جزيء يحفز نمو النباتات ويحد من انتشار آفات الأرز

يمكن لمركّب الـ«زاكسينون» ومقلّدات الـ«زاكسينون» الحد من انتشار آفة «الحشيشة الساحرة» أرجوانية اللون
يمكن لمركّب الـ«زاكسينون» ومقلّدات الـ«زاكسينون» الحد من انتشار آفة «الحشيشة الساحرة» أرجوانية اللون
TT

جزيء يحفز نمو النباتات ويحد من انتشار آفات الأرز

يمكن لمركّب الـ«زاكسينون» ومقلّدات الـ«زاكسينون» الحد من انتشار آفة «الحشيشة الساحرة» أرجوانية اللون
يمكن لمركّب الـ«زاكسينون» ومقلّدات الـ«زاكسينون» الحد من انتشار آفة «الحشيشة الساحرة» أرجوانية اللون

نجح فريق دولي بقيادة «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)» و«جامعة طوكيو»، في تصميم وتصنيع جزيء يحاكي نشاط الـ«زاكسينون»، وهو مركب أيضي طبيعي يحفز النمو في النباتات. وقد تُستخدم محاكاة هذا الجزيء في تطبيقات واسعة النطاق في علوم الأحياء النباتية والزراعة.
يذكر أن النباتات تقوم بإنتاج مجموعة واسعة جداً من المركبات العضوية التي تعرف بمصطلح «مركبات الأيض الأولي» و«الثانوي». وعملية الأيض هي مجموع كل التفاعلات الكيميائية الحيوية التي يقوم بها كائن حي اعتماداً على الأصل والوظيفة. وتسهم «مركبات الأيض الأولى» بشكل مباشر في عمليات النمو والتطور والتكاثر الطبيعي لأعضاء وخلايا النبات؛ حيث يجري إنتاجها بشكل مستمر خلال مرحلة النمو، وتشارك في عمليات التمثيل الغذائي الأولية مثل التنفس والتمثيل الضوئي. أما «مركبات الأيض الثانوي» فهي مركبات نباتية ذات طبيعة كيميائية معقدة، وهي ليست ضرورية للحفاظ على حياة الخلايا، وتنتج انطلاقاً من «مركبات الأيض الأولي» وتساعد النبات على التكيف مع محيطه الخارجي.
يقول جيان يو وانغ، طالب الدكتوراه الذي يعمل تحت إشراف أستاذ علم النباتات في «كاوست»، البروفسور سالم البابلي: «ركّزنا على الـ(زاكسينون) في دراسة سابقة، ووجدنا أنه يحفز نمو نباتات الأرز، ويبدو أنه يحد من انتشار آفة النبات الطفيلي (ستريجا) Striga (تُعرف باسم الحشيشة الساحرة)». وتعدّ «ستريجا» جنساً من النباتات الطفيلية، وقد تُسبب خسائر كبيرة في محاصيل الحبوب، خصوصاً الأرز. ويضيف وانغ: «ربما يُغرينا القول إننا سنتمكّن من جمع الـ(زاكسينون) من النباتات ودراسة نشاطه واستخدامه في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية. لكن الأمر ليس بهذه البساطة».
تُنتج الكائنات الحية مركّبات أيضية تنظّم عملية النمو، مثل الـ«زاكسينون»، بتركيزات منخفضة جداً، وغالباً ما تكون هذه الجزيئات قصيرة العمر وغير مستقرّة. وقد أدرك الفريق أن الاستفادة الكاملة من هذا الاكتشاف تستلزم تصميم جزيء يحاكي وظيفة الـ«زاكسينون»، بدلاً من استخدام المركّب الأيضي نفسه.
يقول وانغ: «في البداية؛ حددنا الأجزاء التي تؤدي دوراً محورياً في نشاط الـ(زاكسينون)، والأجزاء الأخرى التي يمكن استبدالها أو تعديلها. وقد ساعدتنا هذه النتائج على تصميم مجموعة من مقلّدات الـ(زاكسينون) سهلة التصنيع وتُسمى (MiZax)».
اختبر الفريق جزيئات «MiZax» عن طريق إضافتها إلى التربة وقياس قدرتها على تحسين نمو الجذور والحدّ من انتشار آفة «ستريجا» في نبات الأرز. وقد أثبت نوعان من هذه الجزيئات؛ هما: «MiZax3» و«MiZax5» درجة كبيرة من الفاعلية؛ بل وتفوّق «MiZax3» في الأداء على الـ«زاكسينون» نفسه. ويقول وانج: «أدهشنا نشاط (MiZax3) واستقراره، حتى عند استخدامه بتركيزات منخفضة للغاية.
ويُذكر أننا لا نزال نجهل كيفية عمل الـ(زاكسينون) تحديداً، وسوف تساعدنا جزيئات (MiZax3) على دراسة الآلية وراء نشاط الـ(زاكسينون) وكيفية تغييره أنماط الهرمونات وعملية الأيض في النباتات».
ويعلق البابلي: «سنُجري اختبارات ميدانية واختبارات سلامة مُحكمة لتقييم فاعلية (MiZax) على الحبوب والمحاصيل البستانية في الصوبات الزراعية والمزارع البحثية في المملكة. وسوف تساعد هذه الجزيئات على تحسين فهمنا لتطور ونمو ودراسة التفاعلات الحيوية للحبوب، خصوصاً الأرز».
ومن المقرر أيضاً أن يستخدم البابلي جزيئات «MiZax» في مشروع أكبر يُشرف عليه وتموّله مؤسسة «بيل وميليندا غيتس» الخيرية، بهدف مكافحة آفة «ستريجا» في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً