الإعلان عن قائمة أفلام مهرجان «كان» لدورته الجديدة

تضم أعمالا لمخرجين عائدين.. ونجومًا متلألئين

كيت بلانشيت في «كارول»
كيت بلانشيت في «كارول»
TT

الإعلان عن قائمة أفلام مهرجان «كان» لدورته الجديدة

كيت بلانشيت في «كارول»
كيت بلانشيت في «كارول»

بعد 48 ساعة على إطلاق النبأ بأن افتتاح الدورة الجديدة من مهرجان «كان» السينمائي (من 13 إلى 24 من الشهر المقبل) عقد تييري فريمو مؤتمرًا صحافيًا حاشدًا في باريس، ظهر يوم أمس (الخميس)، ليعلن عن قائمة مهرجان «كان» من الأفلام لدورته الثامنة والستين.
طبعًا، الحديث عن فيلم الافتتاح «الوقوف بفخر» ((La Tete haute بالفرنسية و(Standing Tall) بالإنجليزية لفت الانتباه من حيث أراد المهرجان أن يلفت الانتباه. ففي الإعلان عنه قيل إنه أول افتتاح لفيلم من إخراج امرأة منذ عام 1987، وهي إيمانويل بركو. في العام المذكور، قامت المخرجة الفرنسية أيضا دايان كوريز بعرض فيلم «رجل عاشق» الذي كان ناطقًا بالإنجليزية (مع بيتر كويوتي وغريتا سكاكي في البطولة). هذا حسن بالطبع، ويجلب بعض الحيوية والكثير من الاستحسان في أوساط عدّة، لكن أحدًا لم يسأل ولماذا الانتظار طوال هذه الفترة من عمر المهرجان قبل تقديم فيلم افتتاح من إخراج امرأة؟ الإعلان بحد ذاته يدين المهرجان أكثر مما يروّج له، علما بأن افتتاحات «كان» ليست ضمانات أكيدة على بداية غير شائكة. ففي العام الماضي تم افتتاح الدورة بفيلم «غريس موناكو» بطولة نيكول كيدمان الذي هوجم بضراوة من قبل النقاد. وزاد الطين بلّة أن النسخة التي عرضت في «كان»، ثم عُرضت في باريس، وسط إقبال ضعيف، كانت غير النسخة التي لم تعرض بعد تجاريًا في الولايات المتحدة، بسبب خلاف بين مخرجه الفرنسي أوليفييه داهان وموزّعه الأميركي هارفي واينستاين.
في الحقيقة، «غريس موناكو» قد لا يرى عتمة الصالات الكبيرة مطلقًا، إذ إن عرضه التلفزيوني في الولايات المتحدة محدد في الخامس عشر من مايو (أيار) المقبل، بعد سنة ويومين على افتتاحه في مهرجان «كان» الماضي.

* مرصّع بالنجوم
بصرف النظر عن هذا الجانب، فيلم الافتتاح هذا العام يمهد لظهور كاثرين دينوف مرّة أخرى على خشبة قصر المهرجانات، إذ تشارك في أحد أدواره الرئيسية (تؤدي دور قاضية) وهو واحد من 1854 فيلمًا استلمها المهرجان وعاينها قبل الوصول إلى قائمة أفلام المسابقة. وفي مطلع حديثه (الموزّع حيّا عبر الإنترنت) ذكر أمرين لافتين: الأول أن الأفلام المعلنة تشكل 90 في المائة من الأفلام التي ستتألّف منها المسابقة، والثاني أن المهرجان هذه المرّة ركب موجة المغامرة بقبوله أفلامًا معيّنة. ضمنيًا، ربط بين هذه المخاطرة وقلّة البحث عن أفلام جيدة لمخرجين - مؤلّفين. ورد ذلك ردًا على انتقادات متعددة (كنا شاركنا بذكرها هنا أكثر من مرّة) من أن لمهرجان «كان» زبائن خاصّين. أخيرا، كما هو واضح، ارتفعت الشكوى من الصحافة الفرنسية أن الوجوه ذاتها هي التي عادة ما تظهر على السجادة الحمراء، ووراء الأفلام المنتقاة كل سنة. لذلك قال مدير المهرجان في معرض ردّه: «ليس الأمر أننا دائما ما نقدّم الناس أنفسهم كل سنة، لكن ليس من السهل البحث عن مخرجين مؤلّفين جدد». لكن الواقع أن معظم المخرجين المنتخبين هم من الذين يختارون «كان» ويختارهم، وسواء أكان ذلك بقصد أو دون قصد، فإن المسألة باتت تبدو مثل نادي غولف مغلق أمام العموم.
يقول مدير عام المهرجان أيضًا: «نحاول أن نعرض أفلاما تثير النقاد والجمهور العريض معًا»، مستشهدًا بما حققته بعض أفلام العام الماضي من نجاح مزدوج. وكثير من الأفلام الواردة في القائمة المعلنة هي بالتأكيد مفتوحة على أكثر من جبهة. يمكن ملاحظة ذلك من تعدد الاشتراكات الفرنسية والأميركية، كما من مظلّة «كانية» مرصّعة بالنجوم: جون تورتورو، ماثيو ماكوهوني، جوش برولين، إميلي بلنت، سلمى حايك، فنسنت كاسل مايكل كاين، روني مارا، كايت بلانشيت وغيرهم. وما توصل مهرجان «كان» إلى إقراره وإعلانه هو سبعة عشر فيلمًا في المسابقة، مما يعني أن هناك ثلاثة أو أربعة أفلام ستنضم لاحقًا ليستوي العدد على عشرين فيلمًا على الأقل، وخمسة أفلام خارج المسابقة (بينها فيلم الافتتاح) ثم 14 فيلمًا في مسابقة «نظرة ما» وفيلمان في عروض اسمها «عروض منتصف الليل» وثمانية أفلام ضمن ما يسمّى بـ«عروض خاصة»، وكل قسم من هذه معرّض أيضا للزيادة بفيلم واحد على الأقل. من هذه النخبة المختارة نلاحظ أن الأفلام الفرنسية المشاركة كلها من إخراج نساء، وأن الكثير من الأفلام المنتمية لدول أوروبية غير ناطقة بالإنجليزية، باتت تتكلم الإنجليزية بطلاقة.

** أفلام المسابقة
* «السفاح» The Assassin
المخرج التايواني هاو سياو - سيين يعود، لأول مرة منذ فيلمه عام 2007 عندما قدّم «طيران البالون الأحمر» بفيلم جديد: لقد قرر اللحاق بموضة أفلام الأكشن التي تقع أحداثها في عباءة تاريخ اللوردات المتقاتلة في بعض قرون الأمس الغابر. هذه هي المرّة السابعة التي يشترك فيها المخرج المذكور في عروض «كان»، ودائمًا بنجاح نقدي ساعده في تأسيس اسمه كأحد أبرز سينمائيي جنوب شرقي آسيا.

* «كارول» Carol
المخرج الأميركي تود هاينز يجلب إلى حكايته التشويقية المقتبسة عن رواية للكاتبة الراحلة باتريشا هايسميث كلا من كيت بلانشيت ورووني مارا. تقارب غامض للشخصيّتين الرئيسيّتين في هذا الفيلم يشبه ذاك الذي عزف عليه ألفرد هيتشكوك فيلمه «رجلان في القطار» الذي تناوله عن رواية أخرى للكاتبة ذاتها.

* «أران» Erran
المخرج من اليونان (يورغوس لانتيموس) والإنتاج مشترك بين بريطانيا وآيرلندا وهولندا واليونان وفرنسا. كان المخرج نال جائزة قسم «نظرة ما» سنة 2009 عن فيلمه «ضرس كلب» Dogtooth. المخرج اليوناني هو آخر أولئك المخرجين الأوروبيين العامدين إلى تقديم أعمال ناطقة بالإنجليزية للاستفادة من التسهيلات التجارية. الحكاية تقع في المستقبل القريب عندما يصبح لزامًا على كل رجل أعزب البحث عن زوجة في 45 يوما، وإلا انتهى سجينًا للأبد. المهددون هنا هم كولين فارل وبن ويشو وجون س. رايلي. الممثلات هن أوليفيا كولمن وليا سيدو وراتشل وايز.

* «أعلى من أصوات القنابل» Louder Than Bombs
هذا فيلم آخر من تلك الأوروبية التي تعمد إلى اللغة الإنجليزية لتسهيل مهامها التجارية، مسلّحة بممثلين بريطانيين وأميركيين معروفين. الفيلم يدور حول مصوّرة صحافية (إيزابل أوبير) تموت في حادثة سيارة وبعد ثلاث سنوات يتم الكشف عن أسرار لها علاقة بموتها. من الممثلين الآخرين غبريال بيرن وديفيد ستراذام وآمي رايان. الفيلم من إخراج يواكيم تراير.

* «شقيقتنا الصغيرة» Our Little Sister
سنة 2004 قدّم المخرج الياباني هيروكازو كوري - إيدا فيلمه الجيد «لا أحد يعلم» في مسابقة دورة ذلك العام. وهو يعرض هذه المرّة حكاية قوامها من الممثلات المعروفات على الشاشة اليابانية، من بينهن هاروكي أياسي وسوزو هيروسي وماسامي ناغاواسا. الفيلم عن مغامرات تشويقية (مأخوذة عن شخصيات كوميكس) لشقيقات يعشن في المدينة الكبيرة بحسناتها وسيئاتها.

* «ماكبث» Macbeth
الاقتباس الجديد لتراجيديا ويليام شكسبير تأتينا هذه المرّة ممهورة باسم المخرج الاسكوتلندي جوستن كورزل مع تمويل بريطاني - فرنسي - أميركي. مايكل فاسبيندر والفرنسية ماريون كوتيار يتقاسمان البطولة.

* «مرغريت وجوليان» Marguerite and Julien
معظم الأفلام أعلاه موّلت، جزئيًا، من قِبل شركات فرنسية، لكن «مرغريت وجوليان» مموّل فرنسيًا فقط. الحكاية ممهورة بتوقيع المخرجة فاليري دونزيللي وهي شائكة، إذ تحتوي على مشاهد عاطفية ساخنة (من النوع الذي أخرجه عبد اللطيف كشيش قبل عامين في «الأزرق أكثر الألوان دفئًا»). السيناريو كُتب سنة 1971 والمخرج الراحل فرنسوا تروفو غازل المشروع بنية تحقيقه ثم انصرف لمشروع آخر بعنوان «آن ومورييل».

* «مون روي» Mon Roi
المخرجة المكتفية باسم واحد، مايوَن Maiwenn تبحث في علاقات عاطفية أخرى (لكنها سوية هذه المرّة)، وبطلاها هما إيمانويل بركو (مخرجة فيلم الافتتاح) وفنسنت كاسل.

* «الجبال قد ترحل» Mountains May Depart
من الصين (مع مساهمة فرنسية ويابانية) هذا الفيلم الجديد للمخرج جيا زانغكي (أحد أكثر المخرجين الصينيين إجادة)، وهو الأول له الذي يصوّره خارج بلاده. ثلاث مراحل لقصّة هذا الفيلم، الأولى تبدأ في التسعينات، الثانية في زمننا الحاضر والثالثة تسافر إلى المستقبل (سنة 2025).

* «أمي» My Mother
الاشتراك الإيطالي الماثل هنا هو للمخرج المعروف ناني موريتي الذي سبق له أن قدّم علي شاشة هذا المهرجان معظم أعماله، بما فيه «مفكرتي العزيزة» (1994). موريتي على الشاشة أيضا، إذ يؤدي البطولة هنا لاعبًا شخصية المخرج الذي عليه أن يحل إشكالات شخصية معقدة قبل مواصلة تصوير مشروعه الجديد.

* «بحر من الشجر» The Sea of Trees
ماثيو ماكونوهي و(الياباني) كن واتانابي يؤديان البطولة. كل منهما لا يعرف الآخر لكن وجهته واحدة: غابة الانتحار (مثل صخرة الروشة في بيروت) حيث يؤم الباحثين عن وسيلة لتوديع الحياة. الفيلم من إخراج الأميركي غس فان سانت الذي كان ربح ذهبية كان سنة 2003 عن فيلمه «فيل».

* «سيكاريو» Sicario
الكندي دنيس فيلينيوف (الذي سبق ومهّد لانطلاقته بفيلم عن حرب أهلية في بلد عربي - قصد به لبنان) كان انتقل إلى هوليوود إذ أنجز بضعة نجاحات متوالية، من بينها «سجناء» و«عدو». «سيكاريو» أكبر إنتاج يقوم بتنفيذه، ويتناول القصّة الحقيقية لرئيس شبكة مخدرات (كورتيل) تعمل في المكسيك. القصّة نشرتها مجلة «ذا نيويوركر» قبل حين قريب، لكن الفيلم مأخوذ عن سيناريو مستقل لتايلور شريدان. البطولة لبينيثو دل تورو (في دور سيكاريو) وإميلي بلنت وجوش برولين.

* «رجل بسيط» A Simple Man
فيلم فرنسي آخر ومن مخرجة امرأة (أيضًا) هي ستيفاني برايز التي لم تشارك في «كان» سابقًا. الفيلم يقدّم حكاية رجل أمن موكل بسوبر ماركت يواجه معضلة طارئة: هل يستطيع غض النظر عن فتاة تسرق من المحل إذا ما وقع في حبّها؟

* «ابن شاوول» Son of Saul
عودة إلى حكايات الهولوكوست في فيلم مجري للازلو نيميش (الأول له). ربما هو أكثر الأفلام قسوة، فبطله مجبر على القيام بحرق اليهود (أحياء) في الأفران، وذات يوم يجد نفسه أمام صبي صغير في عداد الضحايا المطلوب منه دفعهم إلى المحرقة.

* «حكاية الحكايات» The Tale of Tales
فيلم إيطالي لماتيو غاروني الذي فاز بجائزتين رئيسيتين في مسابقات «كان» سابقة. عام 2008 فاز فيلمه (الأول حينها) «غومورا» بجائزة «كان» الكبرى (الثانية بعد «السعفة الذهبية») وفي عام 2012 فاز فيلمه التالي «حقيقة» بالجائزة ذاتها. هذه المرة ينتقل إلى فانتازيا تقع أحداثها في القرن السابع عشر، وسلمى حايك في البطولة.

* «فترة شباب» Youth
فيلم إيطالي آخر، ومثل سابقه بالإنجليزية أيضًا: دراما من بطولة مايكل كاين في دور قائد أوركسترا متقاعد يتسلم دعوة من الملكة إليزابيث الثانية، والأمير فيليب لقيادة الأوركسترا من جديد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».