عمرو سلامة: المخرجون السعوديون قادرون على صنع موجة سينمائية جديدة

تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن كواليس فيلمه المصري «بَرّا المنهج»

المخرج المصري عمرو سلامة (حسابه على فيسبوك)
المخرج المصري عمرو سلامة (حسابه على فيسبوك)
TT

عمرو سلامة: المخرجون السعوديون قادرون على صنع موجة سينمائية جديدة

المخرج المصري عمرو سلامة (حسابه على فيسبوك)
المخرج المصري عمرو سلامة (حسابه على فيسبوك)

يستعيد المخرج المصري عمرو سلامة عالم الطفولة عبر فيلمه الجديد «بَرّا المنهج» الذي يشارك به ضمن فعاليات الدورة الأولى من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» السعودي. ويتناول الفيلم قصة طفل يتيم عمره 13 سنة، يكتسب احترام زملائه عندما يدخل بجرأة أحد البيوت المهجورة أمام مدرسته وهو ما يخشاه أقرانه، ليكتشف وجود عجوز يعيش مختبئاً بداخله، فتنشأ بينهما صداقة تقودهما إلى رحلة لاكتشاف الذات.
الفيلم بطولة ماجد الكدواني، وروبي، وأحمد أمين، وأحمد خالد صالح، والطفل عمر شريف.
وأكد سلامة في حواره مع «الشرق الأوسط» أنّه يطرح من خلال الفيلم قصة إنسانية يتمنى أن تكون ممتعة للجمهور... «قصة الفيلم مستوحاة من أحداث واقعية عشتها، وكنت أتمنى أن أقولها».
ويفسر سلامة أسباب اهتمامه بمرحلة الطفولة قائلاً: «أعتقد أنّ هذا يعود إلى أسباب نفسية في المقام الأول؛ فأنا أراها تنطوي على كثير من البراءة، ومن السهل التواصل معها، كما أنني أحب ثيمة النضوج وأحب حكيها، وهي تليق بهذا السن الذي يتشكل فيه الإنسان ويتحول من طفل إلى رجل. هذه وسيلة لحكي قصص معينة قد لا تليق بأعمار أخرى».
واختار سلامة الفنان ماجد الكدواني لبطولة الفيلم أمام الطفل عمر شريف. وعن ذلك يقول: «ماجد كان في ذهني منذ أن استقرت الفكرة في رأسي قبل 10 سنوات، وبعدما كتبت السيناريو وجدته هو الوحيد الذي تنطبق عليه مواصفات الشخصية؛ بينما واجهنا صعوبة نسبية في اختيار الطفل، واضطررت لإجراء اختبارات أداء لعدد كبير من الأطفال حتى اخترت الطفل عمر شريف».
ورغم كتابته الفيلم؛ فإن عمرو سلامة ينفي انحيازه إلى «سينما المؤلف»، مؤكداً: «لست بالضرورة مع (سينما المؤلف)، الأمر يخضع للصدفة؛ فقد تكون لديّ أفكار عديدة أرغب في كتابتها وإخراجها، لكن هذا لا يمنع من أن أخرج أعمالاً لكتاب آخرين، إنني بطبيعتي منفتح، وقدمت عدداً من الأعمال من تأليف كتاب آخرين، مثل مسلسل (طايع)، و(بيمبو) الذي سيعرض قريباً على منصة (شاهد)».
وعبّر المخرج الشاب عن سعادته بمشاركته في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، قائلا: «وجود مهرجان سينمائي في السعودية أراه خطوة مهمة لصناعة السينما العربية بشكل عام، خصوصاً في ظل وجود جمهور يحرص على مشاهدة الأفلام، مما سيؤدى إلى حراك كبير في المشهد الثقافي والسينمائي العربي، فالسعودية لديها جمهور كبير جداً من عشاق السينما، وأتوقع ظهور جيل جديد من صناع الأفلام الشباب بالسعودية، وهم قادرون على صنع موجة جديدة في السينما العربية ستؤكد وجودها خلال السنوات المقبلة».
ودخل سلامة في شراكة إنتاجية مؤخراً مع المنتج والسيناريست محمد حفظي، لكنّه ينفي أن تحتكر الشركة إنتاج أعماله، ويقول: «ليس بالضرورة أن أتعاون مع الشركة فقط، وليس بالضرورة أن تنتج كل أعمالي. نعم تجربة الإنتاج صعبة، ولست متأكداً من إمكانية تحقيقها بالشكل الأمثل، لكنّي أتعلم منها كثيراً، وهي تجعلني أنظر للإخراج من وجهة نظر مختلفة، وتظل في كل الأحوال تجربة مفيدة حتى وإن بدت صعبة في البداية».
وعُرض بعض أعمال المخرج عبر منصات رقمية مثل «ما وراء الطبيعة» الذي عرض على «نتفليكس»، كما أنّه من المقرر عرض مسلسله «بيمبو» قريباً على «شاهد»، وهو لا يخشى على السينما من المنصات، مشيراً إلى أنّ «وجود (البلات فورم) لن يقضي على صناعة السينما، وقد تردد هذا الأمر عند ظهور التلفزيون وبعده الأطباق الفضائية، ووسائل العرض الإلكترونية، لكن سيظل سحر السينما موجوداً ولن ينتهي، والمنصات تتيح حكي قصص بأشكال مختلفة، هناك قصص أشعر أنها تصلح للمنصات، وأخرى تصلح للسينما، وثالثة للتلفزيون، مما يوجد خيارات عديدة في الحكي، وهو ما يفيد صناعة السينما بشكل عام».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».