وفقاً لمبدأ القانون العالمي».
ويعتمد الناشطون السوريون على مبدأ «الولاية القضائية العالمية»، لملاحقة المسؤولين عن الجرائم في سوريا في دول أوروبية مختلفة. ويسمح هذا المبدأ الذي تعتمده معظم الدول الأوروبية -ولكن بمفهوم يختلف بين كل دولة وأخرى- بمحاكمة مجرمين لا ينتمون للبلد عن جرائم ارتكبوها في مكان آخر. وقال المحامي البني بعد صدور قرار الحكم المؤبد على أنور رسلان، إن «هذه المحاكمات تفتح باباً أمام السوريين كانوا يعتقدون بأنه مغلق»، بسبب عدم قدرة مجلس الأمن على التحرك لمعارضة روسيا والصين، في إحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتنظر دول أوروبية أخرى، مثل النمسا وإسبانيا وفرنسا والسويد، في قضايا مشابهة، ولكن لم تصل أي منها بعد إلى المحاكمة.
تجدر الإشارة إلى أن المدعين في المحكمة، سيمثلهم «المركز الأوروبي لحقوق الإنسان الدستورية» الذي يضم محامين ألماناً مثلوا المدعين في محاكمة أنور رسلان.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.