واشنطن: تهريب السلاح الإيراني للحوثيين «انتهاك صارخ» للقرارات الدولية

غروندبرغ «قلق» من تصميم الجماعة على مواصلة هجومها ضد مأرب

TT

واشنطن: تهريب السلاح الإيراني للحوثيين «انتهاك صارخ» للقرارات الدولية

وصفت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين في اليمن بأنه «يمثل انتهاكاً صارخاً» لحظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن بموجب العديد من القرارات، معتبرة ذلك «مثالاً آخر» على نشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، فضلاً عن إطالة أمد الحرب في هذا البلد العربي.
وجاء هذا الموقف الأميركي خلال جلسة عقدها مجلس الأمن أمس الأربعاء واستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الذي استهل كلمته بالإشارة إلى أن وتيرة التصعيد تسارعت مع السنة الجديدة، مؤكداً أنه بعد سبع سنوات من الحرب «لا يوجد حل مستدام طويل الأجل يمكن العثور عليه في ساحة المعركة»، داعياً المتحاربين إلى التحادث مع بعضهم البعض «حتى لو لم يكونوا مستعدين لإلقاء أسلحتهم». وسلط الضوء على التصعيد العسكري في الأسابيع الأخيرة والذي «كان من الأسوأ منذ سنوات»، لافتاً إلى أن «جماعة الحوثي لا تزال مصممة على مواصلة هجومها على مأرب». وتحدث عن تجدد القتال في شبوة حيث استعادت القوات الحكومية بدعم من تحالف دعم الشرعية ثلاث مديريات من الحوثيين، مشيراً أيضاً إلى تصاعد الغارات الجوية والقصف في تعز واستمرار القتال في جنوب الحديدة. وورد ذكر بدعواته المتكررة لتخفيف التصعيد وضبط النفس، وناشد الأطراف المتحاربة «باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والتي تشمل حماية المدنيين والأعيان المحمية». ووصف مصادرة الحوثيين أخيراً لسفينة ترفع علم الإمارات العربية المتحدة بأنها أمر «يبعث على القلق»، معبراً أيضاً عن «قلقي حيال استمرار احتجاز موظفي الأمم المتحدة في صنعاء ومأرب».
وتكلم غروندبرغ عن التطورات التي تشكل «تحديات كبيرة للسلام»، موضحاً أنه «استكشف طرقاً ملموسة» لمخاطبة الأطراف حول «الأولويات»، ومنها وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، معترفاً بأن هذه الجهود «واجهت عقبات كالتي أعاقت جهود مماثلة في الماضي»، ومنها الخلافات حول الأولويات وانعدام الثقة. ولفت إلى أنه يخطط «لتعميق المشاورات مع كل أطراف النزاع ومع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة اليمنيين لتحديد وتطوير الأولويات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى التي يجب أن يجري تناولها في كل من هذه المجالات الثلاثة، مكرراً أنه عازم على «إنشاء عملية سياسية شاملة مدعومة دولياً يمكنها توفير أساس مقبول لتطبيق السلام».
من جهته، شدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام على ضرورة عدم استهداف المدنيين في اليمن، مشيراً إلى أن الحرب تتسبب بأزمة اقتصادية. ولفت إلى أنه جرى الحصول على 58 في المائة من التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية الأممية في اليمن، بينما «نحتاج 3.9 مليار دولار لمساعدة 16 مليون يمني». وأكد أن الحوثيين رفضوا وصول الفريق الأممي للموظفين الأمميين المحتجزين. كما اتهم الحوثيين بأنهم يقوضون جهود تقديم المساعدات، لافتا إلى أن الاقتصاد يتهاوى في اليمن.
وتحدثت المندوبة الأميركية عن «الارتفاع المقلق» في الأعمال العدائية، بالإضافة إلى «النمط الواضح لتصعيد الحوثيين وعرقلتهم»، فضلاً عن الأوضاع الإنسانية. وعبرت عن قلق بلادها من استمرار التصعيد ولا سيما في صنعاء ومأرب والبحر الأحمر، معتبرة أن ذلك «يهدد احتمالات التوصل إلى حل سياسي سلمي وشامل، ويؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل». وإذ أشادت بجهود غروندبرغ، مؤكدة أنه «يجب على كل الأطراف التعامل معه ومع بعضها البعض بحسن نية ومن دون شروط مسبقة للتقدم في حل سياسي شامل». ونددت بتصعيد الحوثيين «العنف الذي يقوض قضية السلام»، مشيرة إلى أن الحوثيين «يواصلون اعتقال ومضايقة الموظفين المحليين اليمنيين الذين يعملون لدى (سفارة) الولايات المتحدة، وموظفي الأمم المتحدة». وقالت: «يجب على الحوثيين إطلاق جميع موظفينا اليمنيين من دون أن يصابوا بأذى، وإخلاء مجمع السفارة الأميركية السابق، وإعادة الممتلكات الأميركية المصادرة، ووقف تهديداتهم ضد موظفينا وعائلاتهم». ونددت أيضاً باستيلاء الحوثيين على سفينة تجارية ترفع العلم الإماراتي الأسبوع الماضي، مطالبة الحوثيين بـ«الإفراج الفوري عن السفينة وطاقمها سالمين».
وحملت غرينفيلد بشدة على «التدفق غير المشروع للأسلحة إلى الحوثيين، مذكرة بأن البحرية الأميركية صادرت الشهر الماضي ما يزيد على 1400 بندقية هجومية و226 ألف طلقة ذخيرة من سفينة آتية من إيران. وأضافت: «يمثل تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين انتهاكاً صارخاً لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وهو مثال آخر على الكيفية التي يؤدي بها نشاط إيران المزعزع للاستقرار إلى إطالة أمد الحرب في اليمن». واتهمت الحوثيين كذلك بأنهم يواصلون «العنف والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والقتل المستهدف»، مضيفة أن هذا أمر «غير معقول».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.