بوريل يرى «احتمالاً» للتوصل إلى اتفاق نووي خلال أسابيع

بلينكن يجدد تهديد إيران بـ«خيارات أخرى» إذا فشلت مفاوضات فيينا

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال لقائه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يوم 22 سبتمبر في نيويورك (مهر)
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال لقائه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يوم 22 سبتمبر في نيويورك (مهر)
TT

بوريل يرى «احتمالاً» للتوصل إلى اتفاق نووي خلال أسابيع

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال لقائه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يوم 22 سبتمبر في نيويورك (مهر)
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال لقائه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يوم 22 سبتمبر في نيويورك (مهر)

تتقدم المفاوضات لإنقاذ الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني بهدوء خلف أبواب مغلقة في فيينا. وبدأ يتغير الخطاب بعد انطلاقة صعبة، فصار يجري الحديث عن «جهود» و«تقدم» و«مسار إيجابي» رغم أن الغرب يواصل استنكار «بطء» المسار في ظل استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي.
اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس (الجمعة) أن أجواء المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الدولي مع إيران باتت «أفضل» مما كانت عليه قبل نهاية العام، مشيراً إلى «احتمال التوصل إلى اتفاق في فيينا خلال الأسابيع المقبلة». وقال بوريل إثر اجتماع لوزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إن «الأجواء أفضل بعد عيد الميلاد. وقبل ذلك التاريخ كنت بالغ التشاؤم، لكن اليوم أعتقد أن هناك احتمالاً للتوصل إلى اتفاق». وأشار إلى احتمال التوصل إلى «نتيجة نهائية في الأسابيع المقبلة»، مضيفاً «ما زلت آمل أنه سيكون من الممكن إعادة صوغ الاتفاق وجعله يعمل».
- الوزير الفرنسي
لكن في إشارة إلى أن هذا التقييم لا يحظى بالإجماع، كرر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن المفاوضات تتقدم «ببطء شديد». وشدد خلال مؤتمر صحافي مشترك أمس على أن «من المهم أن نتمكن من الإسراع لأن هذه المفاوضات تتم بشكل حيوي ملح». وأضاف الوزير الفرنسي «إما يرغب الإيرانيون في اختتامها ونشعر بأن مرونة الموقف الأميركي في محلها، وإما لا يريدون أن يختتموها، وفي تلك اللحظة سنواجه أزمة انتشار نووي كبيرة». وأضاف لودريان «أريد أن أقول شيئاً للإيرانيين: من دون الإسراع بالمفاوضات لن ترفع العقوبات».
وزير الخارجية الأميركي
من جانبه حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مساء الخميس من أنه لم تتبق سوى «بضعة أسابيع» لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، مؤكداً أن بلاده «مستعدة» للجوء إلى خيارات أخرى إذا فشلت المفاوضات الجارية في فيينا لإعادة إحياء هذا الاتفاق. وقال بلينكن في مقابلة مع إذاعة «إن بي آر» الأميركية العامة: «أعتقد أن أمامنا بضعة أسابيع لنرى ما إذا كان بإمكاننا العودة للامتثال المتبادل» ببنود الاتفاقية التي انسحبت منها بلاده في 2018 وتحررت من مفاعيلها بعد ذلك تدريجياً إيران.
وحذر الوزير الأميركي من أن المهلة المتبقية للتوصل إلى اتفاق هي أسابيع فقط و«ليس شهوراً». وأضاف «الوقت ينفد منا فعلاً» لأن «إيران تقترب أكثر فأكثر من اللحظة التي يمكن فيها أن تنتج، خلال فترة زمنية قصيرة جداً، ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي». وحذر بلينكن أيضاً من أن الإيرانيين يحرزون إنجازات في المجال النووي «سيصبح التراجع عنها صعباً أكثر فأكثر، لأنهم يتعلمون أشياء ويقومون بأشياء جديدة بعدما كسروا القيود المنصوص عليها في الاتفاق» الذي أبرم في 2015 وفرض قيوداً على الأنشطة الذرية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.
وإذ أكد أن التوصل إلى اتفاق في فيينا «سيكون النتيجة الأفضل لأمن أميركا»، هدد بلينكن بأنه إذا لم تثمر مفاوضات فيينا اتفاقاً «فسنبحث في خطوات أخرى وخيارات أخرى، مرة أخرى، بالتنسيق الوثيق مع الدول المعنية». وأضاف «هذه هي بالضبط الخيارات التي نعمل عليها مع شركائنا في أوروبا والشرق الأوسط وما بعدهما. كل شيء في أوانه، لكن هذا كان موضوع عمل مكثف في الأسابيع والأشهر الماضية»، في إشارة ضمنية إلى إمكانية تنفيذ عمل عسكري ضد إيران.
وأكد بلينكن أن الأميركيين «مستعدون لأي من المسارين، ولكن من الواضح أنه سيكون أفضل بكثير لأمننا وأمن حلفائنا وشركائنا أن نعود» إلى اتفاق فيينا، «غير أنه إذا لم نتمكن من ذلك، فسنتعامل مع هذه المسألة بطرق أخرى».
- التفاؤل الروسي
وبدورها، أعلنت روسيا أمس أنها «متفائلة» بشأن المحادثات الدولية الهادفة إلى إحياء الاتفاق حول النووي الإيراني لافتة إلى «تقدم» أُحرز في هذه المسألة الحساسة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «موقفي متفائل بالأحرى، هناك تقدم حقيقي ورغبة حقيقية، بين إيران والولايات المتحدة، في فهم المخاوف الملموسة». وأضاف لافروف «في فيينا، يتمتع المفاوضون بخبرة عالية، يعرفون كل تفاصيل الموضوع. برأيي، إنهم يحرزون تقدماً جيداً في الوقت الحالي. نعتقد أنهم سيتوصلون إلى اتفاق».
كما قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الاثنين الماضي إن أجواء التفاؤل في محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني ناجمة عن إرادة كل المفاوضين التوصل إلى «اتفاق موثوق به ومستقر». وقال خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي: «ما يجري اليوم في فيينا هو نتيجة جهود من كل الأطراف الحاضرين للتوصل إلى اتفاق موثوق به ومستقر».
وتجري إيران مباحثات في فيينا تهدف إلى إحياء الاتفاق المبرم عام 2015 بشأن برنامجها النووي، وذلك مع الأطراف الذين لا يزالون منضوين فيه (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا). وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت أحادياً من الاتفاق في عام 2018، بشكل غير مباشر في المباحثات.
قالت مصادر مقربة من المفاوضات النووية في فيينا إن المحادثات وصلت إلى «مرحلة حساسة والأكثر صعوبة» وإن النقاط الأصعب يجري التفاوض عليها حالياً في الجولة الثامنة المستمرة منذ ٢٧ الشهر الماضي.
- اتفاق صعب
وأكدت المصادر في فيينا «هناك دائماً خلافات يبدو أحياناً الاتفاق عليها صعباً، ولكن المشكلة الأساسية هي في عامل الوقت لأنه ليس لدينا كل الوقت في العالم للتوصل لاتفاق». وأضافت «نحن واعون جداً إلى أن عامل الوقت يشكل ضغطاً علينا للتوصل لاتفاق، وتعرف أنه يجب التوصل لاتفاق في وقت محدود». وأكدت المصادر أن المنسق الأوروبي للمحادثات باقٍ في فيينا وسيستمر بعقد اجتماعات وكذلك اللجان ستبقى منعقدة في اليومين اللذين ستغيب فيهما الاجتماعات. كما سيبقى رئيس الوفد الأميركي روبرت مالي في العاصمة النمساوية بانتظار عودة الوفد الإيراني ورؤساء الوفود الأوروبية. وعن ذلك قالت المصادر التي تحدثت من فيينا، إن الجولة الثامنة لن تتوقف رغم مغادرة بعض الوفود، وأشارت إلى أن هذا الأمر «طبيعي» لأن الجولة طويلة والمفاوضات مضنية. وأشارت المصادر إلى أملها في أن تعود الوفود التي ستغادر فيينا، «بأفكار أكثر وضوحاً» حول بعض النقاط العالقة.
وتحدثت المصادر عن تقدم تم تحقيقه في عمل اللجان الثلاث، الأولى التي تناقش العقوبات الأميركية والثانية التي تناقش مسألة الالتزامات النووية الإيرانية والثالثة التي بدأت اجتماعاتها قبل أيام تناقش مسألة تطبيق الاتفاق وتلازم الخطوات. وقالت المصادر إن الملفات الثلاثة، أي العقوبات والالتزامات النووية وتلازم الخطوات، ما زالت جميعها مفتوحة وتتضمن نقاط خلاف قائمة.
- نفي الاتفاق المرحلي
ورغم تداول فكرة اتفاق مرحلي داخل إيران ثم نفيه، فقد نفت المصادر أن تكون أطراف التفاوض في فيينا تبحث اتفاقاً مرحلياً، وقالت إن المفاوضات تبحث العودة للاتفاق النووي كما كان قبل خروج الإدارة الأميركية السابقة منه. وأشارت المصادر إلى أنه لا يتم البحث في نقاط الاتفاق، بمعنى إضافة بنود جديدة أو إدخال تعديلات، بل يتم التفاوض حول الخطوات التي يجب اتخاذها.
وبدأت مفاوضات فيينا في أبريل (نيسان) 2021 بين إيران والدول التي ما زالت منضوية في الاتفاق، وبعد تعليقها لنحو خمسة أشهر، استؤنفت المباحثات في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وتشدد طهران على أولوية رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها واشنطن في أعقاب ذلك، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي. في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبيون على أهمية عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها بموجب الاتفاق.
وبعد أن انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أحادياً من الاتفاق عام 2018، أعاد فرض عقوبات على إيران، إلا أن الرئيس جو بايدن أبدى استعداده لإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».