في تطور مفاجئ حث الجيش الوطني الموالى للشرعية في ليبيا، كل الوحدات العسكرية والتشكيلات المساندة لها على عدم دخول العاصمة طرابلس إلا بتعليمات رسمية، بينما أعلنت ميليشيات «فجر ليبيا» أنها بسطت سيطرة الدولة تماما على منطقة فشلوم بالمدينة التي تجددت فيها الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي، وإن قلت حدتها، وأسفرت عن مصرع وإصابة نحو 36 معظمهم من العناصر الموالية للجيش.
وقال سكان محليون إنه كان بالإمكان سماع دوي إطلاق نار وانفجارات منذ الصباح الباكر في حي فشلوم بوسط المدينة، وفي ضاحية تاجوراء إلى الشرق من طرابلس، حيث سقطت قذائف على عدة مبان سكنية لكن لم ترد تقارير فورية عن سقوط قتلى وجرحى.
وشهدت العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، واحدة من أعنف المواجهات بين قوات الجيش والسكان المحليين في مواجهة هذه الميليشيات، التي قال مكتبها الإعلامي إنها بسطت سيطرة الدولة تماما على منطقة فشلوم وردعت من وصفتهم بـ«المجرمين الخارجين عن القانون ممن تحركهم أموال الفريق خليفة حفتر (القائد العام للجيش) وأمانيه الوهمية»، على حد تعبيره.
كما أعلن المكتب أن ميليشيات «فجر ليبيا» قامت بتأمين الطريق الساحلي بالكامل من رأس أجدير غربا إلى سرت شرقا مرورا بالعاصمة طرابلس وعلى طول نحو 600 كيلومتر، بعد القضاء على الخارجين عن سيادة الدولة في مدينة تاجوراء شرقي العاصمة طرابلس.
وتحدثت مصادر عسكرية عن مقتل 14 من عناصر الكتيبة 101 الموالية للجيش وجرح 24 آخرين في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بمنطقة تاجوراء التي تقع على بعد 11 كيلومترا فقط شرق طرابلس.
ورجح مسؤول بغرفة عمليات المنطقة الغربية بالجيش الليبي بالنظر لخطورة بعض الإصابات ارتفاع عدد القتلى، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية ستتواصل خلال الأيام المقبلة عبر ما وصفه بـ«عمليات نوعية» تمهد لهجوم أكبر ضد معسكرات الجيش التي تحتلها الميليشيات.
ونجحت ميليشيات «فجر ليبيا» في السيطرة على معسكر الكتيبة التي تراجعت بعدما كانت قد سيطرت، أول من أمس، بشكل كامل على معسكر مكافحة الجريمة بتاجوراء وبوابة غوط الرمان شرق المنطقة.
وهاجمت جماعة مسلحة نقطة تفتيش تابعة لشرطة مكافحة المخدرات في فشلوم، بينما لفت مسؤول أمني إلى وجود «احتقان كبير في مناطق فشلوم والغرارات وتاجوراء المعروفة بتأييدها للجيش الليبي، وإغلاق للشوارع الرئيسية المؤدية إلى تلك المناطق».
وكشفت وكالة الأنباء الموالية للسلطات الشرعية عن حملة اعتقالات واسعة النطاق تشنها من وصفتها بـ«عصابات الردع» بطرابلس التابعة لميليشيات ما يسمى بـ«فجر ليبيا»، وطالت شباب عدد من أحياء المدينة، بالإضافة إلى مداهمة بيوت هذه الأحياء، فجر أمس.
ونقلت عن شهود عيان من داخل أحياء سوق الجمعة وفشلوم وتاجوراء وزاوية الدهماني والغرارات التي امتدت إليها الانتفاضة العارمة ضد هذه الميليشيات الإرهابية، بأن ميليشيات الردع واصلت حتى ظهر أمس حملة تفتيش واسعة واعتقلت أعدادا كبيرة من الشباب.
ولفتت إلى أن ميليشيات الردع التي يقودها المتشدد عبد الرؤوف كارة، تستعد بعض فرقها أيضا لمحاصرة حي قرقارش غرب العاصمة.
وكانت غرفة عمليات طرابلس، أعلنت رسميا، أول من أمس، عن «بدء العمليات العسكرية لتحرير ليبيا من الميليشيات الإرهابية الخارجة عن الشرعية».
ودعت الغرفة كل أفراد القوات المسلحة إلى الالتحام بها والانضمام إليها وحثت شباب العاصمة على الدفاع عن عاصمتهم وكل المدن الليبية.
وتسيطر ميليشيات «فجر ليبيا» منذ أغسطس (آب) الماضي على طرابلس ومدن بالغرب وأعادت المؤتمر الوطني السابق (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته للانعقاد الذي بدوره كلف حكومة موازية لا تحظى باعتراف الأسرة الدولية.
وقالت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا برئاسة عبد الله الثني التي تباشر عملها من الشرق منذ فقدانها السيطرة على طرابلس مرارا، إنها تريد انتزاع السيطرة على العاصمة عسكريا.
إلى ذلك، أعلنت مصادر أمنية وعسكرية، أن الجيش الليبي دك، أمس، بالمدفعية الثقيلة «الهاوزر» مواقع تابعة للجماعات المتطرفة بمنطقة تيكة غرب مدينة بنغازي بالتزامن مع غارات جوية.
وقالت الوكالة الرسمية إن الليبي استهدف غرفة عمليات تستخدمها الجماعات المتطرفة بالمنطقة وكبد العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، مشيرة إلى أن الجيش يشن حملة عسكرية واسعة منذ صباح أمس على آخر معاقل الجماعات المتطرفة بالمدينة، لتحريرها نهائيا.
وفقد الجيش اثنين من مقاتليه خلال هذه الاشتباكات، بينما لقي شخصان مصرعهما وأصيب 12 من بينهم أطفال بسبب سقوط قذائف عشوائية أطلقتها الميليشيات الإرهابية باتجاه مساكن منطقة الكيش بوسط بنغازي.
كما أعلن مركز بنغازي الطبي عن 5 جرحى من المدنيين، أصيبوا نتيجة سقوط قذائف عشوائية على منطقة الكيش.
من جهة أخرى، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما دول الخليج العربي إلى المساعدة في التوصل إلى حل الأزمة الليبية، مستبعدا اللجوء إلى العمليات العسكرية هناك.
وقال أوباما في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي: «سيتعين علينا أن نشجع بعض الدول داخل الخليج التي أعتقد أن لها نفوذا على الفصائل المختلفة داخل ليبيا حتى تصبح أكثر تعاونا». وتابع: «في بعض الحالات شهدناها تلهب نيران الصراع العسكري بدلا من محاولة تهدئتها». وأضاف: «نحن ننظر باستمرار إلى المناطق التي قد تأتي منها المخاطر الإرهابية وليبيا بالطبع منطقة تبعث على القلق الشديد». وقال: «لن يكون بوسعنا حل المشكلة بضربات قليلة بطائرات من دون طيار أو عمليات عسكرية محدودة»، مضيفا: «سنجمع بين مساعي مكافحة الإرهاب بالتعاون مع إيطاليا وغيرها من الدول التي تفكر بالشكل ذاته والمساعي السياسية».
من جانبه، أكد رينتسي أن التوصل إلى السلام في ليبيا ينبغي أن يتحقق داخليا بين الأطراف المتنازعة هناك.
ليبيا: ميليشيات طرابلس تعلن إجهاض الانتفاضة الشعبية ضدها
قالت إنها استعادت السيطرة والجيش يدعو قواته لعدم دخول العاصمة
ليبيا: ميليشيات طرابلس تعلن إجهاض الانتفاضة الشعبية ضدها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة