ليتيسيا كاستا تؤدي دور عازفة البيانو الرومانية كلارا هاسكل

كلارا هاسكل
كلارا هاسكل
TT

ليتيسيا كاستا تؤدي دور عازفة البيانو الرومانية كلارا هاسكل

كلارا هاسكل
كلارا هاسكل

كانت عارضة أزياء تخجل من ظلها، صبية ذات نضارة وطراوة لكنها ليست نحيفة كما يفترض في العارضات. تفحص المصمم إيف سان لوران استدارتها وقال لمساعديه: «أي ثياب سأضع على هذا الجسد»؟ وهي عبارة اعتبرت هجاءً في ذلك الوقت، لكن ليتيسيا كاستا، الجميلة البسيطة بدون تجميل والآتية من جزيرة كورسيكا نالت الإعجاب حال رؤية الناس لها. وسرعان ما خطفتها الشاشة من منصات الأزياء، وكان عليها أن تتغلب على خجلها لكي تواجه الكاميرا السينمائية. حازت شهرة واسعة بوجهها الريفي البريء وقوامها المكتنز لكنها لم تبلغ مستويات نجمات الصف الأول. تزوجت في البداية مصوراً من أصول شامية وولدت طفلة سمتها: «صحتين»، انفصلا لترتبط بالمخرج والممثل لوي كاريل.
اليوم، في سن الثالثة والأربعين، وبعد أن صارت أماً لأربعة أبناء، تخوض كاستا تجربة جديدة بوقوفها على مسرح «رونبوان» باريس لتؤدي دور كلارا هاسكل في مسرحية بعنوان «مقدمة وهروب». وهو عرض يحتاج ثقة عالية في النفس لأنه من نوع «وان وومن شو» ولا يشاركها في التمثيل أي من زملائها.
كلارا هاسكل المولودة في بوخارست عام 1895 والمتوفاة في بروكسل عام 1960 فنانة سويسرية من أصل روماني، نبغت منذ طفولتها في العزف على البيانو. كانت في الثالثة من العمر حين بدأت تنقر على لوحة المفاتيح بإصبع واحدة وتستطيع تكرار اللحن الذي تسمعه. وبفضل أذنها الموسيقية الخارقة ودأب والدتها تعلمت العزف ببراعة على الكمان، أيضاً. أخذها أحد أصدقاء عائلتها إلى أستاذ في الموسيقى فأسمعها مقطوعة لا تعرفها لموزار. وذهل حين أعادت الطفلة عزفها على الفور وبدون أخطاء. ومن سن الخامسة جرى قبولها طالبة في الكونسرفاتوار. ولما كبرت واصلت دراستها في فيينا وسرعان ما ذاع صيتها ونالت عدة جوائز لكن كونها يهودية أدى إلى تشريدها مع صعود النازية في ألمانيا وقيام الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، استعادت كلارا هاسكل نشاطها وكانت تدعى للعزف على أشهر مسارح العالم، كما سجلت لإذاعة «بي بي سي» سلسلة من سوناتات الموسيقار الإيطالي سكارلاتي. وفي عام 1947 سجلت أول أسطوانة تجارية لها وتضمنت كونشيرتو بتهوفن الرابعة.
كيف أدت ليتيسيا كاستا هذا الدور الصعب الذي يتطلب مهارة في العزف، حتى لو كان ما يسمعه الجمهور مقطوعات ليست من عزفها؟ كان عليها أن تتبادل الحديث مع أفراد مفترضين من أسرة كلارا، دون أن يكون لهم وجود على المسرح. وبهذا فإنها لعبت أدوار الآخرين أيضاً، والدة كلارا وشقيقتيها وأخيها والأستاذ الذي اكتشف موهبتها. وهي تقول: «إن الموهبة العظيمة التي تركزت في أنامل العازفة لم تدر رأسها بل ظلت متواضعة جداً، وهذه هي الصفة التي حاولت تجسيدها في المسرحية».
تعترف ليتيسيا كاستا بأنها تعرضت خلال مسيرتها الفنية للعديد من الملاحظات الجارحة، لكن ذلك لم يثبط عزيمتها. وهو ما ألهمها وهي تقوم بدور كلارا هاسكل التي كانت طفلة فقيرة قاومت كل أشكال التمييز ولم تحصل على مكانتها بدون مشقة.
وتضيف في ظهور تلفزيوني لها للترويج للمسرحية: «لم أعش طفولتي بل فارقت عائلتي ونزلت للعمل في سن مبكرة ووجدت نفسي ملقاة وسط أشخاص بالغين يشككون في قدراتي. كنت مثل صفحة بيضاء يكتبون عليها ما يشاؤون، فإذا استمعت لكل تلك الأصوات لما واصلت الدرب».
كتب نص المسرحية سيرج كريبو وأخرجها صافي نيبو. ورافقت الممثلة في العزف عازفة البيانو إيزيل بنغي. وبعد عرضها في باريس سيقوم الفريق بجولة في مدن أخرى. يجري هذا بينما ينزل للعرض فيلمان تشارك ليتيسيا فيهما بالإضافة إلى دورها في مسلسل «الشعلة».


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.