المقاتلات الروسية تجدد غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»

قصف متبادل بين قوات النظام والمعارضة شمال غربي سوريا

صف لتعليم الأطفال بمخيم للنازحين في قرية كللي بمحافظة إدلب أمس (د.ب.أ)
صف لتعليم الأطفال بمخيم للنازحين في قرية كللي بمحافظة إدلب أمس (د.ب.أ)
TT

المقاتلات الروسية تجدد غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»

صف لتعليم الأطفال بمخيم للنازحين في قرية كللي بمحافظة إدلب أمس (د.ب.أ)
صف لتعليم الأطفال بمخيم للنازحين في قرية كللي بمحافظة إدلب أمس (د.ب.أ)

جددت المقاتلات الروسية غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»، في شمال غربي سوريا، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين فصائل المعارضة من جهة؛ وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من جهة ثانية، وسط تبادل للقصف ووقوع قتلى في صفوف الطرفين.
وقال الناشط أيهم السعيد إن «المقاتلات الروسية جددت غاراتها الجوية بالصواريخ الفراغية على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، حيث نفذت 9 غارات جوية الاثنين 27 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على منطقة الشيخ بحر ومحيط معرة مصرين بمحيط مدينة إدلب من الجهة الشمالية والغربية، مستهدفة مداجن تعود ملكيتها لمدنيين ومناطق مأهولة بالسكان. اقتصرت الأضرار على الماديات». وتابع أن الغارات الجوية الروسية تزامنت مع قصف مكثف بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ «مصدره قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمركزة في منطقة معرة النعمان، على منطقة معربليت بجبل الزاوية جنوب إدلب، ما أسفر عن مقتل مواطن وجرح آخر، وخسائر فادحة في ممتلكات المدنيين».
وأضاف السعيد: «يعيش أهالي ريف حلب ومناطق إدلب خلال الآونة الأخيرة حالة من الخوف والذعر بسبب تجدد الغارات الجوية الروسية، التي بلغ تعدادها 18 غارة خلال يومين، بالإضافة إلى القصف البري المتواصل لقوات النظام، بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الروسي في الأجواء».
من جهته؛ قال قيادي في فصائل المعارضة إن فصائل «غرفة عمليات الفتح المبين»، قصفت براجمات الصواريخ مواقع تابعة لقوات النظام في منطقة معرة النعمان وكفرنبل جنوب إدلب، وترافق ذلك مع قصف مماثل استهدف الفوج «46» بريف حلب الغربي، ما أسفر عن وقوع 4 قتلى في صفوف قوات النظام والميليشيات المساندة لها. وأشار إلى مقتل عنصرين آخرين من قوات النظام بقناصات المعارضة في محور ميزناز غرب حلب، بالإضافة إلى تدمير جرافة عسكرية للنظام على المحور ذاته. وأضاف أنه «جرى رصد لتحركات جديدة ضمن مواقع تابعة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، في ريف إدلب الشرقي ووصول قوات إضافية إلى تلك المواقع، ما دفع بفصائل المعارضة إلى رفع الجاهزية القتالية والاستعداد لمواجهة أي سيناريو عسكري جديد»، لافتاً إلى أن «فصائل المعارضة ستواصل قصفها على مواقع النظام رداً على قصفه المدفعي ورداً على الغارات الجوية الروسية على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والمأهولة بالسكان».
وقال الناشط عمر حاج حمود، في إدلب، إن «خطوط المواجهة بين قوات النظام والمعارضة في ريفي إدلب وحلب، تشهد تصاعداً في حدة التوتر وتبادلاً مستمراً بالقصف المدفعي والصاروخي بين الطرفين، في الوقت الذي عادت فيه المقاتلات الروسية إلى تنفيذ غارات على المناطق المأهولة بالسكان، ما يشير إلى نوايا جديدة للنظام تهدف إلى زعزعة الاستقرار النسبي الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة»، ولفت إلى أن الفصائل عززت مواقعها العسكرية بآليات ومقاتلين وحصنت مواقعها المتقدمة «تحسباً لأي محاولة تقدم أو تصعيد جديدة ضد المناطق المحررة».
أما سامر الشهابي، وهو ناشط في ريف حلب، فقال إنه «جرت اشتباكات عنيفة بين فصائل (الجيش الوطني السوري) المدعوم من أنقرة، و(قوات سوريا الديمقراطية - قسد)، بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، على محور الباشلي وأم عدسة والصيادة، ترافق مع قصف بقذائف المدفعية من قبل القوات التركية على مواقع (قسد)، أسفر عن مقتل وجرح 3 عناصر للأخيرة». وأوضح: «وقعت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين إثر محاولة تقدم لمجموعات تابعة لقوات (قسد) على محور أم عدسة، ما دفع بـ(الجيش الوطني السوري) إلى مواجهتها وإحباطها، بإسناد بري من قبل المدفعية التركية المتمركزة في المنطقة وسط مواجهات عنيفة بين الطرفين استمرت لساعات».
على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوصول تعزيزات عسكرية لـ«الفرقة الرابعة» إلى مدينة تدمر ومحيطها، شرق حمص، بعد ورود معلومات عن نية خلايا لتنظيم «داعش» شن هجوم على المدينة والحواجز والمواقع العسكرية التابعة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في محيط المدينة، بالتزامن مع الاحتفال بنهاية رأس السنة الميلادية. وأضاف «المرصد» أن مقاتلات روسية نفذت نحو 8 ضربات جوية صباح أمس الثلاثاء على مواقع يتوارى بها مقاتلو تنظيم «داعش» في بادية الرصافة شمال شرقي الرقة.
إلى ذلك، قال التلفزيون الرسمي السوري إن صوت الانفجار الذي سُمع في العاصمة دمشق أمس ناتج عن تفجير وحدات الجيش عبوات ناسفة كانت قد صادرتها من مقاتلين في ضاحية دوما، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز». وأعلن الجيش السوري في عام 2018 أنه استعاد السيطرة الكاملة على جميع المناطق المحيطة بدمشق بعد 7 سنوات من الحرب الأهلية التي اندلعت عقب احتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.