سياسيون يطالبون بالتحقيق في «شبهة تزوير» بمؤهلات الدبيبة

جلسة سابقة لأعمال «ملتقى الحوار الليبي» في تونس (البعثة الأممية)
جلسة سابقة لأعمال «ملتقى الحوار الليبي» في تونس (البعثة الأممية)
TT

سياسيون يطالبون بالتحقيق في «شبهة تزوير» بمؤهلات الدبيبة

جلسة سابقة لأعمال «ملتقى الحوار الليبي» في تونس (البعثة الأممية)
جلسة سابقة لأعمال «ملتقى الحوار الليبي» في تونس (البعثة الأممية)

طالب عدد من أعضاء «ملتقى الحوار السياسي الليبي» النائب العام المستشار الصديق الصور، بفتح تحقيق عاجل في اتهامات بشأن «عدم حصول رئيس حكومة (الوحدة الوطنية) عبد الحميد الدبيبة، على مؤهل علمي»، ما يعني استبعاده من الترشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة.
وتحدث خمسة أعضاء في «الملتقى» في رسالة حملت تواقيعهم، واستندوا فيها إلى تقارير إعلامية، عن «عدم امتلاك رئيس الحكومة مؤهلاً علمياً يتمثل في شهادة البكالوريوس (أو الماجستير) التي تؤهله لتولي منصبه أو خوض الانتخابات الرئاسية»، مشيرين إلى أن الدبيبة نشر عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ما يفيد بحصوله على الماجستير من جامعة «ريجينا» الكندية عام 1990 في تخصص الهندسة المدنية، إضافة إلى شهادة دبلوم صادرة من كلية «سينيكا» الكندية للعلوم التطبيقية والتقنية.
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الاتصال بالمكتب الإعلامي للدبيبة، للتعليق على هذه «الاتهامات»، من دون رد من جانبه، لكن مقربين رأوا أنه «يتعرض لحملة تشويه كبيرة من خصومه السياسيين، منذ إعلان ترشحه لرئاسة ليبيا».
ولفت أعضاء الملتقى، الذين خاطبوا هيئة الرقابة الإدارية، والمستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، ومفوضية الانتخابات، إلى أن الدبيبة سبق أن نشر عبر صفحته القديمة التي كان يديرها قبل توليه رئاسة الحكومة، ما يفيد بحصوله على البكالوريوس من «ريجينا»، وليس الماجستير كما أوضح سابقاً، وذلك في معرض رده على حملة تشويه تستهدفه.
وذهب الموقعون على البيان، ومنهم السيدة اليعقوبي ومحمد أبو عجيلة، إلى أن الأوراق التي تقدم بها الدبيبة إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لترشحه لرئاسة الحكومة في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، أفادت بحصوله على شهادتي البكالوريوس والماجستير من جامعة «تورونتو» عامي 1989 و1992 في تخصص الهندسة المدنية، بالإضافة إلى دبلوم متوسط من معهد الهندسة التطبيقية بطرابلس.
وقال الأعضاء إن الدبيبة، وهو يقدم نفسه لأعضاء «ملتقى الحوار السياسي» عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في الثالث من فبراير (شباط) الماضي، أكد على الهواء وأمام جميع الليبيين حصوله على شهادتي الماجستير والبكالوريوس من كندا، وعدم إشارته لامتلاكه أي مؤهلات غيرها سواء كانت صادرة من ليبيا أو من خارجها، ما عدوه تضارباً بين ما قدمه في ملف ترشحه وما سبق ونشره عبر حسابه الشخصي.
واعتبر الأعضاء أن القوانين والتشريعات النافذة تجرم استخدام «المستندات المزورة» بمختلف أنواعها وأشكالها لأي غرض كان، سواء من المواطنين أو الموظفين العامين، وأن «ما أثير من لغط وشبهة في هذا الصدد يمس سمعتهم» بوصفهم أعضاء بـ«ملتقى الحوار السياسي» الذي أنتج السلطة التنفيذية. وطالبوا بإجراء تحقيق عاجل في كل ما ورد برسالتهم «وأخذ الأمر على محمل الجد لإظهار الحقيقة وتبرئة ساحتهم من أي شبهات متداولة».
وسبق أن تداولت وسائل إعلام محلية وقائع تتعلق بتزوير عدد من وزراء الحكومة شهادات جامعية ومؤهلات علمية للحصول على مناصب قيادية بها. وفتحت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا تحقيقاً في هذا الملف، وطالبت الحكومة بموافاتها بالسير الذاتية للوزراء وصور من مؤهلاتهم العلمية، لمراجعتها والتثبت من صحتها.
وعادة، لا تعلن نتائج مثل هذه التحقيقات في ليبيا، في حينها، إذ يتم التكتم عليها نهائياً، أو يتم فتحها لأغراض سياسية بعد ترك المسؤولين مواقعهم القيادية.
وفور الحديث عن المؤهلات العلمية للدبيبة، سارع سياسيون ونشطاء بمخاطبة جامعة «ريجينا» الكندية للوقوف على صحة شهادات الدبيبة من عدمها. وقال الدكتور مصطفى الفيتوري، وهو من الموالين للنظام السابق، إنه تلقى رداً من الجامعة بعد مراسلتها بصفته صحافيا، نفت فيه «أن يكون الدبيبة قد تخرج منها أو حصل على أي شهادة علمية». ورأى الفيتوري أن «كل المزايا التي نالها الدبيبة، بما فيها راتبه وتعيينه طيلة فترة عمله غير قانونية، وعليه التخلي عن أي مزايا بما فيها الدرجة الوظيفية»، بالإضافة إلى «الاعتذار من الليبيين والانسحاب فوراً من الحياة العامة». وكان تقرير مسرب لخبراء الأمم المتحدة، تحدث عن شبهات فساد تتعلق بـ«ملتقى الحوار السياسي الليبي»، خلال انعقاده في تونس نهاية العام الماضي، قبيل التصويت على اختيار السلطة التنفيذية المؤقتة بشكلها الحالي.
وأفاد التقرير حينها بأن عضوين في المنتدى «قدما رشاوى تتراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف لثلاثة أشخاص على الأقل مقابل الالتزام بالتصويت لعبد الحميد الدبيبة كرئيس للوزراء».
وفي فقرة من تقريرهم اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أفاد الخبراء بأن أحد المندوبين «انفجر غضباً في بهو فندق فور سيزن بتونس العاصمة عند سماعه أن بعض المشاركين ربما حصلوا على ما يصل إلى 500 ألف دولار مقابل منح أصواتهم إلى الدبيبة، بينما حصل هو فقط على 200 ألف دولار».
وللحد من تصاعد هذه الاتهامات، قالت ستيفاني ويليامز المبعوث الأممية بـ«الإنابة» حينها، إن التقارير المتعلقة بشبهات الفساد وتقديم الرشى لأعضاء الملتقى أحيلت إلى فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.