«سينما الحوش» في العُلا تنتصر للأفلام «المستقلّة»

تُقصي الأعمال «التجارية»... وتُنعش ذاكرة السينما المنسيّة

TT

«سينما الحوش» في العُلا تنتصر للأفلام «المستقلّة»

تنتصر عروض «سينما الحوش» في العُلا للسينما المستقلة، التي تمثل تياراً مضاداً للسينما التجارية والاستهلاكية، وربما تُوصم أحياناً بسينما النخبة، على اعتبار أنها تستهدف أصحاب الذائقة السينمائية الرفيعة ولا تحقق إيرادات عالية عند طرحها في دور العرض السينمائية، وهو أمر تشترك فيه معها الأفلام التي تحصد جوائز المهرجانات العالمية، إذ تحتفي «سينما الحوش» كذلك بروائع مهرجان كان السينمائي في نسخته الأخيرة لعام 2021.
وتسعى «سينما الحوش» إلى إثبات مكانتها كمركز للفنون والإرث الثقافي معتمدة على جدول الأفلام المنتقاة والمنسجمة مع هذا التوجه. إذ يمزج جدول الأفلام أفضل ما أنتجه صناع الأفلام في اليابان والنرويج وإيطاليا وتايلاند وأميركا ومصر والمغرب ودول أخرى، مع أبرز تجارب السينما السعودية التي تتجه بخطوات ثابتة نحو حجز مكانة في هذا الفضاء العالمي.
وتُنعش سينما الحوش، الواقعة في حي الجديدة، الذاكرة المنسيّة لأرشيف السينما الكلاسيكية، لتعيد إحياء أعمال حققت نجاحات هائلة في حقبتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، مع عروض أفلام لعباقرة السينما العربية والعالمية، مثل: إنغمار بيرغمان، وفيلليني، وخيري بشارة.
ويصف المخرج محمود صباغ الموسم الجديد لسينما الحوش في العُلا بأنه أكبر بثلاث مرات من الذي أقيم سابقاً في البلد بجدة التاريخية، صيف 2019. ومع البرد القارس الذي تشهده العُلا حالياً، يقول صباغ: «الطقس ليس أقصى ما نخشاه، إذ لا زلنا نشتغل كسينما مستقلة في إطار مؤقت ودون تراخيص واضحة، في انتظار لوائح تثبيت النشاط وتعميمه على أوسع مستوى».
وصباغ الذي ينصح الجمهور بتذوّق «فشار الحلاوة الطحينية» أثناء الاستمتاع بعروض سينما الحوش، يقول: «كوننا أول مبادرة وبراند محلي للسينما المستقلة، يمدنا بطاقة استثنائية تدفعنا للاستمرار، ولكنه أيضاً يضع على كاهلنا مسؤوليات مضاعفة في رفع جودة التجربة وتقديم أعلى ممارسة». وتجذب سينما الحوش في العُلا جمهور الفن السينمائي العريق، في خمس ليالٍ في الأسبوع لمشاهدة مجموعة متنوعة من الأفلام المحلية المستقلّة وإنتاجات السينما العالمية. وتتضمن سينما الحوش مقهى مخصصاً لاستقبال الضيوف قبل وبعد عروض الأفلام مع وجبات خفيفة ومشروبات متنوعة من السحلب الدافئ، والشوكولاته الساخنة، والفشار.
ويحظى مرتادو سينما الحوش هذا الأسبوع بفرصة مشاهدة روائع النسخة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي العالمي، في عرض مجموعة من الأعمال الفائزة، من أبرزها فيلم «ميموريا»، للمخرج التايلاندي العملاق إبيشاتبونغ ويراسيتاكول، والذي يقارب فيه بين جدليات الحقيقة والميتافيزيقيا، ويكثف فيه ثيمة التواصل الإنساني مع الطبيعة، وهو أول أفلامه خارج تايلاند، وفاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان «كان» لعام 2021.
والفيلم الياباني «قيادة سيّارتي» للمخرج ريوسوكي هاماغوشي، وهو فيلم مقتبس من قصّة قصيرة للروائي الشهير «هاروكي موراكامي» يسير على طرق الحبّ والخسارة والقبول والسلام، والفيلم حائزٌ على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان «كان» السينمائي لعام 2021.
وفيلم «أنيت» الواقعة أحداثه في لوس أنجليس، وهذا الفيلم الجديد للمخرج «ليو كاراكس» صاحبِ الرّؤية المبدعة، كان قد افتتح مهرجان «كان» السينمائي في دورته الأخيرة لعام 2021. مع قصة وموسيقى للثنائي سباركس، وهذا الفيلم الموسيقي الأصيل هو بمثابة رحلة حب، وشغف، ونجومية.
وهناك أيضاً الفيلم النرويجي «أسوأ شخص في العالم» للمخرج خواكيم تريير، ويتناول قصة فتاة اسمها «جولي»، تبلغ الثلاثين من عمرها وحياتها عبارة عن فوضى وجوديّة، فقد خسرتِ العديد من مواهبها، في حين كانَ صديقها الأكبر سنّاً «أكسل»، وهو رسّام وروائي ناجح، يُحاولُ أن يدفعَها إلى الاستقرار.
عروض سينما الحوش التي تستمر إلى العاشر من شهر مارس (آذار) المقبل، تنتقل في المرحلة الثانية لعرض أبرز الأفلام السعودية، (مثل: «حد الطار» - «مدينة الملاهي» - «أربعون عام وليلة»). وبعدها عروض الأفلام الكلاسيكية (مثل: «لا دولتشي فيتا» - «يوم مر... يوم حلو»)، ثم عروض الأفلام العربية المعاصرة (مثل: «ريش» - «غزة مونامور»)، يليها الأفلام الأفغانية، وبعدها الأفلام الوثائقية.
وتختتم سينما الحوش عروضها بباقة أفلام مختارة من أرشيف المخرج وونغ كار واي، الذي يعد من أشهر عباقرة السينما، وغالباً ما تتضمن أفلامه مواضيع عن الرومانسية أو الوحدة، وتكون معروفة بقوة الأسلوب الفني وحيويته، حيث تحتفي سينما الحوش ولأول مرة في المملكة العربية السعودية بعرض خمسة من أعظم أفلام هذا المخرج العملاق، في نسخٍ مُرممة ومُستعادة.


مقالات ذات صلة

نجوم مصريون يدعمون ابنة أشرف عبد الباقي في تجربتها الإخراجية الأولى

يوميات الشرق أحمد حلمي مع زينة عبد الباقي ووالدها وأبطال فيلمها (الشركة المنتجة للفيلم)

نجوم مصريون يدعمون ابنة أشرف عبد الباقي في تجربتها الإخراجية الأولى

حرص عدد كبير من نجوم الفن المصريين على دعم المخرجة الشابة زينة عبد الباقي ابنة الفنان أشرف عبد الباقي خلال العرض الخاص لفيلمها الروائي الطويل الأول «مين يصدق»

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

أكد الفنان المصري - البريطاني أمير المصري أنه يترقب عرض فيلمين جديدين له خلال عام 2025، هما الفيلم المصري «صيف 67» والبريطاني «العملاق».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.