«الداير» جنوب السعودية... عاصمة البُن الخولاني

مزارعوها يحتفون بـ«عام القهوة» ويصفون محصولهم بـ«الأجود عالمياً»

المزارع فرحان آل مانع يبيع من إنتاج مزرعته من البُن
المزارع فرحان آل مانع يبيع من إنتاج مزرعته من البُن
TT

«الداير» جنوب السعودية... عاصمة البُن الخولاني

المزارع فرحان آل مانع يبيع من إنتاج مزرعته من البُن
المزارع فرحان آل مانع يبيع من إنتاج مزرعته من البُن

تفوح رائحة ثمار البُن الطازج في أعالي قمم جبال السروات، حيث تقع محافظة الداير (جنوب غربي السعودية)، التي تكسوها أشجار البُن العربي «الخولاني»، وهو من أجود أنوع البُن عالمياً. هناك ينتشر مزارعون سعوديون، يحصدون محصولهم الزراعي هذه الأيام، مبتهجين باختيار وزارة الثقافة السعودية لمنتوجهم، وتسمية 2022 بـ«عام القهوة السعودية».
يروي جابر المالكي، وهو أحد مزارعي البُن في محافظة الداير ومالك مزارع «قهوتكم»، قصة العلاقة الوثيقة بين أبناء المحافظة وزراعة البُن، مؤكداً أنها مهنة متوارثة من جيل إلى جيل في المدرجات الجبلية، ويضيف: «مزرعتنا ورثناها أباً عن جد، وهي من المزارع القديمة التي يتجاوز عمرها 130 سنة، ويفوق عدد الأشجار فيها حدود ثلاثة آلاف، ما بين أشجار مُعمرة وأخرى مثمرة وأشجار زُرعت حديثاً».
ويتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «تصل نسبة المزارعين في محافظة الداير لأكثر من 70 في المائة، حسب أحدث التقديرات. لذا سُميت عاصمة البن الخولاني». إلا أن هذه المهنة مليئة بالمشاق، إذ يفيد المالكي بأنها تتطلب عناية بالغة وانتظاراً لأشهر طوال، وبعد جني الثمار يذهب المحصول لمنطقة التجفيف من ثم القشر والحمص والتغليف.
والمالكي الذي يؤكد أن البُن الخولاني هو من أجود الأنواع عالمياً، يرجع ذلك لكون المزارعين لا يستخدمون في زراعته أي أسمدة كيماوية، ويمتنعون كذلك عن رش المبيدات الحشرية، حيث يزرعون البُن باستخدام مخلفات المواشي (السماد الطبيعي). بالإضافة للموقع الجغرافي الفريد لمحافظة الداير على قمم الجبال، والأجواء الممطرة على مدار العام، وهي أمور يؤكد أنها ترفع من جودة البُن.
ويشير المالكي إلى أن محافظة الداير كانت غائبة عن الإعلام لسنوات مضت، إلى أن اجتهد أبناؤها في إبراز هوية البن الخولاني عبر عدد من المهرجانات السنوية. يضاف لذلك الدعم الذي تلقاه أبناء المحافظة من هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، و«أرامكو» السعودية، قائلاً: «جميعهم طوروا عملنا وصقلوا خبراتنا بالدورات، واكتسبنا عن طريقهم معلومات أسهمت بتحسين زراعتنا».
بدوره، يوضح فرحان آل مانع المالكي، وهو مالك مزارع آل مانع للبن الخولاني بمحافظة الداير، أن الفترة الحالية هي وقت حصاد البُن الخولاني، وهو أمر لا يأتي على دفعة واحدة، قائلاً: «بدأنا قبل نحو شهرين في قطف ثمار البُن، وهي عملية متكررة على دفعات»، مبيناً أن ثمار المحصول تكون حمراء اللون، ويستغرق تجفيفها نحو 20 يوماً، حسب طبيعة التجفيف، وبعدها يذهب للمقشرة والتصفية.
ويشير آل مانع لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البُن المستخرج من الأشجار المعمرة هو الأجود والأفضل، إذ يمتد عمر هذه الأشجار لعشرات السنين، مضيفاً: «البن الخولاني هو من أفضل الأنواع عالمياً، بسبب طبيعة البيئة والجبال، لذا يكون لذيذ المذاق وله نكهة مميزة». وعن كمية إنتاج مزرعته، أكد أنها تختلف من عام لآخر، حسب توفر المياه وتهيئة الظروف.
ويُدلل المزارعون محصول البن الخولاني بتسميته «الذهب الأخضر»، بالنظر لقيمته العالية وما يمتاز به من مذاق مختلف يفضله الكثير من السعوديين وأبناء الدول الخليجية المجاورة، حيث يأتي البُن الخولاني بعد تحضير القهوة باللون الأصفر الذهبي، تزينه حبات الهيل والبهار أو الزنجبيل التي يضعها صُناع القهوة السعودية لتضيف نكهة ورائحة زكية.
ومحافظة الداير التي هي في قلب منطقة جازان، تُمثل اليوم وجهة المستثمرين في زراعة البُن الخولاني. ووفقاً لآخر الإحصائيات، يبلغ عدد مزارع البن في منطقة جازان أكثر من 1985 مزرعة تحتوي على 340 ألف شجرة بن في محافظات القطاع الجبلي. تنتج نحو 1320 طناً سنوياً، و785 طناً من البن الصافي بعد التقشير، وتحتضن مهرجاناً سنوياً لتسويق منتجاته.وتصنف السعودية من أكثر دول العالم استهلاكاً للبن، لارتفاع معدل استهلاك الفرد السعودي للقهوة، حيث تقدر الكميات المستوردة سنوياً للأسواق السعودية من البن نحو 73 ألف طن، ويبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال، بواقع يتجاوز 80 ألف طن، حسب أرقام حديثة نشرتها وكالة الأنباء السعودية. في حين شرعت وزارة البيئة والمياه والزراعة في استثمار «البن الخولاني» في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة التي تتميز بمناخها المناسب لزراعة أهم أصناف البن، التي ثبت نجاحها تحت ظروف المنطقة.
ويتطلع مزارعو البُن لمرحلة جديدة، مع استهلال وزارة الثقافة أعمالها في مبادرة «عام القهوة السعودية»، التي تأتي ضمن برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وتهدف الوزارة من المبادرة إلى الاحتفاء بالقهوة السعودية بوصفها منتجاً ثقافياً مميزاً للمملكة، والمساهمة في تسويقها محلياً ودولياً، إلى جانب تشجيع المنتجات والأنشطة المتعلقة بها، وتسليط الضوء عليها بجميع مراحل إنتاجها، زراعةً وتحضيراً وتقديماً، التي قد لا تتوفر بالكيفية نفسها في أي بلدٍ آخر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.