توجه الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أمس، إلى البرلمان لتقديم أول مشروع موازنة عامة بعد توليه الرئاسة، ويستهدف نمواً اقتصادياً بنسبة 8 في المائة خلال العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس (آذار)، مستنداً في خطته إلى صادرات تبلغ 1.2 مليون برميل من النفط الخام يومياً، على أساس سعر 60 دولاراً للبرميل، بينما ينذر الوضع القاتم في محادثات فيينا بتشديد العقوبات الأميركية على القطاع النفطي الإيراني.
وأوردت وسائل إعلام حكومية قيمة الموازنة اسمياً عند 15052 تريليون ريال؛ أي ما يعادل 50.2 مليار دولار بسعر السوق الحرة للعملة الإيرانية.
والميزانية الجديدة أكبر بنحو 10 في المائة من الميزانية الحالية بسعر العملة المحلية رغم أن قيمتها الحقيقية أقل بسبب التضخم السنوي الذي يقترب من 45 في المائة.
ودافع رئيسي عن «إصلاح» هيكل الموازنة، مشيراً إلى أنه يتطابق مع توصيات «المرشد» الإيراني علي خامنئي. وتعهد بأن تعمل على تحسين أوضاع الاستثمار وخلق فرص العمل، ومعالجة الأضرار الاقتصادية؛ بما في ذلك التضخم المتزايد. وقال: «هذه القضايا تتطلب منا إعادة النظر فيما أنجز حتى الآن، وما يجب القيام به».
وعلى غرار خطاباته الأخيرة، اكتفى رئيسي بلغة الإشارة في إلقاء اللوم على سياسة الإدارة السابقة في الاتفاق النووي، وسياستها إزاء العقوبات، دون أن يتطرق إلى المفاوضات الجارية في فيينا. وقال: «الإشكالية الجدية التي كان يعاني منها الجميع هو ربطهم الاقتصاد بإرادة الأجانب. كان من الممكن العمل بالاعتماد على الطاقات الداخلية والطاقة البشرية المتراكمة... لكن الآن لدينا مشكلات اقتصادية».
وأشار رئيسي إلى أن «الاقتراض من البنك المركزي وزيادة القاعدة النقدية، خط أحمر في موازنة العام الجديد».
وتتوقع الحكومة؛ بحسب مسودة المشروع، أن تتمكن من تصدير 1.2 مليون برميل يومياً، رغم استمرار العقوبات الأميركية. ويقدر مشروع الموازنة سعر صادرات النفط عند 60 دولاراً للبرميل، بزيادة 10 دولارات مقارنة بالعام الماضي. وكان من المتوقع أن تصل صادرات إيران إلى 1.5 مليون برميل يومياً، لكن من الناحية العملية، قلصت العقوبات ذلك إلى أقل من مليون، بحسب ما نسبت وكالة «بلومبرغ»، أمس، إلى محللين.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) ، قُدرت واردات الصين من النفط الإيراني بأكثر من 500 ألف برميل في اليوم، في حين بلغت التقديرات الإيرانية لإجمالي الصادرات 900 ألف برميل يومياً. والصين أكبر مستورد للنفط الإيراني. والأسبوع الماضي، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن وفداً من وزارة الخزانة الأميركية سيتوجه إلى الدول التي لديها تعاملات تجارية واقتصادية مع إيران، مثل الصين وماليزيا... وغيرهما، لتحذير الشركات هناك من تعرضها لعقوبات أميركية في حال عدم وقف التعامل التجاري مع إيران.
- نمو 8 %
وأفادت «رويترز» بأن رئيسي قال للبرلمان في كلمة بثها التلفزيون الرسمي مباشرة إن «مشاريع النمو تشمل 4.5 في المائة في نمو الاستثمار، و3.5 في المائة في نمو الإنتاجية».
ونقلت مواقع إيرانية عن رئيسي قوله إن الموازنة في جميع القطاعات تتوقع نمواً يصل إلى 8 في المائة، مشيراً إلى أن حكومته تتوقع نمواً يعادل 11.4 في المائة في قطاع السكن، و9 في المائة بالزراعة، و12.6 في المائة بالقطاع الصناعي، و7.9 في المائة بقطاع النفط والمناجم الأخرى، و5 في المائة بقطاع الطاقة.
وتتعين موافقة اللجان البرلمانية على مشروع الموازنة العامة في فترة لا تتجاوز 55 يوماً في أجل أقصى، قبل عرضه على «مجلس صيانة الدستور» الخاضع إلى «المرشد» الإيراني، الذي ينظر في التشريعات قبل أن تصبح قانوناً.
- موازنة «الحرس الثوري»
وذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن مشروع الموازنة العامة يخصص 4.5 مليار يورو (نحو 5 مليارات دولار) لتعزيز برنامج الدفاع الإيراني والأبحاث الاستراتيجية. أما موازنة «الحرس الثوري» في حكومة إبراهيم رئيسي؛ فقد رصدت مسودتها 930 ألف مليار ريال. وكانت حكومة الرئيس السابق حسن روحاني قد طلبت موازنة تصل إلى 6.5 مليار دولار؛ خمس الموازنة العامة للأجهزة العسكرية والأمنية، والشرطة. وكانت حصة «الحرس الثوري» وكياناته في موازنة العام الماضي ثلث الموازنة المقترحة؛ ما يعادل 550 ألف مليار ريال (2.3 مليار دولار)، لكن البرلمان أقر في نهاية المطاف 890 ألف مليار ريال، من مارس 2021 إلى مارس 2022.
وجاء تدخل البرلمان في موازنة «الحرس الثوري» رغم أن مقترح روحاني زاد الموازنة بنسبة 58 في المائة، مقارنة بموازنة 2020 - 2021.
ويملك «الحرس الثوري» موازنة داخلية غير معروفة نظراً لنشاطه الاقتصادي وحساباته المصرفية المجهولة.
- دولار من دون دعم حكومي
ويشير مشروع الموازنة إلى وقف الدعم الحكومي لسعر الدولار الذي يعادل سعره الحكومي 42 ألف ريال، وتخصصه الحكومة لاستيراد السلع ودعم الوزارات. فيما وصل سعر الدولار الواحد في الأسواق الحرة الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياته في فترة رئيسي، عندما وصل في السوق الحرة إلى 314 ألف ريال، واقترب من حدود الرقم القياسي لسعر الدولار (320 ألف ريال) في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وقالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن الدولار «واصل مسار الانخفاض بعدما نشط السماسرة والتجار في رفعه تحت ذريعة مفاوضات الاتفاق النووي»، وأضافت: «بالتزامن مع تقديم مشروع الموازنة إلى البرلمان، تسارع الانخفاض، وبات على وشك الدخول إلى مجال 290 ألف ريال». وعلى نقيض ذلك؛ ذكر موقع صرف العملة «بونباست دوت كوم» على الإنترنت أن الدولار بيع بسعر 302 ألف ريال في السوق الحرة، وهو المستوى الذي كان عليه قبل أن يرتفع بنسبة 6 في المائة، بعد تعثر المفاوضات، قبل 10 أيام. وحذر خبراء اقتصاديون، الشهر الماضي، من إغراق الحكومة في مستنقع الديون، وإفلات التضخم، إذا أقر البرلمان حذف سعر الدولار المدعوم حكومياً، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ويعرف السعر المدعوم حكومياً باسم «دولار جهانغيري»؛ في إشارة إلى خطة إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس السابق، وبدأت الحكومة السابقة في 9 أبريل (نيسان) 2018 تطبيقها بهدف السيطرة على أزمة الدولار، قبل أن يخصص لدعم شراء السلع الأساسية، وتلبية حاجات بعض الوزارات، مثل وزارة الصحة.
رئيسي يقدم أول موازنة عامة بعد توليه الرئاسة
توقعات بزيادة تصدير النفط إلى 1.2 مليون برميل يومياً
رئيسي يلقي كلمة عن الموازنة الجديدة في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي يقدم أول موازنة عامة بعد توليه الرئاسة
رئيسي يلقي كلمة عن الموازنة الجديدة في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة


