اليمن: دعوات لمعركة حاسمة تحرر صنعاء والحديدة وموانئها

TT

اليمن: دعوات لمعركة حاسمة تحرر صنعاء والحديدة وموانئها

أعاد الهجوم الإرهابي الذي تبنته الميليشيات الحوثية على منشآت مدنية في أبوظبي، أمس (الاثنين) التأكيد على خطر الميليشيات الإرهابية، في ظل عدم وجود ردع شامل للقضاء على المشروع الإيراني في جنوب الجزيرة العربية، وإنهاء الخطر الوجودي الذي تمثله الجماعة الانقلابية على اليمن ودول الجوار.
ومع هذا التصعيد الحوثي يقترح سياسيون يمنيون الترتيب لمعركة شاملة ضد الميليشيات الحوثية لوأد قدرتها وتحرير صنعاء وصعدة والحديدة وكافة المناطق المحتلة من قبل الميليشيات، إذ إن ذلك - بحسب قولهم - هو السبيل الوحيد لإعادة اليمن إلى محيطه العربي والتصدي لأحلام التوسع والهيمنة الإيرانية على المنطقة، بخاصة مع رفض الجماعة لكافة مقترحات السلام وإصرارها على خيار القوة والإرهاب لإخضاع المناطق اليمنية.
في هذا السياق يقرأ الكاتب والإعلامي اليمني وضاح الجليل التصعيد الحوثي الجديد، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه يشير «إلى أن الخطر الذي تمثله الميليشيات الحوثية الإرهابية لن يقف عند حد، ويؤكد أن التساهل في التعاطي مع هذا الخطر سيؤدي مستقبلا إلى تهديد الأمن العالمي برمته، وإضافة إلى ذلك فإن إيران لم تتوقف لحظة واحدة عن تحويل اليمن إلى منصة لاستهداف مصالح دول الإقليم وأمنها، وابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق أغراضها والحصول على مكاسب كثيرة ونفوذ واسع في المنطقة».
ويلفت الجليل الانتباه إلى أن هذا الهجوم الإرهابي يأتي بعد أيام قليلة من جريمة القرصنة التي ارتكبها الحوثيون في البحر الأحمر باختطاف السفينة الإماراتية (روابي)، ويرى أن هذا «مؤشر على أن الميليشيات تطور من إمكانياتها وقدراتها، وتسعى إلى تشكيل خطر متعدد الأوجه يتهدد كافة المنشآت والمصالح الحيوية الثابتة والمتحركة، وابتزاز مختلف القوى الإقليمية والدولية وفرض وجودها كأمر واقع لا يمكن تجاوزه».
ويؤكد «أن هذا الخطر المتعاظم؛ لا يمكن التعاطي معه بتقديم التنازلات أو التساهل والتفاوض والسماح بفرض وجوده؛ بل ينبغي أن يكون التعاطي معه بجهود كافية لإنهائه وتحجيم القوة التي تشكله، ومنع مشروعها من الحصول على مزيد من النفوذ».
ويشدد الجليل على أن «خطر المشروع الحوثي لم يعد يهدد اليمنيين ومستقبلهم وهويتهم؛ بل إن هذه الميليشيا أصبحت بمثابة رأس حربة يستخدمها النظام الإيراني وحرسه الثوري في المنطقة والعالم، وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد، ولم يعد ثمة داعٍ لمزيد من التساهل معه، أو التعاطي معه بوسائل غير رادعة وحازمة».
ويرى وضاح الجليل الحادثة الإرهابية بمهاجمة الأعيان المدنية في أبوظبي، أنها «تجدد التأكيد على أن هزيمة النفوذ والطموح الإيرانيين لن تكون إلا في اليمن؛ بإنهاء سيطرة الميليشيا الحوثية، وقطع يد إيران فيها، وهذا الأمر يتطلب وحدة جهود القوى المحلية والإقليمية والدولية، والتعاطي بجدية مع كل المعطيات، وترحيل كافة الخلافات حتى ما بعد الانتهاء من هذه المهمة العاجلة». وفق تعبيره.
الكاتب والباحث اليمني محمود الطاهر يعتقد أن الميليشيات الحوثية عبر تصعيدها الإرهابي بمهاجمة المنشآت المدنية، يأتي في سياق تصور الميليشيات أن هذه الأعمال «قد تفضي إلى تراجع التحالف عن دعم الشرعية في اليمن، وتحقيق مكاسب سياسية عبرها». ويضيف الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «هذا الهجوم - وإن كنت أشك أنهم من يقفون وراءه سوى بالتبني - يدلل على أن هناك هزائم كبيرة تحققها ألوية العمالقة الجنوبية والقوات الحكومية بإسناد سعودي وإماراتي، وهو ما يشير إلى خوف كبير من قبل إيران ومرتزقتها في المنطقة من أن تخسر الذراع الإيرانية في اليمن، لما سيترتب على ذلك من انهيارات أخرى للأذرع في المنطقة الأخرى».
ويضيف الطاهر «تسعى إيران وذراعها الحوثية في اليمن من هذه العمليات الإرهابية، إلى انتزاع مكاسب سياسية سواء خلال المفاوضات النووية، أو لإنقاذ الحوثيين من الهزيمة التي نرى ملامحها هذا العام، إذا ما ربطنا ذلك بتصريحات متحدث الجماعة محمد عبد السلام، من إيران وبعد دقائق من لقاء الرئيس الإيراني وكذلك الأمين العام للأمن القومي الإيراني، والذي هدد بضرب الإمارات، وهنا ما يجب هو عدم تنفيذ المطالب الحوثية والإيرانية، بل يجب أن يكون الرد عبر تحريك الجبهات اليمنية في كل المناطق اليمنية، وتنفيذ عملية عسكرية واسعة».
ويتابع بالقول: «أتمنى أن يكون هناك رد دولي، لكن ما أتوقعه هو فقط الإدانات ودعوات إلى ضبط النفس كماهو معتاد، مع أن الحقيقة هو أن هناك اعتداء على دولة، ومن حق هذه الدولة التي تعرضت للهجوم أن ترد وفقاً لما تراه مناسباً، لكن في الطبيعة اليمنية، هناك جماعة إرهابية، ولا بد من مساعدة الشعب اليمني للقضاء على هذه الجماعة الخطيرة التي تهدد دول المنطقة برمتها، وليس اليمن أو السعودية أو الإمارات».
في السياق نفسه، يقول المحلل السياسي اليمني محمد المخلافي، إن للهجوم الإرهابي الحوثي على أبوظبي علاقة بالهزائم التي تكبدتها الميليشيات في الأيام الأخيرة، بعد دخول قوات ألوية العمالقة الجنوبية وتحريرها مديريات شبوة الثلاث والوصول إلى محافظة مأرب والالتحام مع الجيش الوطني وفك الحصار من على مأرب.
ويعتقد المخلافي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الانتصارات الأخيرة أثارت هلع الحوثيين بشكل كبير وأزعجت الإيرانيين بشكل واضح، وهو ما جعل الميليشيات تقوم بالرد بهذه الطريقة الإرهابية، حيث ترى الميليشيات أن الإمارات العربية المتحدة تقف بقوة وراء التحرك العسكري من المناطق الجنوبية، إلى جانب عمليات الاستهداف الواسعة التي ينفذها التحالف ضد الأهداف الحوثية المشروعة سواء في صنعاء أو في غيرها.
ويقترح المخلافي أن الرد الأنسب على التصعيد الحوثي الإرهابي هو عبر المسارعة إلى إنهاء اتفاق استوكهولم، بخاصة أن الميليشيات كانت اختطفت قبل أيام السفينة الإماراتية (روابي) من المياه الدولية انطلاقا من موانئ الحديدة، ويرى أن التحرك العسكري لتحرير الحديدة سيكون هو الرد الأكثر إيلاما للميليشيات على المستوى الميداني والتكتيك العسكري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».