الرئيس الأميركي يبحث مع الشيخ محمد بن زايد ملفات اليمن و«داعش» وإيران

أكدا التزامهما بأهمية التعاون والتنسيق من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال استقباله ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال استقباله ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

الرئيس الأميركي يبحث مع الشيخ محمد بن زايد ملفات اليمن و«داعش» وإيران

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال استقباله ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال استقباله ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس (أ.ب)

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما العلاقات الاستراتيجية وأوجه التعاون بين البلدين والقضايا التي تهم الجانبين والتطورات الإقليمية والدولية. واستقبل أوباما الشيخ محمد بن زايد في البيت الأبيض أمس، وتم التباحث حول القضايا والمسائل التي تهم الجانبين، وفي مقدمتها التعاون المشترك والمستجدات والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. وأشار الشيخ محمد بن زايد إلى أن دولة الإمارات تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقات التعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأميركية في مختلف المجالات بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين الصديقين وشعبيهما وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل والثقة والمصالح المشتركة.
وجرى خلال اللقاء - الذي حضره الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب مستشار الأمن الوطني، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري - التشاور حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة وبحث تعاون البلدين المشترك لمواجهة التحديات والتهديدات التي تشهدها المنطقة وجهودهما في إيجاد الحلول والصيغ اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار إقليميا وعالميا.
وتطرق اللقاء إلى الاتفاق الإطاري بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي وقع مؤخرا بين مجموعة «5+1» وطهران، وضرورة أن يكون الاتفاق النهائي ملزما للجانب الإيراني ويأخذ في الاعتبار القلق العالمي لمخاطر انتشار التسلح النووي والمخاوف من تقويض دعائم الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
وشدد الشيخ محمد بن زايد على أهمية منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة واهتمام دولة الإمارات بضمان الإجراءات والتدابير الصارمة للتحقق من سلامة البرنامج النووي عند إبرام الاتفاق النهائي.
وتناول اللقاء تطورات الأوضاع في المنطقة العربية وسبل تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن وسوريا وليبيا بما يحقق وحدة أراضي تلك الدول ويحقن دماء شعوبها البريئة، بحسب بيان إماراتي. وركز اللقاء على أهمية تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اليمن بصفتها مدخلا لتسوية الأزمة فيها ودور التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي تشارك فيه دولة الإمارات في تثبيت الشرعية وحفظ أمن واستقرار الشعب اليمني.
وتناول الجانبان الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، وضرورة مواصلة المجتمع الدولي ودول التحالف التزامها التصدي الفاعل للتنظيمات الإرهابية والحيلولة دون انتشار خطرها حفاظا على الأمن والاستقرار العالميين.
وأعرب الجانبان عن التزامهما بأهمية التعاون والتنسيق بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة باعتباره من الركائز الأساسية للأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط، واتفقا على الحاجة إلى تعزيز التعاون الأمني بين مجلس التعاون والولايات المتحدة لمجابهة التهديدات والتطرف والعنف، وهو أحد المواضيع التي سيركز عليها الاجتماع المرتقب في كامب ديفيد الشهر المقبل، إذ أشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالقمة التي دعا إليها الرئيس الأميركي مع قادة دول مجلس التعاون.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.