قناعة إسرائيلية بجدوى التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية

TT

قناعة إسرائيلية بجدوى التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية

في محاولة منه للدفاع عن تحسين العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتأييد اللقاء الذي جمع الرئيس محمود عباس مع وزير الدفاع بيني غانتس، كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، أن قواته في الضفة الغربية كانت على وشك تنفيذ عملية حربية واسعة لإعادة احتلال جنين، واقتحام مخيم اللاجئين فيها، لاعتقال عشرات الشبان المسلحين، ولكن بفضل الضغوط التي مارستها عليها تل أبيب، فإن السلطة أدخلت أجهزتها الأمنية إلى أزقة المخيِّم الضيقة، و«عملت ضد الإرهابيين هناك».
كوخافي كان يتحدث عن واقعة جرت قبل شهر ونصف شهر، في بداية الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ حيث كان شبان مسلحون في مخيم جنين قد نفذوا سلسلة عمليات إطلاق نار على قوات للجيش الإسرائيلي والمستوطنين. واتهمت إسرائيل السلطة الفلسطينية بالتشجيع الصامت للشبان. وشهد المخيم تظاهرات هاجم فيها الشبان الرئيس عباس والسلطة، ورفعوا أعلام «حماس».
والتقى رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) رونين بار، الرئيس عباس في مقره في المقاطعة، وقدم له وثائق وصور، تدل على أن خصومه في «فتح» ونشطاء «حماس» يتعاونون معاً للتمرد على سلطته، وأن إسرائيل مضطرة لاقتحام المخيم وإلقاء القبض على الشبان؛ لأنهم يجدون في مهاجمة الإسرائيليين غذاء لهم.
واستذكر كوخافي هذه الحادثة، خلال حديث في اجتماع ضيق، قبل يومين، دافع خلاله عن قيام غانتس باستقبال عباس، مساء الثلاثاء الماضي، في منزله في روش هعاين. وحسب مراسل «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، نير دفوري، فإن كوخافي قال لمن حضر اجتماعاً في مكتبه، إن «إسرائيل حفَّزت أجهزة السلطة الأمنية، عبر التنسيق الأمني المستمر، ومارست ضغوطاً شديدة عليها. فأرسلت رجالها الذين في نهاية المطاف دخلوا إلى جنين وعملوا ضد المنظمات الإرهابية هناك. صادروا وسائل قتالية، واعتقلوا ناشطين كثيرين».
وقال دفوري: «هذه القصة تبرز أهمية الحفاظ على التنسيق الأمني مع الفلسطينيين. هذا هو الموضوع الرئيسي الذي بحثه غانتس وعباس، لفحص كيفية العمل سوياً».
يذكر أن لقاء عباس - غانتس أثار موجة انتقاد شديدة في إسرائيل والمناطق الفلسطينية، ليس فقط من طرف المعارضة الراديكالية؛ بل من الحلفاء والشركاء أيضاً. ففي فلسطين انتقدته «حماس»، مع أنها تجري هي أيضاً مفاوضات مع إسرائيل حول تسهيلات في حصار غزة، وانتقدته أيضاً فصائل في «منظمة التحرير». وفي إسرائيل انتقده اليمين المعارض وعدد من الوزراء في الحكومة ونواب الائتلاف. ونُشرت أمس معلومات مصدرها قوى سياسية في تل أبيب، كشفت أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، هو صاحب الفكرة الأولى للقاء غانتس عباس، وأن دافعه لذلك هو «الخشية من تفجُّر الأوضاع في الضفة الغربية، جراء عنف المستوطنين والرد الفلسطيني الغاضب عليهم». المعروف أن سوليفان زار المنطقة الأسبوع الماضي، والتقى بعباس وغانتس، وكذلك برئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، ووزير خارجيته يائير لبيد، وعدد من قادة الأجهزة الأمنية. وبعد أن أمَّن الموافقة الإسرائيلية توجه إلى عباس ووعده بأنه لن يهدر وقته إن اجتمع مع غانتس، وأكد له أن هناك حزمة من التسهيلات الاقتصادية والاجتماعية يعدها غانتس لتسهيل حياة الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال له: «أنت تطلب هذه التسهيلات، ولديك الآن من يريد التجاوب».
وقد وجد سوليفان تجاوباً لدى الأجهزة الأمنية في تل أبيب. وتبين أن رئيس «الشاباك» أبلغ الحكومة الإسرائيلية بازدياد احتمالات التوجه إلى «موجة عنف أخرى»، ونصح باتخاذ إجراءات عاجلة لتهدئة الأوضاع، وهو ما وافق عليه غانتس الذي يكثر من الحديث مؤخراً بأن «الحكومات السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو، أدارت سياسة اتسمت بالعمل على تقوية (حماس) وإضعاف السلطة، وأنه يجب قلب معادلة نتنياهو والعمل على إضعاف (حماس) وتقوية السلطة».
وحذر كوخافي من تصاعد في العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية وفي مدينة القدس، ومن جهود هائلة تبذلها «حماس» لبناء قواعد عسكرية في مدن الضفة ومخيماتها، من مقارها في قطاع غزة وتركيا. وأن الأمر يحتاج إلى عمل مشترك. من هنا اقتنعت الحكومة ووافقت على منح تسهيلات للفلسطينيين.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.