قبل أقل من 8 ساعات من مباراة برشلونة وبايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا، خرج رئيس برشلونة، خوان لابورتا، من كاتدرائية ميونيخ، وقال وهو يتجه إلى مطعم كافير، بينما تتساقط الثلوج: «يتعين علينا أن نتحلى بالثقة»... لكن يبدو أن الثقة وحدها لا تكفي! لقد طلب رئيس برشلونة من لاعبيه إظهار «الفخر» و«الكرامة»، و«إثبات من هم»... لكن اتضح أنهم مجرد فريق لم يعد قادراً على المنافسة مع أفضل الأندية الأخرى.
واعترف المدير الفني للنادي الإسباني، تشافي هيرنانديز، بعد الخسارة أمام بايرن ميونيخ بثلاثية نظيفة، والخروج من دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا: «هذا هو واقعنا، وهذا هو ما يثير استيائي حقاً».
ربما كان هذا هو الحال في برشلونة منذ فترة، وبالتالي تبدو هذه الكلمات مألوفة. وفي كل مرة تعتقد فيها أن هذه هي الحلقة الأخيرة للفشل والإحباط، تظهر حلقات أخرى، ويتجه الفريق إلى مزيد من السقوط والانهيار. لقد أشار المدير الفني السابق إرنستو فالفيردي إلى كيفية «عودة كارثة العام السابق» على ملعب «آنفيلد» في عام 2019. كما أن خروج برشلونة 5 سنوات من دوري أبطال أوروبا يعكس الكيفية التي يتراجع بها الفريق؛ خسر برشلونة صفر - 3 في تورينو، و3 - صفر في روما، و4 - صفر في ليفربول، و8 - 2 أمام بايرن ميونيخ، و4 - 1 أمام باريس سان جيرمان.
لكن في كل هذه المرات لم يكن الانهيار لحظياً، ولم يكن انهياراً تاماً، لأنه في كل مرة كان هناك أمل أمام الفريق للعودة إلى المسار الصحيح. ومع ذلك، كان هذا الانهيار «مؤلماً»، كما قال سيرخيو بوسكيتس. ووصف رونالد أراخو ما حدث بأنه «مؤسف»، مشيراً إلى أن هذا قد يكون أسوأ خروج للفريق من دوري أبطال أوروبا، وقد يكون النقطة الأخيرة في تراجع لا هوادة فيه. وبالفعل، يمكن القول إن هذا هو أسوأ خروج لبرشلونة، والنادي يعرف ذلك الأمر جيداً، وهو ما يعد على الأقل الخطوة الأولى، لكن لا يزال هناك كثير من الخطوات الأخرى التي يجب على الفريق اتخاذها إذا كان يرغب في العودة إلى مكانته السابقة.
ولأول مرة منذ 20 عاماً، لم ينجح برشلونة في تجاوز دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا. لقد خسر الفريق مرتين أمام بايرن ميونيخ، وفي كل مرة بنتيجة 3 أهداف دون ردّ. وقال المدير الفني للعملاق البافاري، جوليان ناغيلسمان: «لو ضغطنا، كان بإمكاننا تسجيل مزيد من الأهداف». وقال ليروي ساني: «لقد كان الأمر ممتعاً»، في تصريح يبدو أنه يقول الكثير والكثير عما حدث خلال اللقاء!
أما لاعب برشلونة أراخو، فقال: «لقد كان الفارق بين الفريقين كبيراً، وكان من الممكن أن تكون النتيجة أكبر من ذلك». وقال لابورتا إن اللاعبين قدموا «كل ما لديهم وأكثر». لكن الشيء المقلق حقاً هو أن لابورتا ربما يكون محقاً في تلك التصريحات، لأن لاعبي برشلونة ليس لديهم بالفعل ما هو أفضل من ذلك!
وعندما خسر برشلونة أمام بايرن ميونيخ في المباراة الأولى، كان الفريق الإسباني يلعب بطريقة دفاعية، بدا أنها تهدف في المقام الأول والأخير إلى الخروج بأقل الخسائر، وتحدث المدير الفني لبرشلونة آنذاك، رونالد كومان، عن ضرورة التحلي بالواقعية.
وبعد ذلك، استخدم جيرارد بيكيه العبارة التي أصبحت تتكرر كثيراً بعد ذلك؛ حيث قال: «هذا هو ما عليه الحال بالفعل. نحن كما نحن». وبعد ذلك، أشار بيكيه إلى أن وسائل الإعلام قد اجتزأت تصريحاته من سياقها الصحيح، وقال؛ إنه كان يتحدث عن اللاعبين الغائبين عن المباراة؛ أنسو فاتي، وسيرخيو أغويرو، وعثمان ديمبيلي، لكن الحقيقة أن ما قاله بيكيه كان بمثابة حكم واضح على الأمر برمته!
لقد أدت واقعية كومان إلى تقويض فريقه، بل ربما قدمت ذريعة للاختباء وراءها. لكن بديله، تشافي، كان حريصاً كل الحرص على الابتعاد عن مثل هذا الخطاب، وركز بدلاً من ذلك على التفاؤل، وقدم نهجاً مختلفاً تماماً، وبدأ يبحث عن هوية النادي المفقودة، لكن لم يكن لديه الوقت الكافي لتشكيل الفريق كما يريد، وقد لا تكون لديه العناصر التي تمكّنه من القيام بذلك بشكل كامل. وبعد الخسارة أمام بايرن ميونيخ مساء الأربعاء الماضي، ردد تشافي نفس التصريحات السابقة؛ حيث قال: «هذا هو واقعنا، ويتعين علينا مواجهته بكرامة».
إنه أمر لا مفرّ منه بعد كل شيء، فقد كانت هذه مجرد لحظة فاصلة أخرى من بين كثير من اللحظات الفاصلة، لكن هناك أملاً في أن تكون هذه هي اللحظة الأخيرة في هذه المسيرة المثيرة للإحباط. لا يقتصر الأمر على خسارة برشلونة مرتين أمام بايرن ميونيخ، فمن الممكن أن يحدث ذلك بشكل طبيعي، لكن المشكلة تكمن في أن برشلونة خسر بسهولة، وكان الفارق كبيراً للغاية بينه وبين الفريق الألماني، لدرجة أن برشلونة لم يكن منافساً حقيقياً، على حد تعبير تشافي، ولدرجة أنه استقبل 6 أهداف ولم يسجل أي هدف، وأنه فشل في التأهل من مجموعة تضم كلاً من بنفيكا ودينامو كييف، وأن هذه هي المرة الأولى التي يفشل فيها الفريق الكتالوني في تجاوز دور المجموعات منذ 20 عاماً.
وعلاوة على ذلك، يتخلف برشلونة عن متصدر جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز ريال مدريد بفارق 16 نقطة كاملة، وهو الأمر الذي لم يحدث أيضاً منذ سنوات طويلة، ويعكس «حقيقة» أخرى عن المشكلات الهائلة التي يعاني منها الفريق.
وعلى مدار العقد الماضي، سجل برشلونة 11 و16 و15 ديم بيلي و20 و9 و14 و9 و16 هدفاً في دور المجموعات، لكنه هذه المرة لم يسجل سوى هدفين فقط! وسجل هذه الأهداف 27 لاعباً، من بينهم ليونيل ميسي وأنطوان غريزمان، اللذين رحلا عن النادي مجاناً، وهي الأزمة التي كانت لها عواقب حقيقية ملموسة للغاية على الفريق. لقد سجل ميسي 5 أهداف في النسخة الحالية من دوري أبطال أوروبا مع باريس سان جيرمان، بينما سجل غريزمان 4 أهداف مع أتليتكو مدريد. وكان ميسي قد سجل 38 هدفاً الموسم الماضي، و219 هدفاً على مدى 5 سنوات. وقبل ميسي وغريزمان، رحل أيضاً لويس سواريز ونيمار.
لكن ما تبقى الآن، على حد تعبير بيكيه، يعكس التراجع التدريجي لفريق كان رائعاً في يوم من الأيام. ومع ذلك، فإن الأهداف ما هي إلا مجرد معيار تبسيطي واحد للأخطاء والمشكلات التي يعاني منها الفريق. في الحقيقة، يضم برشلونة حالياً مجموعة من اللاعبين الذين يحصلون على رواتب عالية جداً لا يستطيع النادي تحملها، لكنهم لا يقدمون المستويات المتوقعة منهم. وفي نفس الوقت، يضم النادي عدداً من اللاعبين الشباب الموهوبين وجيلاً ناشئاً مثيراً للإثارة، وهو ما يعني أنه إذا كانت التشكيلة الأساسية للفريق ليست جيدة، فإنها ليست بهذا السوء!
وقد تم تحليل الأمر من قبل خصومهم أيضاً؛ حيث قال توماس مولر إن برشلونة لديه المهارات والإمكانات الجيدة، لكن ليست لديه القوة التي تمكنه من اللعب على أعلى مستوى. وأشار ناغيلسمان إلى «الديون التي تسحب النادي لأسفل»، هناك كثير من الأسباب الأخرى وراء هذا التراجع، لكن تبقى الموارد المالية هي الأساس. وقال بوسكيتس: «لقد أوقعنا أنفسنا في هذه الفوضى. هناك كثير من العوامل التي تقودنا إلى هذا، ونحن جميعاً نعلم الوضع داخل هذا النادي».
في الحقيقة، هذا نادٍ يتهاوى ببطء من على القمة، نتيجة عدد هائل من الإخفاقات التي ارتكبها الرئيس السابق، جوزيب ماريا بارتوميو، والتي يمكن أن تملأ كثيراً وكثيراً من صفحات الصحف والمجلات، وهو الأمر الذي جعل الإدارة الجديدة ترث أزمات عميقة على كل المستويات تقريباً، كما أن هذه الأزمات تتفاقم بمرور الوقت. ورغم الشكوك حول طريقة تعامل الإدارة الجديدة مع هذه الأزمات، حتى التفاؤل بتجاوزها من جهة أخرى، فمن الواضح للجميع أنه ليس من السهل إيجاد حلول لهذه المشكلات. وعلى الرغم من أن تشافي يأتي بأفكار واضحة ولديه مصداقية وتصميم ورغبة في العمل الجاد، فلا يزال الطريق طويلاً. لكن في نفس الوقت، لا يمكن للنادي إبرام تعاقدات كبيرة بمبالغ مالية ضخمة لأنه يعاني من مشكلات مالية هائلة.
وعلاوة على ذلك، كان برشلونة يعتمد بشكل كبير على العائدات المالية التي يحصل عليها من مواصلة التقدم في دوري أبطال أوروبا، لكن فشله في الوصول لدور الستة عشر سوف يكلفه 9.6 مليون يورو، كما أن فشله في الوصول للدور ربع النهائي يكلفه 10.6 مليون يورو أخرى، وهي الأموال التي لا يمكنه تحمل خسارتها. حتى لو نجح الفريق في الفوز بالدوري الأوروبي، فسيكون مجموع الجوائز المالية التي سيحصل عليها 14.9 مليون يورو فقط.
وبعيداً عن حقيقة أن تشافي قال إنه يجب العمل على إعادة النادي إلى مكانه الصحيح «وهذا ليس الدوري الأوروبي»، وبعيداً عن المناقشات حول ما إذا كان الانتقال للعب في الدوري الأوروبي يمكن أن يكون مفيداً لبرشلونة، وأفضل له من حيث فرص العودة للعب في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، فإن السؤال الآن هو؛ من قال إن هذا الفريق قادر على الفوز بلقب الدوري الأوروبي؟ هذه المسابقة تضم بالفعل 3 أندية أفضل من برشلونة، وهذه الأندية من إسبانيا فقط، وتتفوق عليه في جدول ترتيب الدوري المحلي. لقد كان تشافي محقاً تماماً عندما قال: «هذه بداية حقبة جديدة».
برشلونة يتهاوى من القمة والإخفاقات الإدارية والفنية لم تجد حلاً
النادي الكتالوني اعتاد على هزائم مريرة... والخروج المهين من دوري الأبطال الأسوأ على الإطلاق
برشلونة يتهاوى من القمة والإخفاقات الإدارية والفنية لم تجد حلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة