استراتيجية مصرية لدعم المنتجات التراثية واليدوية

عبر تخصص عوائد مالية وإنشاء مدينة لها بالعاصمة الجديدة

كريمة بكار إحدى منتجات المنتجات اليدوية بأسوان (الشرق الأوسط)
كريمة بكار إحدى منتجات المنتجات اليدوية بأسوان (الشرق الأوسط)
TT

استراتيجية مصرية لدعم المنتجات التراثية واليدوية

كريمة بكار إحدى منتجات المنتجات اليدوية بأسوان (الشرق الأوسط)
كريمة بكار إحدى منتجات المنتجات اليدوية بأسوان (الشرق الأوسط)

أعلنت مصر عن تنفيذها استراتيجية متكاملة لدعم منتجاتها التراثية وحرفها اليدوية، عبر تخصيص مبالغ مالية، وإنشاء مدينة للتراث في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته مساء أول من أمس لمعرض الحرف التراثية في أسوان (جنوب مصر) إلى إعادة إحياء الحرف والصناعات التراثية والتقليدية وإتاحة الفرصة للمواطنين للوصول إلى هذه المنتجات.
ووجه الرئيس السيسي، رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بتخصيص عائد مبلغ 200 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري) من «صندوق تحيا مصر» تضاف إلى ما تقدمه الحكومة من جهود في هذا الشأن لتمويل مشاركة العارضين لمدة عامين في المعرض المقام في مدينة التراث بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ووعد الرئيس السيسي، المشاركين بمعرض الحرف التراثية في أسوان بإقامة معرض دائم لهم.
وقالت كريمة بكار، إحدى عارضات الحرف التراثية بأسوان لـ«الشرق الأوسط» :«تحدثنا مع الرئيس السيسي حول ضرورة دعمنا، بعد رفع أسعار الإيجار في الأماكن الأثرية على غرار متحف النوبة ومتحف النيل، فوعدنا بإنشاء معرض دائم لمنتجي الحرف التراثية بأسوان وهذا أمر سيكون مهم جداً وسينعكس على وضعنا بشكل إيجابي».

منتجات أسوان التراثية تتميز بألوانها المبهجة (الشرق الأوسط)

وأضافت أن نحو 55 % من سيدات النوبة المعيلات يعملن في إنتاج المنتجات اليدوية ، ولا يملكن أموالاً أو أرباحاً كثيرة لدفع إيجارات بقيمة ألف أو 4 آلاف جنيه، في الشهر، لذلك نتمنى أن يخصص لنا مكان للعرض الدائم بسعر رمزي، حيث لجأ الكثير من منتجي هذه المشغولات اليدوية إلى عرض بضائعهم في الشارع بشكل غير آدمي».
وتتنوع منتجات أصحاب الحرف اليدوية ما بين الخوص والخرز والخيط والأحجار، بحسب بكار التي تشير إلى منتجاتهم النوبية يبحث عنها السائح الأجنبي والمحلي بشكل خاص.
وأكد الرئيس السيسي اهتمام الدولة بشكل كبير بالتراث، وقال خلال جولته: «نسعى لأن تكون مدينة التراث بالعاصمة الإدارية الجديدة على أعلى مستوى وأن تبدأ قوية بمشاركة مجموعة من المحترفين لأن الفرصة ليست تحقيق مكسب مادي وإنما تحقيق مكسب لتاريخ مصر»، مضيفا: «نريد إحياء التراث بأناس محترفين ومتمكنين».
وبحسب السيسي فإن مدينة التراث بالعاصمة الإدارية الجديدة بها أماكن واسعة تستوعب الكثير من المنتجين بمعروضاتهم التراثية عالية الجودة.

وتستوعب الحرف التراثية آلاف العاملين على مستوى مصر، وتساهم في دعم الكثير من الأسر، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة السياحة التي تأثرت بشكل لافت بتداعيات كوورنا، وتعول مصر على تحقيق انتعاشة سياحية في عام 2022 رغم متحورات كورونا الجديدة.
ويسعى المهتمون بالحرف التراثية بجنوب مصر إلى إعطاء الأجيال الجديدة ثقافة المنتجات الحرفية واليدوية كي يكونوا على دارية بالحرف العريقة التي تمتد لآلاف السنين».
ووفق «أطلس الحرف اليدوية المصرية» الذي أعده الباحث المصري أسامة غزالي، فإن صناعة التلي أو منتجات الخوص أو الفخار، أو غيرها، لا تشكل حرف إقتصادية ذات عائد رئيسي، ولكن هذه الحرف لها بعد ثقافي يرتبط بتاريخ الدولة وحضارة شعبها.
وأشار غزالي إلى أن هذه الحرف أغلبها إما انقرضت بالفعل أو على وشك الانقراض. وأشار إلى أن تراجع معدلات توريث وتناقل فنون هذه الحرف، مع محدودية دخلها، يساهم أكثر في تسريع عملية الإنقراض.
وتمكن مؤلف الأطلس المصري من زيارة أكثر من 700 قرية ونجع بمحافظات مصر، ونجح بعد سنوات في إخراج مشروعه، متضمنا حوالي 360 حرفة يدوية.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».