جمع الحمض النووي من الهواء... تقنية تسمح بتتبع الحيوانات المهددة بالانقراض

الباحثة كريستين بومان تجمع عينات الحمض النووي للحيوانات من الهواء (سي إن إن)
الباحثة كريستين بومان تجمع عينات الحمض النووي للحيوانات من الهواء (سي إن إن)
TT

جمع الحمض النووي من الهواء... تقنية تسمح بتتبع الحيوانات المهددة بالانقراض

الباحثة كريستين بومان تجمع عينات الحمض النووي للحيوانات من الهواء (سي إن إن)
الباحثة كريستين بومان تجمع عينات الحمض النووي للحيوانات من الهواء (سي إن إن)

يمكن للعلماء الآن جمع وتحليل الحمض النووي المأخوذ من الهواء الرقيق، ويمكن للتقنيات الجديدة الرائدة المستخدمة للقيام بذلك أن تغير طريقة دراسة وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض والنظم البيئية الطبيعية، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
اختبرت مجموعتان من الباحثين تعملان بشكل مستقل؛ واحدة في الدنمارك والأخرى في المملكة المتحدة وكندا، ما إذا كان يمكن استخدام الحمض النووي المحمول جواً لاكتشاف أنواع مختلفة من الحيوانات عن طريق جمع العينات في حديقة حيوان كوبنهاغن في الدنمارك وحديقة حيوان هامرتون في المملكة المتحدة.
https://twitter.com/koebenhavns_uni/status/1479139190067638279?s=20
وتقوم جميع الكائنات الحية، بما في ذلك البشر، بترسيب المواد الجينية المعروفة باسم «إي دي إن إيه» في البيئة عندما تفرز النفايات وتنزف وتزيل الجلد أو الفراء. في السنوات الأخيرة، قام علماء بفحص تسلسل الحمض النووي الريبي المنقول بالماء لتتبع أنواع معينة.
ومع ذلك، كانت مراقبة الحمض النووي المحمول جواً أكثر صعوبة، لأنه يعتبر مخففاً في الهواء أكثر مما هو عليه في الماء.
وفيما استخدم الفريقان البحثيان طرقاً مختلفة لتصفية الحمض النووي من الهواء، نجح كلاهما في تحديد الحيوانات الكامنة في الجوار داخل حدود حديقة الحيوان وخارجها.
وتمكن الفريق العامل في حديقة حيوان هامرتون من تحديد الحمض النووي لـ25 نوعاً مختلفاً من الحيوانات، بما في ذلك النمور والليمور والدنغو.
وقالت كبيرة الباحثين في الدراسة البريطانية إليزابيث كلير، وهي أستاذة مساعدة في جامعة يورك بكندا، «لقد تمكنا حتى من جمع الحمض النووي من الحيوانات التي كانت على مسافة مئات الأمتار من المكان الذي كنا نختبر فيه دون انخفاض كبير في التركيز، وحتى من خارج المباني المغلقة. كانت الحيوانات بالداخل، لكن حمضها النووي كان موجوداً».
تمكن فريق كوبنهاغن من اكتشاف 49 نوعاً من الفقاريات، بما في ذلك 30 من الثدييات.
وقالت كريستين بومان، الأستاذة المشاركة في «معهد غلوب» في جامعة كوبنهاغن والمؤلفة الرئيسية للدراسة الدنماركية، في البيان، «لقد اندهشنا عندما رأينا النتائج».
اكتشف الفريقان أيضاً وجود حيوانات لا تعيش في حدائق الحيوان. وحدد الباحثون الحيوانات التي تعيش في المناطق المحيطة، بما في ذلك القنفذ الأوراسي - المهدد بالانقراض في المملكة المتحدة - والذي تم اكتشافه من خارج حديقة حيوان هامرتون، بينما تم اكتشاف السنجاب الأحمر حول حديقة حيوان كوبنهاغن.
ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية يمكن أن تشكل الطريقة التي يتتبع بها العلماء الأنواع، مما قد يلغي الحاجة إلى الكاميرات والمراقبة الشخصية والعمل الميداني المكثف.
وقالت كلير، «إن طبيعة هذا النهج تجعله ذا قيمة خاصة لمراقبة الأنواع المعرضة للخطر أو المهددة بالانقراض، وكذلك تلك الموجودة في البيئات التي يصعب الوصول إليها، مثل الكهوف والجحور». وأضافت: «ولا يلزم أن تكون الحيوانات مرئية لنا حتى نعرف أنها في المنطقة إذا تمكنا من التقاط آثار الحمض النووي الخاص بها، حرفياً من الهواء».


مقالات ذات صلة

رجل كندي يهاجم دباً قطبياً دفاعاً عن زوجته

يوميات الشرق دب قطبي (أرشيفية - رويترز)

رجل كندي يهاجم دباً قطبياً دفاعاً عن زوجته

قالت الشرطة إن رجلاً في أقصى شمال كندا قفز على دب قطبي لحماية زوجته من التعرض للهجوم. وأُصيب الرجل، الذي لم يذكر اسمه، بجروح خطيرة لكن من المتوقع أن يتعافى.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.