مرحباً بكم في «شقق تشارلز ديكنز» الفاخرة

نظرة على دار الإصلاحية التي ألهمت تأليف رواية «أوليفر تويست» الشهيرة

ممر «نيو مان» زاوية في لندن ظلت دون تغيير نسبياً منذ العصر الفيكتوري (نيويورك تايمز)
ممر «نيو مان» زاوية في لندن ظلت دون تغيير نسبياً منذ العصر الفيكتوري (نيويورك تايمز)
TT

مرحباً بكم في «شقق تشارلز ديكنز» الفاخرة

ممر «نيو مان» زاوية في لندن ظلت دون تغيير نسبياً منذ العصر الفيكتوري (نيويورك تايمز)
ممر «نيو مان» زاوية في لندن ظلت دون تغيير نسبياً منذ العصر الفيكتوري (نيويورك تايمز)

ظل السؤال الذي ألهم لعبة للمحققين الأدبيين لعقود هو: ما الإصلاحية (دار الأحداث) التي كانت إلهاماً أوجد أشهر إصلاحيات العالم، والتي صُوّرت كبؤرة قذارة رطبة في رواية «أوليفر تويست» لتشارلز ديكنز عام 1838، التي تتناول عذابات صبي يتيم وانتصاراته في لندن؟
بدت الإجابة متوهجة بوضوح بشكل مفاجئ في عام 2010، حين ربطت الباحثة روث ريتشاردسون نقطتين كانتا واضحتين بشكل كبير، لكن تم تجاهلهما بشكل أساسي لأكثر من قرن. كانت النقطة الأولى ID منزلاً عاش فيه ديكنز وأسرته، أما الثانية فكانت إصلاحية «ستراند يونيون»، التي بُنيت في سبعينات القرن الثامن عشر، والتي تقع على بعد مائة ياردة من المنزل في الشارع نفسه. فكّر في الأمر، يعيش ديكنز الشاب هنا، والإصلاحية هناك.
لقد جاء اكتشاف الدكتورة ريتشاردسون في الوقت المناسب حقاً، حيث كان مبنى الإصلاحية، الذي لا يزال في حالة جيدة بشكل مذهل، جزءاً مهملاً غير مستخدم من مستشفى تمتلكه مؤسسة مرتبطة بهيئة الخدمات الصحية الوطنية أرادت هدمها لإتاحة مساحة لبناء شقق فاخرة. سرعان ما بات واضحاً أن البناء الموجود في شارع كليفلاند في حي فيتزروفيا، كان هو تلك الإصلاحية، خصوصاً عندما كشفت ريتشاردسون عن تفاصيل خاصة بالمكان الذي ظهر في الرواية. على سبيل المثال كانت هناك قاعدة في إصلاحية «ستراند يونيون» تمنع تقديم حصة أخرى من الطعام، التي ربما تكون وراء تأليف أشهر عبارة وردت في الرواية على لسان أوليفر وهو يستجدي حصة أخرى من العصيدة، وهي «من فضلك يا سيدي، أريد المزيد»، التي قوبلت بالرفض.
مع ذلك كان الأمر مختلفاً كثيراً بالنسبة إلى بيتر بوروز، وهو مدير التطوير في جمعية مستشفيات جامعة «لندن كوليدج»، التي تموّل خدمات الرعاية الصحية. تمتلك تلك المؤسسة مبنى الإصلاحية، ونظراً لعدم إمكانية هدم المبنى، فهو مسؤول عن تحويله إلى مبنى مكون من إحدى عشرة شقة فاخرة ومنزلين، من المتوقع عرضها للبيع في نهاية العام المقبل.
ارتفعت تكلفة المشروع إلى أكثر من 130 مليون دولار، وتشمل تكلفة نبش القبور وإخراج رفات الموتى، ومجموعة شقق جديدة كبيرة ستُشيّد قريباً على الأرض التي كانت مقابر يوماً ما. كذلك تعدّ هذه اللحظة لحظة غير مناسبة لبيع شقق فاخرة بلندن، فنظراً لما سببه الوباء من تحفيز لانخفاض أسعار المنازل الناتج عن اتفاق «بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، الأمر المجهول الوحيد هو مقدار المال الذي ستخسره الجمعية في النهاية. تعتمد الإجابة عن سؤال آخر هو: كيف يمكن تسويق إصلاحية قديمة على أي حال؟ من بين الخيارات الاعتماد على الجذور الأدبية للمبنى، أو ربما الهروب من تلك الجذور والابتعاد عنها «نعم يمكنك الحصول على المزيد».
في الحالتين يمثل المبنى رمزاً في العالم الواقعي موحياً مثل غيره من الرموز الواردة في أعمال ديكنز الأدبية، حيث يروي تاريخ تعامل لندن مع الفقراء، الذي تحوّل بشكل متقطع من العقاب إلى الإنسانية، إلى جانب نهج المدينة المتأرجح في الحفاظ على ماضيها. تحظى العناصر المبجلة المكرّمة البرّاقة من تاريخ بريطانيا، بما فيه من ملكية وقلاع ومتاحف زاخرة بقطع أثرية وفنية، بدعم شعبي كبير.
في النهاية، تطلّب إنقاذ الإصلاحية استغلال قوة عظمة وشهرة الرجل، الذي أبدع رواية «كريسماس كارول» (ترانيم أعياد الميلاد) و«غريت إكسبيكتيشينز» (توقعات عظيمة)، وعشرات الأعمال الأدبية الكلاسيكية الأخرى.
صبي يتيم اسمه فاغان
عندما بدأت ريتشاردسون الحملة لإنقاذ مبنى الإصلاحية، حاولت إشراك بعض المؤسسات الكبرى المؤثرة، لكن دون جدوى. أشار ممثل للصندوق الوطني إلى أنّ الصندوق قد اشترى إصلاحية في نوتنغهامشاير عام 1997، «بعد عدّها واحدة من أفضل عشرة مبانٍ لإصلاحيات في البلاد». يذكر الموقع الإلكتروني للصندوق أنّه يمتلك 500 منزل تاريخي وقلعة ومتنزه وحديقة، ونحو مليون عمل فني.
في ظل عدم وجود دعم من مؤسسات لا تزال باقية، وجّهت ريتشاردسون انتباهها إلى المؤلف الذي تُوفي منذ مدة طويلة. كانت هناك إشارات في كتب السيرة الخاصة بديكنز إلى 10 شارع نورفولك ستريت. كذلك كتب ديكنز في مرحلة المراهقة ذلك العنوان على بطاقات العمل التي كان يستخدمها يوماً ما للإعلان عن نفسه كشخص يجيد الكتابة الاختزالية. مع ذلك لم يلحظ أحد قرب الشاب ديكنز من إصلاحية «ستراند يونيون».
بحلول عام 2010 أصبحت لندن مركزاً مالياً عالمياً، وتحوّل حي فيتزروفيا إلى مركز لقاعات عرض الأعمال الفنية ومطاعم الوجبات الخفيفة فيما يمثل جزءاً من ذلك التحول. كانت شقة أسرة ديكنز تبعد بناية واحدة عن مسرح «ريجنسي»، الذي كان يعرض مسرحيات ويعلن عن عروض فنية. هُدم المبنى، من ثمّ أُعيد بناؤه، ويشتهر بظهوره كمكان لحفلات فريق الـ«بيتلز» في فيلم «هارد ديز نايت» (ليلة يوم عصيب).
ترك ديكنز وأسرته الشارع عندما كان في التاسعة عشرة من العمر، وفيما بدا أنّه تسليط للضوء على الأثر الذي تركه الشارع في نفسه، احتفط بأسماء وأماكن منه في روايته الثانية «أوليفر تويست» التي بدأ في تأليفها وهو في الرابعة والعشرين من العمر. إضافة إلى تلك التفاصيل، كان هناك حدس ريتشاردسون بأن ديكنز قد التقى بصبية عاشوا في تلك الإصلاحية بمصنع لتلميع الأحذية حين كان في الثانية عشرة من العمر. تقول الدكتورة ريتشاردسون: «التقى بصبي يتيم يدعى فاغان، وهو اسم آيرلندي، في المصنع». سيصبح فاغان «متسلم المسروقات» مثلما يصفه ديكنز في مقدمة الرواية.
من المقرر أن يُطلق اسم «كليفلاند كورت» على المبنى السكني، وهو اسم يبدو أنيقاً ولا يمت بصلة للتاريخ، ما يثير حنق ريتشاردسون التي دائماً ما عبّرت عن رغبتها في أن يصبح هذا المكان مستشفى مرة أخرى, مشيرة إلى أنّه كان ليصبح نافعاً للغاية في ظل انتشار الوباء. كذلك تشعر بالانزعاج من احتمال ألّا يعلم السكّان الجدد بتاريخ المبنى، حيث لا توجد أي خطط لوضع أي لافتة تعريفية من تلك اللافتات الزرقاء التي تحتفي بالمواقع المهمة في أنحاء لندن.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.