«نتفليكس» تعرض «البحث عن عُلا» لهند صبري الشهر المقبل

هند صبري وسوسن بدر وخالد النبوي يناقشون علاقات الآباء والأبناء في المسلسل الدرامي الكوميدي

سوسن بدر وهند صبري في مشهد من المسلسل
سوسن بدر وهند صبري في مشهد من المسلسل
TT

«نتفليكس» تعرض «البحث عن عُلا» لهند صبري الشهر المقبل

سوسن بدر وهند صبري في مشهد من المسلسل
سوسن بدر وهند صبري في مشهد من المسلسل

بعد مرور نحو 11 عاماً على عرض المسلسل الكوميدي المصري «عايزة أتجوز»، تعود بطلته «عُلا عبد الصبور» التي تجسدها الفنانة التونسية هند صبري، للظهور مجدداً عبر مسلسل «البحث عن عُلا»، الذي أعلنت شبكة «نتفليكس» العالمية، أمس، عن عرضه في بداية شهر فبراير (شباط) المقبل.
وبينما كانت «عُلا» تبحث عن شريك حياتها في الجزء الأول من المسلسل، في إطار حلقات متصلة - منفصلة، مغلفة بالكوميديا، فإنّها ستواجه تحديات مختلفة بعد طلاقها خلال «البحث عن علا»، وستكتشف حقائق ومفاجآت لم تكن تعلم بوجودها.
«الست مننا لما بتتطلق فيه حتة منها بتموت، صح... بس فيه حتة تانية بتتولد... واكتشفت إنّي لسه عايشة»، وفق ما تقوله عُلا عبد الصبور، في البرومو الترويجي للمسلسل الذي يعد أحدث مسلسلات «نتفليكس» العربية، والذي سيُعرض في 190 دولة حول العالم، مترجماً إلى أكثر من 32 لغة ومدبلج إلى 4 لغات.
المسلسل درامي كوميدي، يناقش موضوعات مهمة، ومتنوعة مثل علاقات الآباء والأبناء، والصداقات، والفرص الثانية ورحلة البحث عن الذات. ويضم نخبة من كبار الفنانين على غرار سوسن بدر، وهاني عادل، وندى موسى، ومحمود الليثي ولطيفة فهمي، وداليا شوقي، وياسمينا العبد، وأيسل رمزي، وعمر شريف. وكذلك قائمة من ضيوف الشرف تضم نخبة من النجوم الكبار والأسماء اللامعة في مقدمتهم الفنان المصري خالد النبوي.
وتفاجأ «عُلا» بالكثير من الصدمات والألم وخيبات الأمل، خلال «البحث عن عُلا» لكن تلك الصدمات تمكنها من رسم الطريق لإعادة اكتشاف ذاتها، وسيكون إصرارها وشغفها المحركين الأساسيين اللذين يدفعانها لمواصلة رحلتها، بالإضافة إلى دعم أهلها وأصدقائها ومساندتهم لها خلال هذه المرحلة.
وتشارك بطلة المسلسل هند صبري، بصفتها منتجة منفذة لأول مرة عبر شركتها SALAM PROD بالتعاون مع Partner Pro والمنتج المنفذ أمين المصري، في إنتاج المسلسل المستوحى من شخصيات من تأليف غادة عبد العال، وقصة وسيناريو وحوار مها الوزير وغادة عبد العال، ومن إخراج هادي الباجوري.
ونجحت الفنانة التونسية خلال مسيرتها، في تحقيق توازن لافت بين الأعمال السينمائية النخبوية، التي تلقب بـ«أفلام المهرجانات» وتناقش قضايا خاصة ومهمة، وبين الأعمال الدرامية الجماهيرية والتجارية. فقد حصدت هند صبري جائزة أفصل ممثلة عن فيلم «حلم نورا» في الدورة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائي 2019. كما حقق مسلسل «عايزة أتجوز» نسبة مشاهدات مرتفعة خلال عرضه للمرة الأولى عام 2010. وأُعيد عرضه أكثر من مرة عبر الشاشات المصرية والعربية، وجسدت فيه هند صبري دور صيدلانية ترغب في الاستقرار، وتسعى جاهدة للحاق بقطار الزواج قبل وصولها إلى الثلاثين من العمر، بجانب ضغوط عائلتها عليها لقبول أول عريس يطرق بابها، مما يعرضها للعديد من المواقف الكوميدية، وتحكي طوال الوقت عن معاناتها مع الرجال الذين يتقدمون لخطبتها لتكتشف عيوباً قاتلة في كلٍ منهم.
واختيرت هند صبري باعتبارها واحدة من الأصوات الملهمة بين صانعات الأفلام العربيات ضمن برنامج «أيام القاهرة لصناعة السينما» الذي جاء بشراكة بين مهرجان القاهرة السينمائي وشبكة نتفليكس، تحت عنوان «لأنها أبدعت».
وتحدثت هند خلال استضافتها ضمن المهرجان في دورته الأخيرة في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن صعوبة اختيارها للأعمال الفنية قائلة: «مشكلتي كممثلة تكمن في أنّ الأدوار التي تكتب للمرأة تقدم بطريقة نمطية للغاية ولا تمت بصلة للنساء اللاتي ألتقي بهن في كل مكان، لكنني لا أقبل هذا التنميط، بل أختار شخصيات بعيدة كل البعد عني».
وأكدت هند صبري أنّها سعيدة بما حققته في الفن، مشيرة إلى أنّها «لم تضيع أي فرصة في حياتها، ولم ترضخ لفكرة الاختيارات التي تفرض عليها».
وكشفت هند صبري خلال اللقاء عن شخصيات بعينها كانت ملهمة لها في مشوارها، قائلة: «أعشق سعاد حسني وكانت ولا تزال ملهمة لي، كما أكن احتراماً شديداً لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وكذلك السيدة العظيمة أم كلثوم، كما كانت النجمة أودري هيبورن من الملهمات لي، وكنت أتطلع لأخوض تجربة الإخراج قبل بلوغي سن الأربعين».
وأشادت بتجربة عملها منتجة منفذة مع شبكة نتفليكس، قائلة: «هي ليست بالمعنى المتداول لدينا، لكنّي أعتبرها تجربة مهمة كنت أتطلع إليها، حين قررت خوض مجال الإنتاج، وكنت أدرك أنّ وقته قد حان، ولدي ما أوّد عمله في هذا المجال».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)