طوابير من السوريين للحصول على جواز سفر

المستعجل منه يصل إلى 1000 دولار رغم التعريفة الرسمية

طابور أمام مبنى فرع الهجرة والجوازات في حماة وسط سوريا
طابور أمام مبنى فرع الهجرة والجوازات في حماة وسط سوريا
TT

طوابير من السوريين للحصول على جواز سفر

طابور أمام مبنى فرع الهجرة والجوازات في حماة وسط سوريا
طابور أمام مبنى فرع الهجرة والجوازات في حماة وسط سوريا

تشهد مراكز وفروع الهجرة والجوازات السورية في مناطق النظام السوري طوابير «غير مسبوقة» من آلاف المتقدمين للحصول على جوازات سفر بشتى الوسائل، بما فيها الرشاوى والوساطات، هرباً من الوضع الاقتصادي المتردي وغياب الأمن.
في أحد تلك الطوابير، تحدث محمد (26 عاماً) من محافظة حماة، عن معاناته للحصول على جواز سفر، وقال: «فقر وجوع وحاجة وانعدام أمن، كلها أسباب تدفعني وآلاف السوريين في الآونة الأخيرة، للتفكير بمغادرة البلاد سعياً للحصول على حياة كريمة في أي مكان في هذا العالم». كان مشهد الطابور الطويل اليومي، على مدخل فرع الهجرة والجوازات في مدينة حماة، بمظاهر التدافع والازدحام، يعكس الواقع الحقيقي للحياة وأحوال الناس التي ترغب في مغادرة البلاد.
منذ اللحظة التي عزم فيها محمد على السفر خارج سوريا، الذي لا يتم بدون جواز سفر، بدأت المعاناة، فالحصول على الأوراق الثبوتية (إخراج قيد وورقة خدمة العلم)، تتطلب معرفة شخص (وسيط) مقرب من الدائرة، أو دفع رشوة لأحد الموظفين، لاستخراجها بأسرع وقت. «توجهت إلى فرع الهجرة والجوازات في حماة، فهالني طابور من البشر، رجال ونساء وكبار وصغار، يمتد لأكثر من 200 متر، وسط مشهد من التزاحم، كلهم أتوا للحصول على جوازات سفر». أمام هذا المشهد المحبط، عاد إلى المنزل، وقرر في اليوم الثاني الذهاب مبكراً، يقول، لدى وصولي، وجدت أمامي عشرات الأشخاص ضمن طابور قصير، ومع بدء أوقات الدوام الرسمي، بدأ الطابور يمتد، وبسبب خلل فني، طلب من الأشخاص العودة إلى بيوتهم ومعاودة المحاولة في يوم آخر. «قررت عندها التحدث إلى أحد أصدقائي للوصول إلى شخص يمتلك نفوذاً في مؤسسات الدولة، وبالفعل تمكنت من الوصول إلى ضابط أمن طلب مني الحضور في اليوم التالي إلى مبنى الهجرة في حماة، على أن يساعدني مقابل 800 دولار أميركي. كنت قد بعت دراجتي النارية وأساور ذهب لأختي، كي أؤمن المبلغ. في اليوم التالي ذهبت بحسب الاتفاق، جاء أحدهم إلى المكان وأخذ الأوراق المطلوبة. دخل إلى المبنى وغاب مدة لا تتجاوز الساعة، ليخرج وبيده جواز سفر باسمي، ويقول لي (مبروك). دفعت المبلغ المتفق عليه، وغادرت المكان فرحاً، والآن أنا أستعد للسفر (لم يوضح الوجهة حرصاً على حياته وأهله)».
أما أحمد (44 عاماً) وهو أحد أبناء حي برزة في العاصمة دمشق، فتحدث عن رغبة عارمة لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب السوري للمغادرة خارج البلاد، وأنه «رغم أن وزارة الداخلية حددت طريقة الحصول على جواز السفر للمواطنين (المستعجل داخل سوريا يصدر خلال يوم، بتكلفة تصل إلى 100 ألف ليرة سورية (نحو 30 دولاراً)، وجواز السفر العادي 13 ألف ليرة سورية (نحو 3.71 دولار)، فإن حالة الازدحام والطوابير أمام مباني الهجرة والجوازات من قبل المواطنين في العاصمة دمشق، فتحت أمام ضعاف النفوس من الموظفين والسماسرة مورداً مادياً غير مشروع، من خلال إصدار جواز سفر مقابل مبلغ مادي يتفق عليه، قد يصل أحياناً إلى 1000 دولار، وهذا ما جرى معي أنا شخصياً عندما قررت قبل أيام الحصول على جواز سفر، وكان مشهد الطوابير صدمة كبيرة، أجبرتني على دفع المبلغ، لأتفادى الازدحام وأحصل على جواز سفر بأسرع وقت».
يقول «م.ع» موظف لدى أحد الفروع السورية للهجرة والجوازات، إن البلاد تشهد في الآونة الأخيرة حالة غير مسبوقة للحصول على جواز سفر. وأضاف، أنه رغم التعميم الأخير الذي أصدرته وزارة الداخلية، لتسهيل إصدار جواز سفر للمواطن، فإن التعليمات لم تنفذ بدقة، وبقي الحال على ما كان عليه سابقاً، (وساطات ورشاوى). ويعمل كثير من الموظفين على تعقيد معاملة جواز السفر، للحصول على رشوة، هذا عدا الخلل التقني في الكومبيوترات الذي يعرقل إنهاء الحد الأقصى من الجوازات يومياً، تحت سقف العدد المحدد بحسب كل فرع. على سبيل المثال، فرع دمشق للهجرة والجوازات لديه مخصصات وتعليمات، بإصدار 300 جواز سفر يومياً، بينما ينتظر على باب الدائرة أكثر من 1000 مواطن يريد تقديم طلب للحصول على جواز.
مأمون الديب، ناشط حقوقي في حماة، يرى أن ارتفاع أعداد الراغبين من السوريين بمغادرة البلاد، أفرز ظاهرة طوابير يومية أمام مباني وفروع الهجرة بدمشق والمحافظات السورية الأخرى، بعد أن كانت الطوابير تسجل أمام محطات الوقود والأفران والمؤسسات الغذائية بسبب الأوضاع الاقتصادية الكارثية. ويعتبر مأمون أننا أمام مرحلة جديدة سعى إليها النظام وميليشياته مع حلفائه الإيرانيين والروس، لإفراغ البلاد من سكانها. وهذا الطلب العالي على جوازات السفر يعكس أيضاً قناعة لدى السوريين، بغياب أي أمل قريب بتحسن الظروف المعيشية والأمنية، ليبقى الحل الأبرز لدى السوريين، هو مغادرة البلاد والبحث عن حياة كريمة في أي بلد آخر.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.