«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

إطلاق جائزة عالمية للشباب في عام 2025

تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)
تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)
TT

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)
تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

انطلقت في العلا الندوة العالمية للآثار، التي ستشهد على مدى يومين نقاشات تجمع أكاديميين وباحثين في علم الآثار؛ تهدف إلى زيادة فرص استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، إضافة إلى تأمل سرديات اتصلت بقصص متعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات، وصور الصمود والتكيف والتبادل الثقافي التي جرت عبر العصور.

وتحتضن منطقة العلا الندوة بموضوعها عن التنقل، ومن موقعها التاريخي ملتقى التبادل التجاري واللغات والأفكار والعادات، وقد بقيت آثار ذلك حاضرة في أجزاء متفرقة من منطقة العلا من خلال السجلات الأثرية أو طبيعة الأرض أو القصص التي تلاها الناس وانتقلت عبر العصور.

وقال الدكتور عبد الرحمن السحيباني، نائب الرئيس للثقافة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، إن الندوة تسعى إلى تعزيز العمل المشترك الذي يفعّل كل المجالات، وتعميق نهج متعدد التخصصات، بدلالات بعيدة تتجاوز علم الآثار، آملاً أنه من خلال هذا الطرح المشترك أن تتسع فكرة استلهام الماضي لتوجيه الحاضر والمستقبل، وتعزيز الالتزام المشترك لحماية التراث الثقافي في مختلف أنحاء العالم.

تستمر جلسات الندوة ليومين في مختلف الاهتمامات (هيئة العلا)

وقال السحيباني، خلال كلمته في افتتاح الندوة: «نأمل أن تفتح هذه الندوة حوارات ملموسة وتبادلاً واسعاً للخبرات والمعلومات بما يعزز الفهم عن التجارب المتنوعة التي شكّلها مفهوم التنقل، واستكشاف التفاعلات الحيوية للمجتمعات، وتعزيز التواصل بين الأوساط الأكاديمية والفهم العام للتحديات وقصص النجاح، في ظل حضور كثير من المشاركين والمتحدثين القادمين من أكثر من 30 دولة من حول العالم».

وأشار السحيباني إلى أن تعزيز الثقافة يعد جزءاً رئيسياً من «رؤية السعودية 2030»، كما يلعب دوراً محورياً في الارتقاء بجودة حياة المجتمع، مع ضرورة التركيز على توسيع نطاق النشاط الثقافي وزيادته، مؤكداً أن العلا تساهم بدور مميز في هذا السياق، فهي تحتضن «الحجر» أول موقع للتراث العالمي في السعودية تم تسجيله عام 2008، وتعد من أهم المراكز العالمية للتبادل الثقافي، ووجهة مهمة للبحث الأكاديمي والحراك الثقافي، وقصة ملهمة للإرث الإنساني المشترك.

وأعلن السحيباني عن إطلاق جائزة عالمية للشباب المتخصص في قطاع الآثار خلال العام المقبل، وقال: «من أجل دعم الباحثين الشباب والدارسين الجدد، والمساهمة في تكوين جيل جديد، يرث الرواد في علم الآثار، وتعزيز قدرتهم على فهم تعقيدات الماضي والتعامل مع تحديات العصر، ستنطلق جائزة التميز للشباب العاملين في قطاع الآثار في عام 2025، سعياً لتكريم الشباب المميزين في هذا المجال الحيوي».

السحيباني أعلن عن جائزة للشباب في مجال الآثار تنطلق عام 2025 (هيئة العلا)

الصحراء وطن

وأَثْرت ندوة العلا العالمية للآثار النقاشات حول أثر التنقل في حياة المجتمعات، واستلهم الباحثون المشاركون في جلسات اليوم الأول تجارب الأمم والشعوب، وهي تنتقل من موقع لآخر لاختبار تجربة حياة جديدة ومزدهرة.

وأوضحت البروفيسور ويليك ويندريتش، أستاذة التراث الثقافي والعلوم الإنسانية الرقمية والباحثة في قسم لغات وثقافات الشرق الأدنى بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، أن المفهوم الذاتي للتنقل يؤثر في تصميم شكل الاستجابة والترحال، وقالت بعد مشوار علمي قضته من خلال كثير من المشروعات العلمية في مصر واليمن وإثيوبيا، إن الصحراء وطن لأهلها، وإن التنقل والترحال في كنفها يتطلب إدراك المخاطر والفرص بعين ابن الصحراء.

وقدّمت ويندريتش خلاصة تجربتها ونتائج عملها العلمي الذي أنجزته قبل عقدين للبحث في طبيعة المجتمعات المتنقلة في منطقة صحراوية مصرية، وشاركت حضور الجلسة مجموعة من القطع التي اعتمد عليها مجتمع المنطقة في رحلته المستمرة للتنقل، وأشارت إلى أن المرأة لها وظائف محددة في حياة التنقل، مثل بناء البيوت الطارئة، وإعداد القهوة بأدوات تقليدية مرنة، وأكدت أن كثيراً من بيئات العيش للمجتمعات المتنقلة لا توصف بنفس المفردات التي تنطبق على المجتمعات المستقرة، لأنها لا تتمتع بتفاصيل الاستقرار والمكث في المكان لأوقات طويلة.

وبعد 23 عاماً، عادت الباحثة إلى ذات المكان الذي درسته، ولاحظت ما طرأ عليه من تحولات كثيرة، مثل استخدام السيارات بدلاً عن قوافل الجمال في التنقل، وشراء أدوات التدفئة والملابس بدلاً عن نسجها بشكل يدوي قديماً، وقالت إن ذاكرة المجتمع القديم بشأن حياة التنقل تقلصت كثيراً، وانعكس ذلك على تفاصيلها اليومية.

شارك الباحثون نتائج دراساتهم في كثير من التجارب البشرية (هيئة العلا)

الرعي نظام اقتصاد أخضر

وخلال جلسة بعنوان «المجتمعات في حالة تنقل... مسارات طويلة الأمد وتحديات جديدة»، شرح الدكتور ستيفانو بياجيتي، الأستاذ الباحث في علم الآثار بجامعة بومبيو فابرا في برشلونة، رؤية مختلفة عن نشاط الرعي لدى المجتمعات المتنقلة، وقال إنه تأكد لدى الباحثين أن الرعي يمكن وصفه بنظام اقتصاد أخضر، بعد عقود من اللوم بشأنه واتهامه كسبب لإيذاء البيئة والطبيعة.

وقدّم الدكتور بياجيتي، المتخصص في دراسة المجتمعات الرعوية والتكيف البشري في البيئات القاحلة، ورائد منهجية مبتكرة لدراسة المواقع الأثرية الخاصة بالمجتمعات الرعوية، ورقة علمية لافتة عن دراسته في صحراء ليبيا، حيث درس الباحث حالة أسرة رعوية مكونة من 5 أفراد، وركّز على ما يتركه كل نشاط بشري من آثار كيميائية، ناتجة عن أنشطة الرعي والطبخ والبناء وكل تفاصيل الحياة اليومية.

وقال بياجيتي إن الرعاة يستخدمون بيوتاً مصنوعة من مواد خاضعة لطبيعة وآلية الانتقال، ومن خلال جمع عينات من مستوطنات لمجتمعات رعوية، ساعدت التقنيات الحديثة في الوصول إلى بيانات وصناعة خرائط متعلقة بتواقيت الارتحال وطبيعة الأنشطة وآثارها الكيميائية على الأرض.

مشاركون ومتحدثون قدموا من أكثر من 30 دولة حول العالم (هيئة العلا)

وتستمر أعمال «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» لبحث آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل، يومي 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بمشاركة علماء آثار وتراث ثقافي دوليين.

وتوفّر كلّ من «قمّة» و«ندوة» العلا العالمية للآثار فرصة للقاء الخبراء والمختصين والباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، وطرح الرؤى المعمّقة في مجالات عدة، تتعلّق بتطوير وإدارة المواقع ذات الأهمية الأثرية والدلالات التاريخية.


مقالات ذات صلة

السعودية تحقق «رؤية 2030» بالوصول إلى مليون متطوع

يوميات الشرق وصول عدد المتطوعين في السعودية إلى مليون متطوع قبل حلول عام 2030 بست سنوات (العمل التطوعي)

السعودية تحقق «رؤية 2030» بالوصول إلى مليون متطوع

أعلن المهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وصول عدد المتطوعين إلى مليون متطوع قبل حلول عام 2030 بست سنوات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من اجتماع أعضاء مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض (واس)

اعتماد مسودة لائحة صندوق دعم الإعلاميين في السعودية

اعتمد مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين مسودة لائحة صندوق دعم الإعلاميين التي تهدف إلى تعزيز الوقوف مع زملاء المهنة، وتقديم خدمات متنوعة لهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال مدينة جدة السعودية

مجموعة محمد يوسف ناغي تعلن تأسيس شركة «جياد العالمية القابضة»

مجموعة محمد يوسف ناغي تعلن تأسيس شركة «جياد العالمية القابضة» بهدف تنمية وتطوير محفظة استثمارات المجموعة المتنوعة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد يعد البحر الأحمر إحدى أكثر مناطق المملكة تميزاً وتنوعاً بيولوجياً (شركة البحر الأحمر)

ولي العهد السعودي يطلق استراتيجية لاستدامة البحر الأحمر

أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، بهدف حماية.

بندر مسلم (الرياض)

أجواء احتفالية تدشن انطلاقة مهرجان البحر الأحمر في جدة التاريخية

النجمة إيفا لونغوريا مع الجمهور على السجادة الحمراء (غيتي)
النجمة إيفا لونغوريا مع الجمهور على السجادة الحمراء (غيتي)
TT

أجواء احتفالية تدشن انطلاقة مهرجان البحر الأحمر في جدة التاريخية

النجمة إيفا لونغوريا مع الجمهور على السجادة الحمراء (غيتي)
النجمة إيفا لونغوريا مع الجمهور على السجادة الحمراء (غيتي)

وسط أجواء احتفالية ساحرة، انطلقت أعمال الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في «ميدان الثقافة»، البوابة التي تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية، المدرجة ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، وسط حضور عربي وعالمي لأبرز نجوم وصُنَّاع السينما في العالم، الذين عبروا من خلال السجادة الحمراء (ريد كاربت) لفعاليات المهرجان الدولي.

وعاد المهرجان تحت شعار «للسينما بيت جديد»، إلى المنطقة العريقة في جدة التاريخية، التي احتضنت دورته الأولى، ليؤكد التزامه بإحياء التراث الثقافي، وتعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافياً وفنياً عالمياً.

نجوم عالميون وعرب

تضمَّنت ليلة الافتتاح تكريم عدد من أبرز نجوم السينما العالمية والعربية؛ تقديراً لمسيرتهم الفنية المميزة. وشمل التكريم النجم الهندي الشهير عامر خان، المعروف بأفلامه المؤثرة مثل «دانجال»، والمرشحة لجائزة الأوسكار إيميلي بلانت، بطلة فيلم «أوبنهايمر».

منى زكي وأحمد حلمي (تصوير: بشير صالح)

كما تمَّ تكريم النجمة المصرية منى زكي، التي حازت عدداً من الجوائز، عن أعمالها المتميزة، مثل فيلم «رحلة 404»، ومسلسل «أبشر: السرب»؛ تقديراً لإسهاماتها البارزة في السينما المصرية والعربية، وسط حضور كثير من النجوم من الوطن العربي والعالم، أبرزهم فان ديزل، وويل سميث، وسبايك لي، وعابد فهد، وعامر خان، وكارينا كابول، ويسرا، وإلهام شاهين، ولبلبة.

وأعلن المهرجان، الذي يقام في الفترة من 5 إلى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تكريماً خاصاً للممثلة الأميركية الحائزة جائزة الأوسكار فيولا ديفيس، الشريكة المؤسسة لشركة «JVL Media»، وذلك خلال حفل توزيع الجوائز في 12 ديسمبر الحالي.

وتُعرف ديفيس بأدوارها المؤثرة في أفلام، مثل «المرأة الملك» و«الأسوار»، وتعدّ من الشخصيات الأكثر تأثيراً في صناعة السينما العالمية.

«ضي» رحلة أمل وصمود

شهد حفل الافتتاح عرض الفيلم المصري «ضي»، الذي يروي قصة طفل نوبي ألبينو، يبلغ من العمر 14 عاماً، يتمتع بصوت استثنائي.

ويواجه «ضي» تحديات كبيرة؛ بسبب مظهره الفريد، ويتعرَّض للتنمر والتخلي، لكنه يظل متمسكاً بحلمه في أن يصبح مثل مثله الأعلى، الفنان محمد منير، حيث ينطلق في رحلة محفوفة بالمخاطر من أسوان إلى القاهرة للمشاركة في برنامج «ذا فويس»، برفقة عائلته، حيث يواجهون تحديات متعددة، من فقدان المال إلى مطاردات الشرطة. الفيلم يسلط الضوء على قضايا التمييز والصمود، ويعكس قوة الموسيقى بوصفها أداةً للتحول والتعبير عن الذات.

ميدان الثقافة

يُقام المهرجان هذا العام في «ميدان الثقافة»، الموقع الجديد والدائم لفعالياته، الذي يُعدّ معلماً ثقافياً بارزاً في جدة التاريخية. يمتد الميدان على ضفاف «بحيرة الأربعين»، ويضم مركزاً للفنون المسرحية والسينما بمساحة 16 ألف متر مربع. يضم المركز قاعة مسرح رئيسية بسعة 868 مقعداً، و5 قاعات سينما، إضافة إلى متحف «تيم لاب بلا حدود» الذي يجمع بين الفنون والتكنولوجيا.

يأتي مشروع «ميدان الثقافة» في إطار جهود برنامج جدة التاريخية، التابع لوزارة الثقافة؛ بهدف إعادة إحياء المنطقة، وتعزيز مكانتها بوصفها وجهةً ثقافيةً عالميةً، تماشياً مع «رؤية السعودية 2030».

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي والمنتج محمد التركي (غيتي)

وبهذا الافتتاح المبهر، يؤكد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي التزامه بإبراز التراث السينمائي العربي والعالمي، وتعزيز الثقافة والفنون من خلال تكريم الشخصيات المؤثرة، وعرض أفلام تحمل رسائل إنسانية ملهمة. يواصل المهرجان مهمته في جعل جدة التاريخية مركزاً عالمياً للفن السابع، يربط بين الماضي العريق، والمستقبل الواعد.

الفنان التونسي ظافر العابدين (غيتي)

وشهدت المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية) توافد كثير من نجوم السينما على الساحتين العربية والعالمية، خلال اليومين الماضيين، في الوقت الذي يتواصل فيه قدوم النجوم للمشارَكة في المهرجان السينمائي، الذي بات من أكبر المحافل السينمائية في العالم، وأطلقت وزارة الداخلية السعودية، ممثلة بالمديرية العامة للجوازات، بالتعاون مع وزارة الثقافة، ختماً خاصاً بالمهرجان، وسيُتاح الختم للمسافرين عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة خلال فترة إقامة المهرجان.