كعكة «بانيتوني» مخبوزة في السجن من بين أفضل الكعكات في إيطاليا

فريق من السجناء تحت إشراف أربعة طهاة متخصصين في أصناف الحلوى  -  سوف يخبز فريق «جوتو» أكثر من 80 ألف كعكة «بانيتوني» خلال موسم الأعياد الحالي
فريق من السجناء تحت إشراف أربعة طهاة متخصصين في أصناف الحلوى - سوف يخبز فريق «جوتو» أكثر من 80 ألف كعكة «بانيتوني» خلال موسم الأعياد الحالي
TT

كعكة «بانيتوني» مخبوزة في السجن من بين أفضل الكعكات في إيطاليا

فريق من السجناء تحت إشراف أربعة طهاة متخصصين في أصناف الحلوى  -  سوف يخبز فريق «جوتو» أكثر من 80 ألف كعكة «بانيتوني» خلال موسم الأعياد الحالي
فريق من السجناء تحت إشراف أربعة طهاة متخصصين في أصناف الحلوى - سوف يخبز فريق «جوتو» أكثر من 80 ألف كعكة «بانيتوني» خلال موسم الأعياد الحالي

تعد كعكة الـ«بانيتوني» كعكة أعياد الميلاد الإيطالية وتشتهر بصعوبة إعدادها بشكل مثالي؛ لذا عندما تم اعتبار النسخة المقدمة من «باستيتشيريا جوتو» واحدة من أفضل عشر كعكات «بانيتوني» في إيطاليا، كان ذلك تكريماً حقيقياً. مع ذلك الفارق الأكثر إثارة للدهشة بين كعكة الـ«بانيتوني» في «جوتو» والتسع كعكات الأخرى على القائمة هي أن تلك الكعكة تم إعدادها في أحد السجون.
داخل سجن «دوي بالاتسي» على أطراف مدينة بادوفا شمال شرقي إيطاليا، يعمل فريق من السجناء يرتدون معاطف بيضاء تحت إشراف أربعة طهاة متخصصين في أصناف الحلوى. يبدأون الخبز في الرابعة صباحاً طوال ستة أيام في الأسبوع، ويبدأون بالبريوش الذي سيتم عرضه في متاجر حلوى ومعجنات وفنادق محلية. كذلك ينتج مخبز «جوتو» البسكويت والفطائر والنوغا والشوكولاتة والآيس كريم، لكن تعد كعكة الـ«بانيتوني» هي الصنف المميز لديه.
يعمل جوفاني، وهو سجين لا يتم ذكر اسمه بالكامل طبقًا للوائح وإرشادات السجن، في المخبز طوال السنوات الخمس الأخيرة من الحكم الصادر ضده بـ23 عامًا. يقول جوفاني: «لم أتذوق أبدًا كعكة الـ«بانيتوني» قبل دخولي إلى السجن، لكنني أحبها جداً وكل عام وقت أعياد الميلاد يكون لدي خمس أو ست كعكات أرسلها إلى أسرتي في صقلية».
كلمة «بانيتوني» مشتقة من «بانيتو»، أي كعكة الخبز الصغيرة، في حين يغير المقطع اللاحق «أوني» المعنى إلى «كعكة كبيرة». تعود وصفات مماثلة إلى زمن الإمبراطورية الرومانية عندما كان يتم استخدام عسل النحل لتحلية نوع من العجين المخمر. يرد ذكر الكعكة في كتاب للوصفات قام بارتولوميو سكابي، الذي كان طاهياً شخصياً للبابوات والملوك في زمن الإمبراطور الروماني المقدس تشارلز الخامس، بتأليفه في أوائل القرن السادس عشر، وأشار إليها بييترو فيري، باحث عاش في القرن الثامن عشر، في أحد مؤلفاته في البداية باسم «بان دي تون» (الخبز الفاخر). وتعد كعكة الـ«بانيتوني» المخبوزة جيداً مصدر فخر لمتاجر الحلوى الإيطالية، ويتناول الإيطاليون كل عام نحو تسعة ملايين ونصف المليون كعكة أكثرها تقريبًا في موسم الأعياد.
وتعد عملية خبز تلك الكعكات عملية دقيقة تتضمن الكثير من العجن، وتخميراً لمدة 72 ساعة، وبعد خبز الكعكات لمدة ساعة، يتم إخراجها من الفرن وتركها لتبرد وهي في وضع عكسي للحفاظ على شكلها المقبب والذي يعد سمة مميزة لها. سوف يخبز فريق «جوتو» أكثر من 80 ألف كعكة «بانيتوني» خلال موسم الأعياد الحالي.
تدير مجموعة «وورك كروسينغ كووبريتيف» غير الهادفة للربح برنامج الخبز الذي بدأ عام 2005، وتتولى المجموعة تشغيل برامج العمل داخل السجون في المنطقة. افتتحت المجموعة في بداية ديسمبر (كانون الأول) واجهة متجر لـ«باستيتشيريا جوتو» في مدينة بادوفا. تتسم منظومة السجون الإيطالية بالازدحام الشديد، ويبلغ متوسط العودة إلى الإجرام على المستوى القومي 70 في المائة بحسب وزارة العدل، حيث يعود أكثر السجناء إلى السجون مرة أخرى بأحكام أكبر من الأحكام التي صدرت بحقهم في المرة الأولى. مع ذلك انخفض المعدل إلى 5 في المائة في حالة السجناء الذين يعملون أثناء فترة سجنهم.
قال ماتيو ماركيتو، رئيس مجموعة «وورك كروسينغ كووبريتيف»، إن الدستور الإيطالي ينص صراحة على أن التعليم جزء من غاية الحكم بالسجن. وأضاف قائلاً: «يجب أن يكفر الحكم عن الجرم، لكن في الوقت ذاته لا بد أن يكون هناك طريق للتعافي، وإلا فستكون تلك السنوات موارد مهدرة».
يجب على السجناء قبل قبولهم في برنامج الخبز العمل مع اختصاصي نفسي لمدة ستة أشهر، وبمجرد قبولهم، يخضعون لفترة تدريب مدتها ستة أشهر قبل توظيفهم بشكل كامل. وطوال الستة أشهر اللاحقة يجنون 650 يورو (735 دولاراً) شهرياً، ثم تتم زيادة المبلغ إلى 800 يورو، وإلى ألف يورو في النهاية، ويواصل السجناء العمل مع اختصاصي نفسي خلال تلك العملية.
قال ماتيو كونكولاتو، طاهي حلوى يساعد في الإشراف على السجناء أثناء قيامهم بالخبز، إنه شاهد فوائد ومزايا البرنامج بنفسه، وأوضح قائلاً «من الأمور التي تبعث على الشعور بالرضا هو رؤية شخص ربما لم يعمل أبداً من قبل، ومسجون لسنوات، وهو يصبح شغوفاً بشكل تدريجي، ويتولد داخله إحساس بالمسؤولية عما يفعل، ويبدأ يثق في نفسه وفي الآخرين مرة أخرى».
- خدمة نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».