مهرجان الفيلم المغربي في طنجة

يفتتح فعالياته بعرض «سرير الأسرار»

صورة تذكارية لأعضاء لجنة تحكيم مهرجان الفيلم المغربي في طنجة («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية لأعضاء لجنة تحكيم مهرجان الفيلم المغربي في طنجة («الشرق الأوسط»)
TT

مهرجان الفيلم المغربي في طنجة

صورة تذكارية لأعضاء لجنة تحكيم مهرجان الفيلم المغربي في طنجة («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية لأعضاء لجنة تحكيم مهرجان الفيلم المغربي في طنجة («الشرق الأوسط»)

شهدت سينما الريف في مدينة طنجة (شمال المغرب)، الليلة قبل الماضية، حفل افتتاح فعاليات الدورة الـ15 لمهرجان الفيلم المغربي، الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي إلى غاية 15 فبراير (شباط) الحالي.
وانطلق الحفل بتكريم مصطفى ستيتو، الكاتب العام السابق (وكيل) للمركز، الذي أنهى مساره المهني قبل أسابيع، وذلك احتفاء بعطاءاته التي بصمت الساحة السينمائية المغربية، وبالجهود التي قدمها على مستوى تدبير الشأن السينمائي المغربي، وكذلك دعمه المؤسساتي للمهنيين والمبدعين المغاربة.
وقال ستيتو عن لحظة تكريمه: «إنها تتويج للمسار المهني وللعمل الذي قمت به خلال 38 سنة من العمل في السينما والمركز السينمائي». ووصفه نور الدير الصايل، المدير العام للمركز السينمائي، بأنه صاحب اقتدار إداري، ودراية بالنصوص المنظمة للحقل السينمائي، فضلا عن تعاطفه العميق مع أسرة مهنيي الفن السابع بالمغرب.
يشار إلى أن ستيتو التحق بالمركز السينمائي كمتصرف مساعد عام 1978، وعين كاتبا عاما له منذ 1997، وشارك في تنظيم العديد من التظاهرات السينمائية المغربية. كما استحضر المحتفون عدة أسماء رحلت عن السينما المغربية، وغيبها الموت سنة 2013، مبرزين أن بعضها اعتاد على توقيع حضوره القوي في دورات المهرجان السابقة، من بينهم الممثلون محمد بنبراهيم، وحميدو بنمسعود، ومحمد الحبشي، والناقد السينمائي محمد الدهان.
وبعد حفل التكريم، انطلقت المسابقة الرسمية للدورة بعرض فيلم «سرير الأسرار» للمخرج الجيلالي فرحاتي، الذي اشتغل لأول مرة على نص روائي، اقتبسه من رواية تحمل العنوان ذاته للكاتب البشير الدامون، التي صدرت سنة 2008، علما بأن فرحاتي ظل يفضل إخراج أعمال يكتب سيناريوهاتها بنفسه.
ويتميز الفيلم بقوة جلية تمثلت في رشاقة الكاميرا وحيويتها ولمستها الشاعرية الحانية، التي تستنطق فضاء مدينة تطوان العتيقة، وتقتنص ذروة التعبير الوجداني والجسدي لدى الممثل، وهو ما ينسجم مع الرؤية الفنية الراقية لفرحاتي، ويكرس مهنية وتميز تجربة كمال الدرقاوي كواحد من أبرز المصورين السينمائيين في المغرب، سواء في الإطارات الكبرى التي تحبس مشهد المدينة في لوحة جامدة تقريبا، أو في حركة الكاميرا الراصدة للإيماءات والتوترات عن كثب.
وشكلت الصورة في الفيلم عنصر تميز كبير، فيما تعد الوصفة الحكائية ليست جديدة تماما، في تنقلها بين الزمن، ومراوحتها بين تجشم الواقع وتذكر الماضي، لكن سلاسة المونتاج جعلت تعاقب الأزمنة رحلة عاطفية وذهنية مثيرة في فصول الفيلم.
ويشارك في المسابقة الرسمية للدورة الحالية 22 فيلما طويلا و21 فيلما قصيرا تعكس تجارب وأجيالا إبداعية مختلفة في خريطة السينما المغربية، ويترأس لجنتي تحكيم الأفلام الطويلة والقصيرة، على التوالي، الأستاذ الجامعي، ووزير التربية الوطنية السابق، عبد الله ساعف، والمخرج المغربي عبده عشوبة.
والى جانب مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة، تعرف الدورة تنظيم لقاء مهني يتمحور حول توصيات «الكتاب الأبيض للسينما المغربية»، ومؤتمرات صحافية وأنشطة موازية، إضافة إلى تقديم الحصيلة السينمائية لسنة 2013.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».