معرض جديد لـ«أسماك القرش» في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي

يطرحها بصورة الأبطال

نموذج بالحجم الطبيعي لرأس «ميغالودون» مفترس عملاق من عصور ما قبل التاريخ (نيويورك تايمز)
نموذج بالحجم الطبيعي لرأس «ميغالودون» مفترس عملاق من عصور ما قبل التاريخ (نيويورك تايمز)
TT

معرض جديد لـ«أسماك القرش» في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي

نموذج بالحجم الطبيعي لرأس «ميغالودون» مفترس عملاق من عصور ما قبل التاريخ (نيويورك تايمز)
نموذج بالحجم الطبيعي لرأس «ميغالودون» مفترس عملاق من عصور ما قبل التاريخ (نيويورك تايمز)

يمكن أن تصف الأمر بأنه سوء فهم، ومع ذلك يبقى تأثيره هائلاً وعلى مساحة واسعة.
وأشير هنا إلى مشاعر الفزع والرعب التي تثيرها أسماك القرش في النفوس، والتي تبعاً لما ذكره المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي، تنبع إلى حد كبير من الجهل، وكذلك مما سمَّاه المتحف: «مائة عام من الضجيج».
ورغم كل الضجيج الذي أحدثته سلسلة أفلام «الفك المفترس»، فإن هجمات أسماك القرش نادرة، وغالباً ما تحدث عندما تخطئ السمكة، وتظن أن شخصاً ما ليس سوى وجبة لذيذة المذاق. ويكشف معرض جديد يستضيفه متحف مانهاتن معلومات حول هذه المخلوقات الاستثنائية، ويحمل رسالة موجزة مفادها أن «أسماك القرش لا تشتهيك كما تتصور».
في المقابل، فإن معرض «أسماك القرش»، المقام على مساحة 8500 قدم مربعة، والذي فتح أبوابه الأربعاء الماضي، بنماذج بالحجم الطبيعي، وتفاعلات من دون استخدام اليدين، ولقطات مذهلة، وتحذيرات واقعية بشأن الانقراض، يطرح عديدًا من الأسباب التي تدفعك للاهتمام؛ بل والوقوع في غرام أسماك القرش.
في هذا الصدد، قالت لوري هالديرمان، نائبة رئيس المتحف لشؤون المعارض: «أردنا عرض أناقة وجمال وروعة أسماك القرش، ومحو مشاعر الخوف تجاهها»؛ لكنها استطردت: «رغم ذلك، نلعب بعامل الخوف قليلاً».
بالتأكيد، هم يلعبون بعامل الخوف بالفعل. فمن بين العناصر اللافتة في المعرض الذي يسيطر عليه شعور بالغموض، ويبدو كأنه كهف غامض تحت الماء، نموذج للجزء العلوي العملاق من «ميغالودون»، وهي سمكة قرش قديمة يشار إليها في الغالب باسم «ديناصور البحر». (وإن كانت قوة عضتها التي تصل إلى 41 ألف رطل، أسوأ بكثير). يبلغ طول هذا المفترس الضخم حوالي 50 قدماً، وقد انقرض منذ حوالي 3.6 مليون سنة، باستثناء داخل هوليوود التي أحيته من جديد من أجل فيلم الإثارة الرخيصة الصادر عام 2018، بعنوان «ذي ميغ».
مع فكيها المتسعين، يأتي عرض «ميغالودون» داخل المعرض بمثابة نوع من الترحيب المبتهج للم شمل الأسرة، ليس فقط لأسماك القرش، ولكن كذلك لأقاربها المقربين: أسماك الزلاجا والكمايرات والراي. وتتميز جميع هذه الأسماك بهياكل عظمية مميزة مصنوعة من الغضاريف المغطاة بطبقة أشبه بالصخر الصلب، ما يشكل مزيجاً أكثر مرونة من العظام. كما أن لهذه الأسماك أسلافاً تطورت منذ 450 مليون سنة، قبل فترة طويلة من الديناصورات المنكوبة.
من جهته، قال جون سباركس، أمين قسم علوم الأسماك في المتحف، الذي يعنى بدراسة الأسماك: «أردنا استعراض تطور أسماك القرش؛ لأنه لم يسبق لأحد الاضطلاع بذلك على نحو شامل». وبالاعتماد على العمل الذي أنجزه جون مايسي، الأمين الفخري للمتحف، يتتبع معرض «أسماك القرش»، سلسلة النسب تلك مع الحفريات، بما في ذلك جزء من الهليكوبريون (السمكة لولبية الأسنان)، وهي نوع منقرض من عصور ما قبل التاريخ جرى ترتيب أسنانها لولبية الشكل بشكل مثير للفضول في شكل دوامة.
ومن المقرر أن يقيم المتحف في تمام العاشرة صباح السبت، برنامج «العالم موجود: أسماك القرش القديمة»، برنامج عائلي افتراضي مجاني، يبحث في هذه السلالة من الأسماك.
من ناحية أخرى، تتميز أسماك القرش بأكثر من 25 نموذجاً تفصيلياً آخر، بدءاً من سمكة القرش القزم التي تعد أصغر من يد الإنسان، إلى قرش الحوت الذي يبلغ طوله 65 قدماً، والذي رغم شكله المرعب، يقتات فقط على كائنات صغيرة، مثل العوالق والكريل.
وتساءل سباركس الذي تولى تنظيم المعرض: «كيف نجت أسماك القرش خلال كل أحداث الانقراض السابقة؟ حسناً، من المحتمل أن يكون ذلك بفضل التنوع الذي تراه هنا».
ويعني هذا التنوع توفر قدرات متباينة تفوق تلك الموجودة لدى أفراد فريق «مارفيل» للأبطال الخارقين. على سبيل المثال، يحتوي قرش غرينلاند الذي يزيد عمره عن 500 عام، على مادة كيميائية مضادة للتجمد. أما القرش المنتفخ، وهو من الأنواع الفلورية، فلديه مناطق جلدية تتوهج باللون الأخضر في ضوء الشمس. يمكن لسمك القرش الدراس أن يقتل فريسته بضربة تقدر سرعتها بـ80 ميلاً في الساعة من ذيله. في الواقع، تتميز جميع الأنواع وتشترك في شيء يجعلها تبدو كما لو أنها خرجت من رواية «هاري بوتر»: «مصابيح لورنزيني»، وهي المستقبلات التي تستجيب للمجالات الكهربائية التي تولدها جميع الحيوانات.
وعن هذه المستقبلات، قال سباركس: «بإمكانها رصد الإشارات الكهربائية الضعيفة للغاية، ما يساعد أسماك القرش في العثور على الفرائس المدفونة».
ويستكشف المعرض هذه السمات من خلال المعروضات الرقمية التفاعلية التي لا تُلمس تماماً، استجابة لإجراءات الوقاية من فيروس «كوفيد-19». وبمجرد التلويح بيدك فوق المجسات، المكافئة التكنولوجية لمصابيح لورنزيني، يمكنك ممارسة الألعاب، مثل إقران أسماك القرش المختلفة بموائلها، أو مطابقة الحيوانات البرية مع أنواع أسماك القرش التي تستخدم أساليب الدفاع نفسها.
داخل المعرض، ستجد جواهر سينمائية كذلك، بالإضافة إلى شاشة بحجم الجدار تعرض لقطات متواصلة من «أسبوع القرش»، عبر قناة «ديسكفري». يحتوي المعرض على عديد من المقاطع لسلوك القرش الاستثنائي. وخلال تجولي فيه، شاهدت سمكة قرش تدفع فجأة فكها المقلاع بسرعة 10 أقدام في الثانية لالتقاط الفريسة، وأسماك القرش الدوارة تؤدي رقصة باليه مميتة، فعند دخولها إلى حلقة من الأسماك الصغيرة، تدور بأقصى سرعة، وتعض باستمرار أثناء الدوران.
والمثير أن المعرض يسمح للزوار بتقليد سمكة قرش. تتيح لك واحدة من السمات التفاعلية التي تبدو جذابة للأطفال على وجه الخصوص، تبنِّي منظور رأس المطرقة أثناء الصيد على طول قاع المحيط. وفي محطتين، يمكنك النظر إلى شاشة لرؤية رأسك مستبدلاً به رأس أحد أنواع القرش الموجودة في المعرض.
وقالت هالديرمان عن المعرض: «إنه ممتع. من ناحية أخرى، رغم ذلك، من المثير للاهتمام محاولة بناء التعاطف مع أسماك القرش».
والآن، لماذا قد تحتاج أسماك القرش إلى تعاطفنا؟ لأنها تبدو عاجزة إلى حد كبير في مواجهة الكائنات المفترسة الأكثر قسوة. تشير التقديرات إلى أن الأعمال البشرية، مثل الصيد الجائر وتدمير الموائل وصيد الأسماك بشباك الجر (ممارسة غير مستدامة تصطاد عن غير قصد عديداً من الكائنات البحرية الأخرى)، تقتل أكثر من 100 مليون سمكة قرش كل عام. (حوالي ثلث جميع الأنواع مهدد الآن بالانقراض) وعلى النقيض من ذلك، تقتل أسماك القرش في المقابل حوالي 10 أشخاص فقط سنوياً.
وعن أسماك القرش، قال سباركس: «هذه مجموعة مذهلة من الكائنات الحية كانت موجودة منذ وقت طويل، وفقدانها سيكون أمراً مدمراً».
* خدمة: نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)

هيكل عظمي لـ5 أشخاص تفصل بينهم آلاف السنوات

حلَّ علماء آثار لغز هيكل عظمي غريب من بلجيكا يتكوّن من عظام 5 أشخاص عاشوا قبل 2500 عام متفرِّقين... فكيف التقت هذه المجموعة المختلطة من العظام في هيكل واحد؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تهدف ندوة العلا العالمية إلى استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، وتأمل السرديات حول القصص المتعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات.

عمر البدوي (العلا)
ثقافة وفنون الحقد الاسرائيلي على صور لم ينحصر بحدود حاضرها الراهن (أ.ف.ب)

صُور مدينة الأرجوان والأساطير والمرايا العصية على الانكسار

لأسابيع خلت ظلت مدينة صور أقرب مدن الجنوب اللبناني إلى فلسطين، تعج بعشرات الآلاف من أبنائها المقيمين،

شوقي بزيع

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».