استلهام المرح تشكيلياً من أوبرا «حب البرتقالات الثلاث»

شخصية المهرج «تروفالدينو» تلونت  بالأجواء الساخرة والفكاهية والفلكلورية
شخصية المهرج «تروفالدينو» تلونت بالأجواء الساخرة والفكاهية والفلكلورية
TT

استلهام المرح تشكيلياً من أوبرا «حب البرتقالات الثلاث»

شخصية المهرج «تروفالدينو» تلونت  بالأجواء الساخرة والفكاهية والفلكلورية
شخصية المهرج «تروفالدينو» تلونت بالأجواء الساخرة والفكاهية والفلكلورية

ارتبطت الفنانة المصرية هنادي سليط، منذ فترة مبكرة بروح المرح الطفولية التي سادت الأوبرا الشهيرة «حب البرتقالات الثلاث»، للفنان الروسي سيرغي بروكوفييف (1891 ـ 1953) التي عرضها لأول مرة على مسرح «الأوديتوريوم» في شيكاغو، في ديسمبر (كانون الأول) 1921، أي قبل 100 عام، وما زال يحظى عرضها على مسارح الأوبرا في العالم باهتمام كبير، بوصفه حدثاً فنياً كلاسيكياً خاصاً.
تتذكر الدكتورة هنادي سليط، الأستاذ المساعد بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، عندما كانت طالبة تبحث عن فكرة مغايرة لمشروع تخرجها آنذاك، وعثرت في ذلك الوقت على أسطوانة قديمة من «الفينيل»، في قاعة صغيرة بالمكتبة الموسيقية بالهيئة العامة المصرية للكتاب، وعليها عنوان تلك الأوبرا وشكل البرتقالات الثلاث، وظلا مطبوعين في ذاكرتها، حتى سنحت الفرصة لتناولهما خلال معرض جديد تستضيفه كلية الفنون الجميلة بالقاهرة.
يُحاكي المعرض الأزياء التي ظهر بها ممثلو تلك الأوبرا التي تستند إلى حكاية شعبية إيطالية شهيرة؛ ما جعل المعرض انعكاساً لروح المرح الصاخبة التي تُميز هذا العمل المسرحي، ولعل هذا النوع من المعارض المتخصصة في الأزياء غير مطروق بشكل كبير على ساحة المعارض التشكيلية «تصميم الأزياء المسرحية هو جانب من إنتاج قسم الفنون التعبيرية أو (السينوغرافيا) التابع لقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة، والمعني بتصميم المشاهد والديكورات المسرحية، وكذلك تصميم الأزياء لأي عمل أدائي، سواء على خشبة المسرح وللسينما أو للتلفزيون. لذا؛ أي عمل قابل أن يكون معرضاً تشكيلياً طالما يقوم بخدمة فكرة فنية ما»، حسبما تقول هنادي سليط في حديثها مع «الشرق الأوسط».
تدور قصة الأوبرا حول ملك يعاني من المرض، ويُجمع الأطباء أن علاجه هو الضحك، ويبدأ المهرج «تروفالدينو» بتنظيم احتفال فكاهي في محاولات مستميتة لإضحاك الملك، وفي ظل تلك الأجواء المواكبة لدراما الملك تظهر البرتقالات الثلاثة في سياق غرائبي يحمل معه الحُب والطرافة معاً.
وتقول سليط «تتسم هذه الأوبرا بطابع فكاهي ومرح طفولي، خاص بالقصص الشعبية الإيطالية والمنعكس بعبقرية في موسيقى الأوبرا لمؤلفها سيرغي بروكوفييف، واللافت للنظر أنه يوجد في القصص الشعبي في مصر، حكاية تحمل عنوان (الليمونات الثلاث) وهي تقريباً الحكاية نفسها مع بعض الاختلافات إلى تحدث في إطار شرقي، ذلك التقارب هو الذي حسم الرغبة في تناولها كعمل فني، أياً كان شكله ومحتواه».
يطغى الصخب اللوني في لوحات المعرض على لغتها البصرية، ليس فقط على إطلالة المهرج «تروفالدينو»، بل وعلى سائر الأزياء التي تلونت بالأجواء الساخرة والفكاهية والفلكلورية التي سادت أوبرا «حب البرتقالات الثلاث»، علاوة على التصميمات الصاخبة التي سادتها الفانتازية الممزوجة بأجواء السحر والخرافة.
وتبلغ عدد لوحات المعرض 16 لوحة، وتضم كذلك قسماً مخصصاً لعرض الرسومات الأولية والتحضيرية السابقة للمعرض، التي تم عرضها في إطار تعليمي جامعي، لاستفادة طلاب كلية الفنون الجميلة التي تستضيف المعرض منها، وتعدّ سليط أن تلك الرسوم الأولية «من أهم العناصر التي تنعكس فيها الأفكار الأولى وميلادها وتطورها»، على حد تعبيرها.
يعدّ هذا المعرض المتخصص في تصميم الأزياء المسرحية، الأول من نوعه الذي تقدمه هنادي سليط، في هذا الإطار، مشيرة إلى أنها تقدمه في استمرارية لتخصصها الدقيق الذي انتهجته أثناء البحث العلمي في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وتقول إنها تفكر حالياً في تنفيذ مقترحات أخرى لتصميم أزياء أو ديكور مسرحية «العصفور الأخضر» التي تعد، حسبما تقول، بمثابة عمل مُكمل لأوبرا «حب البرتقالات الثلاث» وهي من كتابة كارلو جودزي.
وحصلت الفنانة هنادي سليط على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون الجديدة بباريس عام 2005، ولها رسوم لافتة في مجال أدب الطفل منها رسوم كتاب «حكاية جحا»، وطيري يا طيارة»، و«الشمس»، وحازت على جائزة «آنا ليندا» الإقليمية لأدب الطفل.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».