تركيا ترفع أسعار الكهرباء والغاز بنسب غير مسبوقة

أعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية ارتفاع أسعار الكهرباء 52 %  للاستخدام المنزلي و130 % للاستخدام الصناعي (أ.ف.ب)
أعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية ارتفاع أسعار الكهرباء 52 % للاستخدام المنزلي و130 % للاستخدام الصناعي (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترفع أسعار الكهرباء والغاز بنسب غير مسبوقة

أعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية ارتفاع أسعار الكهرباء 52 %  للاستخدام المنزلي و130 % للاستخدام الصناعي (أ.ف.ب)
أعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية ارتفاع أسعار الكهرباء 52 % للاستخدام المنزلي و130 % للاستخدام الصناعي (أ.ف.ب)

فاجأت الحكومة التركية المواطنين برفع أسعار الكهرباء، بنسب تتراوح بين 50 و130 في المائة للاستخدام المنزلي وللشركات، ورفع أسعار الغاز الطبيعي للمنازل 25 في المائة، في أول أيام العام الجديد، ما يزيد الأعباء على المواطنين، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد التركي من ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 21 في المائة. وذلك وسط انتقادات حادة من المعارضة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بسبب الزيادات المتكررة في الأسعار.
وأعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية أمس (السبت) أن أسعار الكهرباء زادت بنسبة 52 في المائة للاستخدام المنزلي، و130 في المائة للاستخدام الصناعي.
ويعاني الأتراك من زيادة الأسعار عموماً، وأسعار المواد الغذائية بشكل خاص، في ظل التضخم الذي بلغ معدله السنوي 21.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي تشير التوقعات إلى ارتفاعه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أكثر من 30 في المائة، بعد انهيار قيمة الليرة التركية في الأشهر القليلة الماضية، نتيجة سلسلة من التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة، بضغط من الرئيس رجب طيب إردوغان على البنك المركزي التركي.
وأجرى البنك 3 تخفيضات بلغت 500 نقطة أساس خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، ليهبط سعر الفائدة من 19 إلى 14 في المائة، وهو ما دفع بالليرة التركية إلى قاع قياسي غير مسبوق؛ حيث هبطت قيمتها بأكثر من 60 في المائة، ووصلت إلى 18.4 ليرة للدولار في 20 ديسمبر الماضي، قبل أن تتدخل الحكومة بإجراءات في إطار نموذج اقتصادي جديد يقوم على حماية الودائع الليرة التركية المقومة بالدولار والذهب، وتعويض الفارق بين وقت الإيداع وآجال الاستحقاق، وهي 3 و6 و19 و12 شهراً، كما ضخ البنك المركزي نحو 7 مليارات دولار من الاحتياطي الأجنبي، في الفترة من 17 إلى 24 ديسمبر، لوقف انهيار الليرة تماماً.
وتحسن أداء الليرة التركية على مدى أسبوع، عندما وصلت إلى أقل من 11 ليرة للدولار؛ لكنها عادت للتذبذب يومي الخميس والجمعة الماضيين؛ حيث خسرت مجدداً نحو 6 في المائة من قيمتها، وجرى تداولها عند أكثر من 13.5 ليرة للدولار.
وحث إردوغان -في رسالة بمناسبة العام الجديد يوم الجمعة- الأتراك، على الاحتفاظ بكل مدخراتهم بالليرة، قائلاً إن تقلب سعر الصرف في الفترة الأخيرة كان تحت السيطرة إلى حد كبير، بعد أن تراجعت الليرة بشدة خلال الشهرين الماضيين.
ودعا إردوغان الأتراك إلى إدخال مدخراتهم من الذهب في النظام المصرفي، وأكد مجدداً أن أسعار الفائدة هي السبب وراء التضخم، خلافاً للنظريات الاقتصادية المتعارف عليها.
وانتقد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، الزيادات الجديدة في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي التي طبقت بدءاً من اليوم الأول من العام الجديد، قائلاً في رسالة لإردوغان عبر «تويتر»: «لقد ضغطتَ على أعناق الشعب مع بداية العام. لقد زدت عليهم أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، بشكل كبير، وبينما ينهي الناس عامهم ويستقبلون عاماً جديداً، ضغطت أنت على أعناقهم في صمت. ما لم يجد هذا الشعب السلام والراحة، فلن يكون هناك سلام في قصرك، ولا في المؤسسات التي أفسدتَها، ولتكن هذه كلمتي لك في عام 2022».
في غضون ذلك، أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، اتساع عجز التجارة الخارجية لتركيا بنسبة 6.9 في المائة في نوفمبر الماضي، على أساس سنوي، وفقاً لنظام التجارة العام، ليصل إلى 40 مليار دولار في 11 شهراً. وارتفعت الصادرات التركية في نوفمبر بنسبة 33.7 في المائة، في حين زادت الواردات بنسبة 27.3 في المائة عما كانت عليه قبل عام، بحسب بيانات المعهد.



​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
TT

​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)

في حملته الانتخابية، وعد دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية أكثر صرامة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، وتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017.

لكن هذه السياسات، إذا تم تنفيذها، قد تفرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار والأجور والعجز الفيدرالي. وهو ما من شأنه أن يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي الساعي إلى خفض التضخم إلى هدف 2 في المائة، وحماية سوق العمل.

وفي خضم هذه المهمة الدقيقة، قد يقع البنك المركزي تحت دائرة الضوء السياسية غير المريحة إذا اتبع ترمب نمطه السابق في مهاجمة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول علناً.

لقد تعهد ترمب بإعادة فرض التعريفات الجمركية على الواردات، واقترح تعريفة بنسبة 60 في المائة على المنتجات الصينية، وتعريفة بنسبة 10 في المائة على الواردات من دول أخرى.

ووفق «مورغان ستانلي»، فإن هذه التعريفات، إلى جانب التخفيضات الضريبية، قد تدفع التضخم إلى الارتفاع بنحو 2.5 نقطة مئوية. في حين يتوقع «غولدمان ساكس» أن تدفع سياسات ترمب المقترحة التضخم الأساسي إلى ما يزيد على 3 في المائة خلال عام 2025.

وإذا ارتفع التضخم بشكل كبير، فقد لا يكون أمام الاحتياطي الفيدرالي خيار سوى الاستجابة بسياسة نقدية أكثر صرامة.

أنصار ترمب يحتفلون في فلوريدا (إ.ب.أ)

اجتماع الاحتياطي الفيدرالي

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس أسعار الفائدة المرجعية بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي الخطوة التي ستأتي في أعقاب خفض بمقدار نصف نقطة في سبتمبر (أيلول). وقد توقعوا خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة هذا العام، في ديسمبر (كانون الأول)، ونقطة كاملة إضافية من التخفيضات في عام 2025.

من المؤكد تقريباً أن باول سيواجه أسئلة حول كيفية تأثير الانتخابات على توقعات الاحتياطي الفيدرالي عندما يعقد مؤتمراً صحافياً الخميس بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

لقد كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي يثير غضب ترمب بشكل متكرر خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى. واستمرت هذه الانتقادات اللاذعة، حيث قال ترمب مؤخراً في أغسطس (آب) إن باول كان «مبكراً بعض الشيء ومتأخراً بعض الشيء» في اتخاذ القرارات.

وقال ترمب أيضاً إنه يعتقد أن الرؤساء يجب أن يكون لهم «رأي» في سياسة أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولفت إلى أن صنّاع السياسات تصرفوا لأسباب سياسية عندما خفضوا أسعار الفائدة بنسبة نصف نقطة مئوية أكبر من المعتاد في سبتمبر.

باول ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا باتريك هاركر يتأهبان للمشاركة بمؤتمر نقدي (الاحتياطي الفيدرالي)

إبداء الرأي

في مقابلة أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) مع «بلومبرغ»، قال ترمب إنه لا يعتقد بأنه يجب أن يكون قادراً على إصدار أوامر إلى الاحتياطي الفيدرالي بما يجب فعله، لكن لديه الحق في التعليق على اتجاه أسعار الفائدة. ومع ذلك، أثار مجمل خطابه تكهنات بأنه قد يسعى إلى الحد من استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي، وإنهاء ممارسة استمرت لعقود من الزمن تتمثل في السماح للبنك المركزي بإجراء السياسة النقدية بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.

زعزعة الثقة

وقالت سارة بايندر، أستاذة العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، إن الانتقادات العلنية والصريحة التي يوجهها الرئيس إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تزرع الشك.

وقالت بايندر: «من المؤكد أن هناك استقلالاً هيكلياً. ولكن لا يمكن لأي درجة من العزل الهيكلي أن تحميه إذا بدأ الناس يشكون في أنه سيفعل ما يقول إنه سيفعله».

وقد رفض بعض مستشاري ترمب المخاوف بشأن سعيه إلى التدخل في بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقال سكوت بيسنت، أحد كبار مستشاريه الاقتصاديين، والرئيس التنفيذي لصندوق التحوط «كي سكوير غروب» إنه يريد فقط أن يكون صوتاً مسموعاً. وقال في مقابلة مع «بلومبرغ» إنه «يفهم أن استقلال البنك المركزي يرسخ توقعات التضخم طويلة الأجل التي ترسخ أسعار الفائدة طويلة الأجل».

وقال كيفن هاسيت، الذي شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض خلال فترة ولاية ترمب الأولى، في مقابلة مع «غولدمان ساكس» نُشرت في أكتوبر، إن الشكوك حول التنسيق بين الاحتياطي الفيدرالي والسلطة التنفيذية «يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ويجب على الإدارة المقبلة اختيار قيادة محايدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي».

تتجمع السحب العاصفة فوق مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن قبل عاصفة رعدية (رويترز)

تأثير موارب

ستأتي الطريقة الأكثر مباشرة لترمب للتأثير على بنك الاحتياطي الفيدرالي من خلال تعيين موظفين رئيسيين في السنوات المقبلة. قال بالفعل إنه لن يعيد تعيين باول، الذي تنتهي فترة ولايته في مايو (أيار) 2026. وتنتهي فترة ولاية محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوغلر في يناير (كانون الثاني) 2026، بينما يصبح منصب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي شاغراً في يناير 2028، وبالتالي، ستتاح لترمب الفرصة لتسمية المعينين لكل من هذه المناصب.

وقالت مصادر متعددة مقربة من حملة ترمب إن هاسيت قد يكون الخيار النهائي لترمب لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي. كما سيكون الرئيس المنتخب قادراً على ترشيح نائب رئيس للإشراف، وهو دور تنظيمي قوي يشرف على أكبر البنوك في البلاد. وقد عيّن الرئيس جو بايدن لهذا المنصب مايكل بار، الذي تنتهي ولايته في يوليو (تموز) 2026، وأثار بار انتقادات حادة من صناعة الخدمات المصرفية والجمهوريين بشأن اقتراح أولي لتعزيز رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به البنوك.

وكتب مايكل فيرولي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في «جيه بي مورغان تشيس آند كو»، في مذكرة بحثية في أكتوبر، أن شاغلي منصب بار استقالوا بعد وقت قصير من انتخاب رئيس من الحزب المعارض. أضاف فيرولي: «إذا اتبع بار هذه السابقة بعد فوز ترمب، فيمكن للرئيس الجديد التأثير بسرعة على السياسة التنظيمية، حتى لو كان تأثيره على السياسة النقدية أقل مباشرة».