واشنطن تحوّل 99 مليون دولار لـ«أونروا»

وسط تحركات لإخراج الفلسطينيين من مستنقع اقتصادي

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور مدرسة تديرها «أونروا» في طرابلس شمال لبنان (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور مدرسة تديرها «أونروا» في طرابلس شمال لبنان (أ.ب)
TT

واشنطن تحوّل 99 مليون دولار لـ«أونروا»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور مدرسة تديرها «أونروا» في طرابلس شمال لبنان (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور مدرسة تديرها «أونروا» في طرابلس شمال لبنان (أ.ب)

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستحول 99 مليون دولار من التمويل الأميركي، لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (أونروا)، التي تدعم اللاجئين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة، بالإضافة إلى كل من لبنان والأردن وسوريا.
وأفاد مكتب السكان واللاجئين والهجرة لدى وزارة الخارجية الأميركية على «تويتر»، بأن هذه الأموال «ستوفر التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الطارئة لمئات الآلاف من الأطفال والعائلات الفلسطينيين خلال وقت الحاجة».
ويفي الإعلان بجزء من تعهد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بإعادة التمويل لهذه الوكالة التي أنشئت منذ أكثر من 70 عاماً بعدما قطعه الرئيس السابق دونالد ترمب، مما أدى إلى عجز كبير في ميزانية «أونروا» التي تعاني ضائقة مالية، وسط سلسلة من التحركات التي تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من مستنقع اقتصادي مزمن.
وكانت إدارة بايدن قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي، أنها ستبدأ في إعادة التمويل للفلسطينيين عبر «أونروا». ولم يصدر تعليق فوري من المسؤولين الإسرائيليين على هذه الخطوة.
وجاء هذا الإعلان بعد أسبوعين من لقاء المسؤولين الأميركيين والفلسطينيين، لإعادة إطلاق «الحوار الاقتصادي الأميركي - الفلسطيني» الذي توقف قبل خمس سنوات. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الاجتماع شهد تعهد المشاركين بـ«توسيع وتعميق التعاون والتنسيق عبر مجموعة من القطاعات». وأفاد ناطق باسم البيت الأبيض بأن تمويل «أونروا» نوقش خلال اجتماع عُقد الشهر الماضي بين مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في رام الله.
وتحاول إسرائيل منذ فترة طويلة إغلاق «أونروا» بذريعة أنها تساعد في إدامة الصراع مع الفلسطينيين، لأنها تمنح وضع اللاجئ لأحفاد أولئك الذين طردتهم إسرائيل منذ عام 1948، ولطالما وجه المسؤولون الإسرائيليون انتقادات ضد «أونروا» بسبب كتبها المدرسية التي يدّعون أنها تشجع على التحريض. وكررت وزارة الخارجية الأميركية أن «الولايات المتحدة لا تزال تركز على مساءلة الوكالة وشفافيتها وحيادها واستقرارها».
وفي خطاب مفتوح الأسبوع الماضي، قال المفوض العام لـ«أونروا» فيليب لازاريني، إن النقص الدائم في الميزانية أجبر الوكالة على إدخال تدابير تقشفية. وأوضح أنه منذ زهاء عقد من الزمان، ظل تمويل المانحين للوكالة أقل من المطلوب لضمان استمرار الخدمات العالية الجودة، علماً بأن عدد اللاجئين استمر في النمو. ووصف الأزمة المالية بأنها «ذات طبيعة وجودية».
وفي عام 2021 كان لدى الوكالة ميزانية قدرها 806 ملايين دولار، أكثر من نصفها مخصص للتعليم.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.