حزن في مصر لرحيل الإعلامي وائل الإبراشي

تُوفي متأثراً بـ«كورونا» عن عمر ناهز 59 عاماً

الإعلامي الراحل وائل الإبراشي
الإعلامي الراحل وائل الإبراشي
TT

حزن في مصر لرحيل الإعلامي وائل الإبراشي

الإعلامي الراحل وائل الإبراشي
الإعلامي الراحل وائل الإبراشي

غيب الموت مساء أمس الأحد، الإعلامي والصحافي المصري وائل الإبراشي، بعد صراع طويل مع المرض، إثر إصابته بفيروس (كوفيد - 19)، قبيل نهاية عام 2020.
وخيمت أجواء الحزن أمس على الوسط الصحافي والإعلامي المصري عقب نشر خبر وفاة الإبراشي الذي ابتعد لأكثر من عام عن الشاشات بعد تدهور حالته الصحية بفعل «كورونا».
وتأثر إعلاميون مصريون بخبر وفاة الإبراشي، ودخل بعضهم في نوبات بكاء على الهواء أثناء إعلان الخبر، من بينهم الإعلامي محمد مصطفى شردي، والإعلامية لبنى عسل التي قالت إنها «لم تتمالك نفسها ولم تستطع التعامل مع الخبر بشكل مجرد من المشاعر والعواطف».
فيما قال شردي عبر برنامج «الحياة اليوم» على قناة «الحياة» الفضائية: «أعرفه منذ 35 عاماً، لن أنساه أبداً» وأضاف «رغم أننا كإعلاميين مطالبون بالاحتراف دائماً، لكنني لن أستطيع عدم التعبير عن شعوري، وأمنع دموعي أمام الكاميرا، لأنه صديق من أصدقاء العمر»، لافتاً «افتقدنا إعلامياً محترماً، وقلماً من أحلى أقلام مؤسسة (روزاليوسف)، بدأ واستمر وتطور مع الإعلام المصري، لكن فيروس (كورونا) أصاب جهازه التنفسي بشراسة».
كما نعاه الإعلامي عمرو أديب، مقدم برنامج الحكاية على «إم بي سي مصر» قائلاً عبر حسابه على «تويتر»: «‏‏‏هزني خبر وفاة وائل الإبراشي، دائماً كانوا يقولون عائد ويتماثل للشفاء، لم أتوقع أبداً أن ينتهي فجأة هكذا، كان أستاذاً ومتميزاً، وله بصمات وحلقات مهمة. لا يوجد أحد كبير على الموت لكن رحيل وائل فعلاً أصابني بحالة ذهول».
كما قالت الإعلامية المصرية إيمان الحصري، عبر صفحتها على «فيسبوك»: «هاتفته أخيراً، وأخبرني بتحسن حالته، وسعادته بذلك، واعتبر عودتي للشاشة مجدداً بعد وعكتي الصحية بشرى خير له، لكنه توفي، وأحدث صدمة كبيرة».
وفي نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020، أصيب الإعلامي الإبراشي، مقدم برنامج «التاسعة» على شاشة التلفزيون المصري، بفيروس كورونا، ضمن إصابات عديدة طالت المذيعين في تلك الفترة. وقال الإبراشي في مداخلة تلفزيونية في البرنامج الذي غاب عنه بسبب إصابته بـ«كورونا» وقتئذ: إن «طبيعة عمله تجعله يقابل الكثير من الناس ويحتك بهم»، وسرعان ما تدهورت حالته الصحية وظل لفترة طويلة في الحجر الصحي، بسبب حدوث مضاعفات خطيرة في رئته، وكان يخضع للتنفس الاصطناعي في أغلب الوقت. ما دعاه للقول في تصريحات صحافية: «تعرضت لـ(كورونا) مميتة».
وخرج الإبراشي، من المستشفى في شهر مارس (آذار) الماضي، بعد تحسن حالته الصحية بشكل نسبي، لاستكمال رحلة العلاج داخل المنزل، وخضع لجلسات علاج طبيعي وجلسات تأهيلية.
ورغم إعلان الإبراشي المولود بمحافظة الدقهلية (دلتا مصر) عام 1963 عن تحسن حالته الصحية في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، في تصريحات صحافية، أشار خلالها إلى أنه «سوف يعود قريباً إلى عمله بعد تمام شفائه»، لكن حالته تدهورت خلال الأشهر الماضية حتى وافته المنية أمس.
ويعد الإبراشي من أبرز الصحافيين الذين اقتحموا عالم التقديم التلفزيوني، إذ تميزت برامجه بطابع الاشتباك والتفتيش في موضوعات جريئة تهم قطاعات كبيرة من المصريين، كما فعل في برنامجه «الحقيقة» الذي قدمه بشكل مختلف للجمهور المصري والعرب، وظل محافظاً على رونقه الإعلامي المميز، في برامج أخرى على غرار برنامج «العاشرة مساء»، و«كل يوم»، حتى انتهى به المطاف في برنامج «التاسعة» بالتلفزيون المصري قبيل إصابته بفيروس «كورونا».
ونعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، الإعلامي وائل الإبراشي، وقال المجلس في بيانه أمس، إن «مصر فقدت واحداً من أهم الإعلاميين الذين تميزوا بالحياد، وإنه استطاع بموهبته وتميزه في المجال الإعلامي، أن يصبح واحداً من أهم الإعلاميين بمصر والوطن العربي»، مضيفاً أن «الراحل كان مثالاً للعمل والاجتهاد والإخلاص، ومثالاً للإعلامي المخلص والمحب لوطنه».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».