إضراب موظفي شركتي {الخلوي} يفاقم أزمة الاتصالات في لبنان

انقطاع في الخدمات... وسوق سوداء للبطاقات المسبقة الدفع

TT
20

إضراب موظفي شركتي {الخلوي} يفاقم أزمة الاتصالات في لبنان

تفاقمت أزمة الاتصالات في لبنان، إثر استمرار موظفي شركتي الاتصالات «ألفا» و«تاتش» بإضرابهم منذ الأسبوع الماضي، وظهرت تداعياته مع توقف خدمات الاتصال والإنترنت في أكثر من منطقة بعد إحجام الموظفين عن القيام بأعمال الصيانة.
وأكد نقيب موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة لقطاع الخلوي مارك عون لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا تراجع عن الإضراب من دون تنفيذ بنود العقد الجماعي الذي يحمي الموظف وحقوقه، ومن دون تقديم أي تنازلات»، مشدداً على أن «موظفي القطاع يتمسكون بحقوقهم ولن يساوموا عليها، لأن أي تراجع اليوم قد يؤدي إلى المزيد من قضم الحقوق».
كان وزير الاتصالات اللبناني جوني القرم، قد رفض أن يُحمل وِزر الإضراب بسبب إصرار الموظفين على الحصول على عقود تأمين صحي من الدرجة الأولى، مشيراً إلى أنها تكلف الوزارة ما يزيد عن 5 ملايين دولار نقداً، في حين أن اعتماد التأمين الصحي بدرجة ثانية، الذي يشمل دخول المستشفى والمعاينات الطبية والمخبرية والدواء مجاناً يوفر أكثر من مليون دولار نقداً على الوزارة.
ومنذ أكثر من عامين، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، أدت إلى انهيار العملة المحلية الليرة، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية. وفي موسم الصيف الماضي عانى قطاع الاتصالات انقطاعات في الإرسال بسبب عدم قدرة مولدات شركات الاتصالات على العمل لوقت طويل، في ظل انقطاع الكهرباء لوقت طويل.
وقال عون: «أحد بنود عقد العمل الجماعي تفيد بوجوب أن يحظى الموظف بتغطية صحية كاملة له ولعائلته درجة أولى، وأي تغيير يعد خرقاً للعقد الجماعي المتفق عليه، وهذا ما قلناه لوزير الاتصالات جوني القرم، الذي يريد أن يخفض درجة تأميناتنا الصحية»، ويضيف: «ليست القضية متعلقة بالتأمين الصحي فحسب، بل هي خوف على حقوقنا، ولذلك نتخوف من أن كسر أي بند من بنود العقد سينسحب على بنود أخرى».
ورداً على كلام الوزير عن أنه قد يعلن إفلاس شركتي الخلوي قبل شهر فبراير (شباط) المقبل، يرد بالقول: «إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فعلى المسؤولين تحمل مسؤولياتهم أمام الموظفين وإعلان هذا الموضوع».
وإذ يطالب أصحاب شركتي قطاع الخلوي بطمأنة الموظفين، يشير إلى أن أكثر من ألفي عائلة تعتاش من هذا القطاع، مستغرباً عدم صدور أي توضيح حتى الآن من إدارات الشركات.
وفي عام 2020 أعلن عن استرداد الدولة اللبنانية لكامل القطاع الخليوي الذي يفترض أن يؤمن مبالغ كبيرة لخزينة الدولة، باعتبار أن فاتورة الاتصالات في لبنان هي من الأعلى في العالم، إذ وصل متوسط معدل الإيرادات من كل مشترك في لبنان إلى 28.4 دولار. وبلغت عائدات الاتصالات، حسب موازنة عام 2019، ملياراً و253 مليون دولار.
وانقطعت اتصالات شركة «ألفا» في مناطق بالجنوب خلال الأسبوع الماضي، في حين أفيد عن انقطاع كامل في خدمتي التخابر الصوتي والإنترنت لدى مشتركي شركة «تاتش» في بيروت في اليومين الماضيين. ويحمل عون المسؤولية لمن تعاطوا مع إضرابهم بطريقة غير جدية، ويشير إلى أن «الاتصالات ما زالت جارية لإيجاد حلول من دون أن يتم خرق بنود العقد الجماعي، وهناك الكثير من الطروحات، والحل قد يكون في القريب العاجل».
ومع توقف موظفي شركتي الخلوي عن تسليم بطاقات الشحن المسبقة الدفع، برزت سوق سوداء جديدة، ويخبر جواد وهو صاحب محل هواتف في منطقة بيروت، «الشرق الأوسط»، أن «انقطاع البطاقات فتح الباب أمام التجار لبيعها بأسعار مضاعفة»، موضحاً أن كل متجر يبيع البطاقات بالسعر الذي يناسبه.
ويؤكد ارتفاع سعر بطاقة التشريج من 40 ألف ليرة لبنانية (حوالي دولار ونصف الدولار على سعر صرف السوق السوداء) إلى 100 ألف ليرة لبنانية (حوالي 4 دولارات) في بعض المناطق، كما يلفت إلى أن بعض المتاجر قاموا بتخزين بطاقات التعبئة المسبقة الدفع من أجل تحقيق أرباح مضاعفة تماماً، كما حصل في السابق مع تخزين السلع المدعومة وبيعها بعد رفع الدعم بأرباح خيالية.
وتمنع بعض المتاجر عن بيع الزبائن أكثر من بطاقة واحدة، مع العلم أن بعض المواطنين قاموا بتخزين البطاقات خوفاً من انقطاعها أو رفع أسعارها من السعر الرسمي (1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار) إلى سعر المنصة الذي بات يبلغ 8000 ليرة لبنانية مقابل الدولار.
وكان القرم قد أكد أن لا تغيير أو تعديل في أسعار بطاقات التشريج للخطوط المسبقة الدفع بكل فئاتها أو الخدمات الأخرى، وبالتالي لا داعي للتهافت على شرائها وتشريجها.



«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة للأسبوع السابع، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت إحدى الضربات عشرات القتلى والجرحى، بعد أن أصابت مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في صعدة.

وإذ يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بتشكيل تحالف دولي واسع مع قواته على الأرض لإنهاء تهديد الحوثيين للملاحة، استهدفت الحملة الأميركية، ليل الأحد وفجر الاثنين، مواقع مفترضة للجماعة في صنعاء وعمران والجوف وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر ببدء حملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار)، وتوعَّدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق الإعلام الحوثي، استهدفت ضربات أميركية مركز إيواء المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في مدينة صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي، وأدت إلى مقتل 68 شخصاً، وإصابة 47 آخرين، وفق حصيلة غير نهائية.

رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)
رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

ولم يعلق الجيش الأميركي على الواقعة التي جاءت بعد ساعات من استهداف موقع في منطقة ثقبان في مديرية بني الحارث شمال صنعاء، التي قال إعلام الحوثيين إنها أدت إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة آخرين بعد أن استهدفت 3 منازل.

ويُتهم الحوثيون على مدار سنوات الحرب التي أشعلوها بأنهم يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ويخبئون الأسلحة وسط الأحياء السكنية، وفق ما تقوله الحكومة الشرعية.

إضافة إلى ذلك، أقرت الجماعة بتلقي 4 غارات في مديرية برط العنان في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء)، كما أقرت بثلاث غارات ضربت مواقع في مديرية كتاف في صعدة، و6 غارات ضربت مواقع محصنة في منطقة الجبل الأسود، حيث مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء.

ولم يتطرق الحوثيون إلى تفاصيل عن طبيعة الأهداف المقصوفة، إلا أن مراقبين يتكهنون بأن الغارات واصلت ضرب المخابئ المحصنة للأسلحة ومراكز القيادة فضلاً عن أماكن اختباء المسؤولين عن إطلاق الصواريخ والمسيَّرات.

800 ضربة

وضمن البيانات النادرة التي يصدرها الجيش الأميركي منذ بدء حملة ترمب ضد الحوثيين، أفادت القيادة المركزية، الاثنين، بأن قواتها نفذت 800 ضربة ضد الحوثيين، وأنها تتحفظ على نشر تفاصيل عملياتها السابقة واللاحقة لأسباب تتعلق بالسرية.

ووفق البيان المنشور على منصة «إكس»، نفذت القوات الأميركية منذ منتصف مارس حملة مكثفة ومستمرة استهدفت تنظيم الحوثيين الإرهابي في اليمن، بهدف استعادة حرية الملاحة.

وتم تنفيذ هذه العمليات - وفق البيان - بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة وشاملة لضمان تأثيرات قاتلة ضد الحوثيين مع تقليل المخاطر على المدنيين إلى الحد الأدنى.

وللحفاظ على سرية العمليات، قالت القيادة المركزية الأميركية إنها تعمدت تقليص الكشف عن تفاصيل عملياتها الجارية أو المستقبلية. وأضافت: «نحن نتبع نهجاً مدروساً للغاية في عملياتنا، لكننا لن نكشف عن تفاصيل ما قمنا به أو ما سنقوم به لاحقاً».

وتعهد البيان الأميركي بمواصلة تصعيد الضغط، والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر ما داموا مستمرين في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ 800 ضربة من بدء العملية التي أُطْلِق عليها «الفارس الخشن».

وتسببت هذه الضربات - وفق البيان - في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيَّرة. كما دمرت الضربات منشآت عدة للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

وكانت هذه المستودعات - كما جاء في البيان - تحتوي على أسلحة تقليدية متطورة، بما في ذلك صواريخ باليستية وصواريخ «كروز» مضادة للسفن، وأنظمة جوية مسيّرة، وزوارق سطحية مسيّرة، استُخدمت في هجمات الحوثيين الإرهابية على الممرات البحرية الدولية.

وعلى الرغم من استمرار الهجمات الحوثية، فإن البيان قال إن عمليات الجيش الأميركي أضعفت وتيرة وفاعلية هجمات الجماعة، إذ انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية بنسبة 69 في المائة، كما انخفضت هجمات الطائرات الانتحارية من دون طيار بنسبة 55 في المائة.

وأشار البيان الأميركي إلى تدمير قدرة ميناء رأس عيسى على استقبال الوقود، وقال إن ذلك سيؤثر في قدرة الحوثيين ليس فقط في تنفيذ العمليات العسكرية، بل أيضاً على جمع ملايين الدولارات لتمويل أنشطتهم الإرهابية.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أن عملياتها ضد الحوثيين نُفذت بواسطة مجموعة كبيرة من القوات، بما في ذلك مجموعتا حاملة الطائرات «هاري إس ترومان» و«كارل فينسون».

واتهم الجيش الأميركي إيران بمواصلة تقديم الدعم للحوثيين، وقال: «لا يمكن للحوثيين مواصلة هجماتهم ضد قواتنا لولا دعم النظام الإيراني لهم». وأكد أنه سيواصل «تصعيد الضغط» حتى تحقيق الهدف، وهو استعادة حرية الملاحة، وتعزيز الردع الأميركي في المنطقة».

تحالف دولي يمني

وفي اتجاه متصل بموقف مجلس القيادة الرئاسي اليمني، التقى رئيس المجلس رشاد العليمي السفير الأميركي لدى بلاده ستيفن فاغن، ونقل الإعلام الرسمي أن اللقاء تَطَرَّق للجهود الجارية لحماية الممرات المائية، «وردع هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية، وسفن الشحن البحري».

ووفق وكالة «سبأ» الحكومية، جدد العليمي تأكيد الحاجة الملحة إلى شراكة استراتيجية إقليمية ودولية مع الحكومة اليمنية لتأمين الممرات المائية، ومواجهة التحديات المشتركة على جميع المستويات.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)

واعترف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من حملة ترمب، لكنه زعم أن الضربات لم تؤثر في قدرات جماعته العسكرية، بخلاف تقارير أميركية تحدثت عن مقتل المئات، وتدمير مستودعات أسلحة محصنة وثكنات.

وأطلق الحوثيون 16 صاروخاً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون تأثير عسكري إلى جانب إطلاق عدد من المسيَّرات.

وكانت الجماعة منذ أن انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيَّرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتها البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.