القطب الشمالي في طريقه لاكتساب صفة «ممر ملاحي»

يهدد قناة السويس على المدى البعيد

سفن في الممر البحري الشمالي (رويترز)
سفن في الممر البحري الشمالي (رويترز)
TT

القطب الشمالي في طريقه لاكتساب صفة «ممر ملاحي»

سفن في الممر البحري الشمالي (رويترز)
سفن في الممر البحري الشمالي (رويترز)

يتجه الممر البحري الشمالي، لاكتساب صفة ممر ملاحي دولي، بعد أن قفزت حركة النقل العابر للبضائع عبره في عام 2021، بنسبة 59 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتجاوز وزن الحمولات المنقولة على متن السفن التجارية التي مرت عبر هذا الممر البحري حتى الـ17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مليوني طن مقابل 1.3 طن في 2020. وفقا لبيانات المجلس العام للممر البحري الشمالي.
والممر الواقع بالقطب الشمالي هو أعلى نقطة على محور دوران كوكب الأرض، ويقع في المحيط المتجمد الشمالي. وتستقبل هذه المنطقة أقل ما يمكن من أشعة الشمس، لذا تعد ثاني أبرد منطقة في الكرة الأرضية تغطيها طبقة سميكة من الثلج على مدار العام.
غير أن التغير المناخي من شأنه أن يمحي الجبال الثلجية ويعيد تعريف هذه المنطقة، التي شهدت ذوبان كميات كبيرة من الثلج، حتى إن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد أعلنت تسجيلها ارتفاع درجة الحرارة في منطقة فيرخويانسك (الأبرد في العالم) إلى زائد 38 درجة مئوية في صيف عام 2020. وهو رقم قياسي في القطب الشمالي.
ويعد التغير المناخي هنا نقطة مضيئة بالنسبة للقائمين على تشغيل الممر الملاحي، الذين يستهدفون جذب الشركات الأجنبية والسفن العملاقة للمرور عبره، وهو ما يظهر جليا في البيانات الذي كشفها المجلس العام للممر البحري الشمالي؛ فقد عبرت 92 سفينة في عام 2021، منهم 79 سفينة غير روسية.
تعد «روساتوم» الروسية، الشركة المشغلة للبنية التحتية لطريق بحر الشمال منذ عام 2018. وأسّست المجلس العام للممر البحري الشمالي في 2019، يتمثل الغرض الرئيسي من عمله، في إعداد تقييم للخبراء حول المسائل المهمة المتعلقة بالتنمية والأداء المستقر لطريق البحر الشمالي.
وأظهرت بيانات المجلس أن شحنات من المواد الخام بما في ذلك الأخشاب والفلزات المعدنية الخام المحتوية على نسب مرتفعة من الحديد، شكلت غالبية الحمولات المنقولة على متن السفن التجارية المتجهة شرقا عبر الممر البحري الشمالي. أما السفن المتجهة غربا فنقلت في الغالب بضائع عامة وبضائع منقولة باستخدام حاويات الشحن.
ووصل الوزن الإجمالي للبضائع المنقولة عبر الممر البحري الشمالي إلى مستوى قياسي حيث بلغ 33.5 مليون طن حتى 17 ديسمبر 2021، مقابل 33.0 مليون طن مسجلة في عام 2020. فيما يتوقع المجلس العام للممر، أن يفوق هذا المؤشر على أساس سنوي مستوى 34 مليون طن مسجلا زيادة نسبتها 353 في المائة مقارنة بما كان عليه في 2016.
وكان للغاز الطبيعي المسال والنفط النصيب الأكبر في إجمالي بضائع الترانزيت التي تم نقلها عبر الممر.
وفي إطار المشروع الروسي لـ«تطوير الممر البحري الشمالي» وُضعت أهداف ترمي لتعزيز أهميته. ويتمثل الهدف في رفع كثافة حركة النقل عبر طريق البحر الشمالي لتبلغ 80 مليون طن بحلول عام 2024 و110 ملايين طن بحلول عام 2030.
غير أن المهمة الرئيسية لـ«روساتوم» في إطار هذا المشروع، تتمثل في تحويل خط الشحن البحري الشمالي إلى ممر ملاحة يعمل على مدار العام، ويلبي جميع المعايير الدولية سواء من حيث السلامة وجودة الخدمات المقدمة، وذلك على المدى البعيد.
وهذا ما تتميز به قناة السويس، الممر الأسرع في العالم بين أوروبا وآسيا، والذي يعد أبرز الممرات الملاحية الدولية في التجارة العالمية، والذي بدأ أمس تطبيق تعريفة إيجار جديدة لقاطرات ميناء غرب بورسعيد تتراوح بين 300 إلى 1800 دولار/الساعة، طبقا لحمولات السفن الصافية.
وقالت قناة السويس، في هذا الإطار، إنها ثبتت تعريفة إيجار القاطرات لدخول أو خروج السفن بالميناء على مدار 24 ساعة بما فيها العطلات والإجازات الرسمية خلال عام 2022، تشجيعاً لجذب عملاء جدد لاستخدام الميناء الغربي ببورسعيد.
حققت قناة السويس رقما قياسيا بالنسبة لعبور السفن في عام 2021، حيث شهدت مررو 19 ألف سفينة، وهو رقم غير مسبوق بزيادة بلغت 13.8 في المائة على عام 2013 الذي شهد عبور 16.7 الف سفينة.
كما شهدت قناة السويس خلال العام عبور سفن محملة بـ1191 مليون طن مقارنة بـ931 مليون طن خلال عام 2013 بنسبة زيادة بلغت نحو 27.9 في المائة حمولة صافية.
كما شهدت قناة السويس تقليص زمن مدة انتظار السفن في القناة بفضل قناة السويس الجديدة من 3 إلى 4 ساعات خلال عام 2021، مقارنة بمدة انتظار من 6 إلى 8 ساعات خلال عام 2013. تعطي هذه التطورات زخما وأهمية أكبر لقناة السويس، في إطار التحديات البحرية التي تظهر يوما بعد يوم، خاصة مع ترسيخ دور الممر الملاحي الشمالي الذي يقصر الرحلة بين آسيا وأوروبا بنحو نصف الوقت الذي توفره قناة السويس. تعتبر القناة أسرع ممر بحري بين القارتين، وتوفر نحو 15 يوماً في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح. ويعبر من خلالها نحو 10 في المائة من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقرب من 25 في المائة من إجمالي حركة البضائع عالمياً، و100 في المائة من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحراً بين آسيا وأوروبا.



مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
TT

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين، لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار مقابل شروط مواتية لعقود طاقة شمسية كان من المقرر أن تدر أكثر من ملياري دولار من الأرباح، مما تسبب في صدمة بجميع أنحاء تكتل الأعمال التجارية الذي يحمل اسمه.

فمن هو غوتام أداني؟

بالنسبة للعامة، غوتام أداني هو الملياردير الهندي الذي بنى تكتلاً قوياً يمتد عبر التعدين والموانئ والطاقة المتجددة. وبالنسبة لشركائه المزعومين في مخطط رشوة بمليارات الدولارات، كان يستخدم أسماء سرية بما في ذلك «نوميرو أونو».

وهو رجل أعمال من الجيل الأول رافق صعوده الهائل سلسلة من الخلافات في الداخل والخارج.

ويواجه أداني، الذي نجا من الموت بأعجوبة في عام 2008 وكان واحداً من بين كثير من الأشخاص العالقين داخل فندق تاج محل بالاس في مومباي عندما قام مسلحون بعملية قتل، مذكرة اعتقال أميركية وعقوبات جنائية بسبب تهم الاحتيال والرشوة.

وقد خسرت مجموعة شركات «أداني»، التي تتراوح بين الطاقة والمواني والسكر وفول الصويا، أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة العام الماضي، بعد أن اتهمت مجموعة «هيندنبورغ» للأبحاث التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مجموعته التي تحمل اسمه باستخدام الملاذات الضريبية الخارجية بشكل غير صحيح. وأنكرت المجموعة، التي استردت بعض الخسائر وتبلغ قيمتها الإجمالية الآن 141 مليار دولار، جميع هذه الادعاءات، وفق «رويترز».

وقبل أن تنخفض أسهم شركات مجموعة «أداني» العام الماضي، كان تارك الدراسة الثانوية البالغ من العمر 62 عاماً قد أصبح لفترة وجيزة أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» إيلون ماسك. ويحتل أداني الآن المرتبة الـ25 في قائمة أغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ نحو 57.6 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».

وفي حين تم التشكيك في مشروعات الفحم والطاقة الخاصة بالمجموعة وصفقات أخرى في بلدان مثل أستراليا وبنغلاديش، استخدم قادة المعارضة الهندية بانتظام شركة «أداني» للهجوم على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زاعمين محسوبيته له، بما في ذلك منح «أداني» عقد إعادة تطوير حي فقير ضخم في مومباي. وقد رفض الطرفان هذه الاتهامات.

ويوم الاثنين، عطل نواب المعارضة البرلمان الهندي للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، بينما انخفضت أسعار سندات «أداني» الدولارية إلى أدنى مستوياتها في عام تقريباً مع قيام المستثمرين والمقرضين بتقييم القضية.

أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد الصناعي الهندي غوتام أداني مطالبين باعتقاله (إ.ب.أ)

وقد نشر رئيس حزب المؤتمر المعارض الرئيسي، ماليكارجون خارغي، على منصة «إكس»: «مع بدء جلسة البرلمان، فإن الخطوة الأولى التي يجب على الحكومة اتخاذها هي إجراء مناقشة مفصلة حول ملحمة أداني التي تنطوي على إمكانية تشويه صورة الهند على الساحة العالمية».

العلاقات بين الهند وأميركا

ويعتقد كثير من الخبراء أن مزاعم الرشوة الموجهة ضد أداني، ستترك أثراً كبيراً على العلاقات الأميركية - الهندية، ما لم يقرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الملاحقة القضائية.

وكان أداني قال بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، على منصة «إكس»، إن الرئيس الأميركي المنتخب كان «تجسيداً للمثابرة التي لا تنكسر، والعزيمة التي لا تتزعزع، والتصميم الذي لا يلين والشجاعة للبقاء مخلصاً لمعتقداته».

وفي معرض تهنئته لترمب، قال أداني الأسبوع الماضي، إن مجموعته ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية بالولايات المتحدة، دون تقديم تفاصيل سوى أن الاستثمار يهدف إلى خلق 15 ألف وظيفة.

وقال براهما شيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسات في تصريح لـ«بلومبرغ»، إن لائحة الاتهام يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية في نيودلهي. وتوقع أيضاً أن يكون لها تأثير على التعاون بين الولايات المتحدة والهند والثقة المتبادلة بين البلدين ما لم تسقط إدارة ترمب المقبلة الملاحقة القضائية.

وأشار شيلاني إلى أن «الكثير سيعتمد على الكيفية التي ستسعى بها الإدارة الأميركية المقبلة لرسم العلاقة مع الهند».

من ناحية أخرى، يبدو أن كثيراً من الأشخاص الرئيسيين الذين رشحهم ترمب ليكونوا جزءاً من حكومته مؤيدون للهند. ففي العام الماضي، كان مستشار الأمن القومي الجديد لترمب، مايك والتز، ضيفاً على مودي في احتفالات يوم الجمهورية الهندية. وفي يوليو (تموز) الماضي، قدم ماركو روبيو، الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند، ومعاملة الدولة الواقعة في جنوب آسيا حليفاً في حلف شمال الأطلسي مثل اليابان.

بداية حياة أداني

وُلد أداني في 24 يونيو (حزيران) 1962 في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الغربية - وهي أيضاً ولاية مودي الأم - وترك الدراسة في سن 16 عاماً بعد إكماله الصف العاشر.

وأسس مجموعة «أداني» في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية. وقد جاء من عائلة من الطبقة المتوسطة في مجال النسيج ليكوّن ثروته، على عكس كثير من المليارديرات الآخرين الذين يرثون ثرواتهم بالوراثة.

وهو متزوج من طبيبة الأسنان بريتي أداني، ولديه ابنان هما كاران وجيت، وكلاهما يعمل في أعمال الشركة، مثل كثيرين آخرين في العائلة.

ووفقاً لشخص على دراية مباشرة بتعاملاته، فإن لديه أسلوباً «عملياً للغاية» في إدارة إمبراطوريته، وقال إنه يهدف إلى توريثها للجيل المقبل في العائلة عندما يبلغ من العمر 70 عاماً.

وصف أداني نفسه في مقابلات مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأنه شخص خجول، وعزا ارتفاع شعبيته جزئياً إلى الهجمات السياسية التي واجهها.

المستثمرون يتخارجون

أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» في بيان يوم الاثنين، أنها أوقفت الاستثمارات الجديدة في مجموعة «أداني» بسبب اتهامات الرشوة.

موظفة تسير أمام بث رقمي في بورصة مومباي للأوراق المالية (أ.ف.ب)

وكانت خطوة «توتال إنرجيز» أول التداعيات الكبرى من تخارج الاستثمارات من المجموعة.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء»، ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

كما تمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة بشركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في 3 مشروعات مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

ويوم الثلاثاء، أعلنت «أداني للطاقة الخضراء» أنه لا يوجد أي تعهد مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز».

وأضافت في بيان للبورصة، أن بيان «توتال إنرجيز» لن يكون له أي تأثير مادي على عمليات «أداني للطاقة الخضراء» أو خطتها للنمو.

وانخفضت أسهم «أداني للطاقة الخضراء» بنسبة 7 في المائة يوم الثلاثاء، لتواصل انخفاضها بنسبة 8 في المائة بعد بيان «توتال إنرجيز».

وخسرت الشركة أكثر من 9.5 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ توجيه الاتهامات الأميركية.